الدكتور محمد مختار جمعة يكتب: النبي معلما ومربيا..
محمد مختار جمعة
لقد كان رسولنا محمد، صلى الله عليه وسلم، نعم القدوة لأمته وللإنسانية جمعاء، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ الله كَثِيراً». فقد كان النبى العدنان، صلى الله عليه وسلم، خير الناس لأهله، حيث يقول المصطفى، صلى الله عليه وسلم: «خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى».
وقد كانت حياة النبى الهادى، صلى الله عليه وسلم، ترجمة حقيقية لأخلاق وقيم القرآن الكريم، فعن سعد بن هشام بن عامر، قال: أتيت عائشة، رضى الله عنها، فقلت: يا أم المؤمنين، أخبرينى بخلق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت: كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن، قول الله، عز وجل: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ».
ولنأخذ بعض النماذج من سيرته صلى الله عليه وسلم فى الدعوة إلى الله، عز وجل، بالحكمة والموعظة الحسنة، منها ما كان منه صلى الله عليه وسلم عندما قام أعرابى فبال فى المسجد وهمَّ به بعض الحاضرين، فقال لهم سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «دعوه وهريقوا على بوله سجلاً من ماء، أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين».
وعن أبى أمامة، رضى الله عنه، قال: إن فتى شاباً أتى النبى، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، ائذن لى بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه، مه، فقال: «ادنه»، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: «أتحبه لأمك؟» قال: لا والله، جعلنى الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأمهاتهم» قال: «أفتحبه لابنتك؟»، قال: لا والله يا رسول الله، جعلنى الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لبناتهم» قال: «أفتحبه لأختك؟» قال: لا والله، جعلنى الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لأخواتهم»، قال: «أفتحبه لعمتك؟» قال: لا والله، جعلنى الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لعماتهم»، قال: «أفتحبه لخالتك؟» قال: لا والله، جعلنى الله فداءك، قال: «ولا الناس يحبونه لخالاتهم» قال: فوضع يده عليه، وقال: «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه»، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شىء. وعن معاوية بن الحكم السلمى، رضى الله عنه، قال: بينا أنا أصلى مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرمانى القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أمياه؛ ما شأنكم تنظرون إلىّ؟! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتوننى، لكنى سكت، فلما صلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فبأبى هو وأمى؛ ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه؛ فوالله: ما كهرنى، ولا ضربنى، ولا شتمنى، قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شىء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن..»، وهكذا فى سائر مواقفه صلى الله عليه وسلم كان نعم القدوة ونعم المعلم ونعم المربى، وما أحوجنا إلى حسن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم فى مختلف جوانب حياتنا، لنسعد فى الدارين.