«فوي فوي فوي» الفلسطيني.. فريق كرة قدم للمكفوفين حلم حققه أبناء جنين
فريق كرة قدم للمكفوفين
اجتمع ظلام أعينهم بظلام واقعهم الصعب، لم يشاهدوا ألوان الحياة ولم يخطف بصرهم لوحة فنية للطبيعة الخلابة بالواحات الخضراء يتخللها جداول المياه على أرض فلسطين، ليشق شعاع النور والبهجة طريقه مخترقا قلب الجدارية السوداء أمام أعينهم، بعد تأسيس أول فريق كرة القدم للمكفوفين.
اللعبة الأكثر شعبية بالعالم تبقى مصدر البهجة والسعادة لكل اللاعبين والجماهير حول العالم، وفريق كرة قدم للمكفوفين ظل حلما يراود تيسير عودة، مدير جمعية تأهيل ورعاية الكفيف ومدرسة النور للمكفوفين في جنين بدولة فلسطين، غير أن زيارة للجمعية من وفد فرنسي عام 2017، فتحت باب الأمل لتأسيس الفريق على مصراعيه، بوجود مدرب كرة قدم ضمن أعضاء الوفد «كان من ضمن أصدقائنا الفرنسيين خلال زيارة الجمعية مدرب كرة قدم وبدأنا نتكلم عن تأسيس الفريق».
تدريب للمكفوفين على لعب كرة القدم وزيارة لفرنسا لتعلم أصول اللعبة ومهام التدريب كانت البداية لتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين بفلسطين، «وقمنا بعمل معسكر تدريب لتدريب المكفوفين في المدرسة، وبعدها استدعونا لزيارتهم في فرنسا في نفس السنة ذهبت أنا ومعي سبعة من المكفوفين للمشاركة في تدريبات ونشاطات في فرنسا مع فرق للمكفوفين وحصلت أنا على التدريب في تلك الزيارة».
«أنا مدرب فريق كرة القدم للمكفوفين الفريق الوحيد في فلسطين» وفقا لحديث «عودة» لـ«الوطن»، لافتا إلى أن الحلم أصبح حقيقة وأصبح لفلسطين فريق ولاعبين من الفلسطينيين المكفوفين، «استمرت زيارات الفرنسيين إلى الجمعية سنويا نقوم بعمل معسكر تدريبي بحضورهم حيث كان الفريق يتكون من 10 لاعبين فوق 15 سنة و8 لاعبين تحت 15 سنة وبقى عندنا فريق لكرة القدم للمكفوفين على أرض فلسطين».
تجاوز الصعوبات واستكمال الحلم
ما إن أصبح الحلم حقيقة حتى واجه الفريق أول صعوبة وهو عدم وجود ملعب مخصص لممارسة كرة القدم، وفي عام 2019 بدأت الجمعية بإنشاء ملعب كرة قدم خاص بالمكفوفين، غير أن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن وتوقف الإنشاء بسبب جائحة كورونا التي أصابت العالم بالشلل عام 2020، وتوقف العمل بالملعب وتوقف التدريب حتى عام 2022، وتم استئناف العمل بالملعب وأصبح جاهزا للتدريب واللعب أبريل الماضي، «ظروف تأجيل إنشاء الملعب والتدريب جعلتنا لا نشارك ببطولات ولكن بعد أن صار لنا ملعب سوف نؤسس اتحادا لرياضة كرة القدم للمكفوفين وبعدها سنشارك في البطولات إن شاء الله».
الظروف التي تمر بها الأراضي الفلسطينية المحتلة تعيق عملية التدريب أحيانا، غير أن الإرادة الفولاذية للأبطال تجعلهم يتحدون الصعاب، «التدريب حسب الظروف والوضع العام في مدينة جنين أحيانا يكون التدريب كل أسبوع وأحيانا أخرى كل شهر خاصة إنه اليوم في عندي لاعبين من مناطق بعيدة صعب تجميعهم في يوم واحد، وبيكون على شكل معسكر لمدة ثلاثة أيام 3 ساعات صباحا و3 ساعات مساء».
أحلام ليس لها حدود رغم الواقع الصعب
«حاليا نعمل على تشكيل فرق في جميع محافظات فلسطين»، بحسب ما ذكر مؤسس فريق كرة القدم للمكفوفين بفلسطين 50 سنة، لافتا إلى أنه بالأساس لاعب كرة قدم سابق، والفريق الحالي هو تابع للمدرسة والتي تتبع للجمعية، وأنه يطمح إلى تكوين فريق للنساء ليكون أول فريق للنساء الكفيفات بفلسطين، كما ينشئ الآن حديقة ترفيهية وتعليمية وحسية خاصة بالمكفوفين «الفريق الآن في حوالي 30 لاعبا ونحن بصدد عمل فريق للفتيات، ونحن في أقرب وقت سوف نفتتح حديقة ترفيهية وتعليمية وحسية خاصة بالمكفوفين فكرتي وتصميمي».
الفيلم المصري فوي فوي فوي
«فوي فوي فوي كلمه إسبانية يرددها اللاعبون المكفوفون داخل الملعب» بحسب «عودة»، يستخدمها المكفوفون لكي يتعرفوا على بعضهم من بصمة الصوت، وحفاظا على الأمان والحماية ولتحديد مكان كل فرد من أفراد الفريق داخل المعلب خلال المباراة، مشيرا إلى رغبته في مشاهدة الفيلم المصري فوي فوي فوي إذا أتيحت له الفرصة، «للأسف ما شاهدت الفيلم وبتمنى أكيد أشوفه إذا صار نصيب».
سعادة كبيرة يشعر بها المكفوفون خلال ممارستهم لعبة كرة القدم جعل من الأمر ليس مجرد رفاهية بل أمرا حتميا وضروريا ومهما بحياتهم اليومية، «أكيد يكونون مبسوطين خاصة لأنهم مكفوفون وما عندهم مجال للترفيه إلا بهذه الطريقة والخروج من أجواء المنزل والتفريغ النفسي مهم جدا بالنسبة لهم كذلك تساعدهم الرياضة بالاندماج مع المجتمع».