سودانيون: «المصريين إخواتنا الجدعان».. وحسن الضيافة خفّف عنا
«حسن»: «ماقصَّروش معانا حكومة وشعب»
الأشقاء السودانيون الفارون من ويلات الحرب وجدوا حُسن الاستقبال والضيافة من أشقائهم المصريين
فرت آلاف الأسر السودانية إلى المعابر الحدودية مع دول الجوار هرباً من الحرب الطاحنة فى السودان، الكل يحاول الفرار إلى ملاذ آمن دون تخطيط مسبق ولا وجهة محددة، والكثيرون منهم قصدوا معبر «أرقين» البرى على الحدود المصرية السودانية ومنه إلى وادى كركر فى محافظة أسوان كمحطة مؤقتة لحين دخول القاهرة.
أهالى قرى وادى كركر يضربون أروع مثال فى الكرم والشهامة للقادمين إلى معبر أرقين الحدودى وفتحوا منازلهم لأشقائهم
فى قرى وادى كركر بالنوبة فى أسوان، ضرب الأهالى أروع مثال للكرم والشهامة فى مساندة السودانيين الذين تم إجلاؤهم من بلادهم عبر معبر أرقين الحدودى الفاصل بين مصر والسودان، ملحمة إنسانية عظيمة كتبها الأهالى، وأبدعوا فى طريقة استقبال السودانيين الذين وصفوا المصريين بـ«الإخوة الجدعان».
«عبدالله»: لمست الأمان والمودة بين المصريين
فى مطلع الشهر الجارى، وحين اشتدت الأزمة فى السودان وزادت أعداد الوافدين إلى محافظة أسوان، قرر المسئولون عن المدرسة السودانية هناك، فتح أبوابها لاستقبال الأسر السودانية بعد فرشها وتجهيزها لتصبح مكاناً مناسباً للإقامة كمحطة مؤقتة لحين تدبير أمورهم، وكان «عادل عبدالله» واحداً من هؤلاء السودانيين الذين استقروا بالمدرسة عدة أيام بعد وصوله عبر معبر أرقين البرى.
ترحاب واسع وكلمات لطيفة، وقعت على مسامع الشاب السودانى البالغ من العمر 35 عاماً، فور وصوله إلى محطة قطار أسوان بعد رحلة سفر شاقة وطويلة قطعها من العاصمة السودانية الخرطوم وصولاً إلى مصر، خففت وطأة المعاناة عليه، وأزالت رهبة الموقف من نفسه بمجرد أن لمس الأمان والمودة بين المصريين.
يومان كاملان فى المدرسة السودانية بأسوان قضاهما الشاب السودانى الذى جاء بصحبة والديه ليحتمى فى مكان آمن، لم يشعر خلالهما بالغربة، على حد وصفه، وكانت الوجبات الساخنة والمشروبات وزجاجات المياه توزع عليهم يومياً من الأهالى والجمعيات هناك فى أسوان، وتابع لـ«الوطن»: «ماكانش ناقصنا أى شىء وسط أهل أسوان، كلهم كرم وشهامة»، حتى استطاع تدبير أوضاعه واستأجر شقة واستقر بها تاركاً المدرسة السودانية.
«منى»: تربطنا صلة نسب وماء النيل
داخل القرية الرابعة من قرى وادى كركر ببلاد النوبة فى أسوان، استقرت «منى عثمان» بصحبة أبنائها الخمسة فى بيت الرجل النوبى «عوض أحمد» استقبلهم دون أى مقابل بمجرد علمه بوجود أسر عالقة قادمة فى معبر أرقين الحدودى، رغم بساطة المنزل إلا أنه كان ملاذاً آمناً لهم، وصفت ما فعله معهم العجوز النوبى بـ«الأمر المتوقع» من المصريين الذين تربطهم بهم صلة نسب وماء النيل.
ساعات طويلة، لم يتذكر عددها السودانى المصرى وليد محجوب، قطعها من حلفا بالسودان إلى معبر أرقين البرى فى الحدود مع مصر، وفور وصوله كانت فرق الهلال الأحمر المصرى فى استقبالهم تقدم الخدمات الطبية لمن يحتاج منهم، وبحسب قوله لـ«الوطن» وجدوا تسهيلات كبيرة من الحكومة المصرية فى إجراءات الدخول فور وصولهم إلى المعبر البرى.
وبجانب التسهيلات الحكومية والخدمات الطبية التى تقدمها فرق الهلال الأحمر المصرى للقادمين من السودان، لم يتأخر أهالى النوبة فى وادى كركر وأهالى أبوسمبل فى استضافة السودانيين بالحلوى والعصائر الباردة لتخفيف مشقة الطريق عليهم، حسب تعبير «محجوب»: «كانت لفتة طيبة من المصريين الذين أحسنوا استقبالنا، ورغم صعوبة السفر وطول المسافة بمجرد ما استقبلونا بترحاب ارتحنا واطمنا وحسينا إننا فى بلدنا التانى».
«الدولة المصرية ماقصّرتش معانا أبداً سواء حكومة أو شعب وده المتوقع منهم» بهذه الكلمات بدأ الدكتور أحمد حسن، السودانى القادم إلى مصر عبر معبر أرقين الحدودى، حديثه لـ«الوطن»، تعبيراً عن استقبال الشعب المصرى لهم ومساندتهم فى محنتهم الحالية.
ورغم فتح أبواب منزله بالكامل للسودانيين فى أسوان للإقامة مجاناً، رفض «أمين العجمى» تصوير ما فعله خوفاً من إحراج السودانيين المقيمين فى بيته، إلا أن السودانى «عبدالجواد محمد» أراد أن يعبر عن شكره وتقديره لموقف الشاب الأسوانى، بقوله إنه لم تربطهم أى صلة نسب ولا قرابة ولكن بات وكأنه أخ لهم فى مصر.
فور علم الأسوانى «أمين» بما حدث لأسرة «عبدالجواد» السودانى من خلال إحدى الجمعيات التنموية فى أسوان، قرر أن يفتح أبواب منزله لهم، وجهز سيارة خاصة ليأخذهم إلى منزله.
«الشاب المصرى كرمنا آخر كرم وما حسينا أبداً إننا أغراب بالعكس كأنه بيتنا»، هكذا عبر الرجل السودانى عن فرحته بحسن استقباله هو وأفراد أسرته.