أنقاض غزة تحتضن أبناءها النازحين من جديد: «هنعمّرها»
نازحون يعيشون على أنقاض منازلهم
مبانٍ مدمرة كلياً وجزئياً، وشقق سكنية لم يتبقَّ منها سوى جدران وبقايا أثاث وملابس، دمرتها قذائف الاحتلال وصواريخه، لكن عائلات فلسطينية قررت العودة إلى قطاع غزة فى ظل الهدنة المؤقتة التى نجحت مصر فى التوصل إليها مع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، رافعين شعار «راح نبنى ونعمّر.. ولو هدموها مليون مرة راح تبنيها الأجيال».
أنقاض «غزة» تحتضن أبناءها النازحين
على أنقاض منزلها المتهدم، جلست راوية نشيبة، البالغة من العمر 47 عاماً، تعد الفطور لأطفالها الـ3 وأطفال جيرانها، بعدما استطاعت الحصول على بعض أرغفة الخبز أثناء العودة من خان يونس إلى غزة بعد 38 يوماً من النزوح خوفاً على حياتهم، تبدأ «راوية» فى تسخين الخبز على كسرات الحطب، ثم تحضر ساندوتشات عبارة عن «جبن وفلفل وقوطة»، وفقاً لها: «بعد الهدنة فكرنا نرجع، عارفين إن بيتنا بقى عبارة عن جدران، لكن حالفين لنرجع ونعمّر، وأول ما جيت بدأت أعمل ساندوتشات جبنة لأطفالى لحد ما نستلم الطحين من الأونروا».
تحت سقف مُهدم فى منطقة عبسان بغزة، أنشأ زوج «راوية» خيمة قماشية للعيش بداخلها خوفاً من الشتاء، لتجلس بها هى وأطفالها، تقوم بتمشيط شعر طفلتها «روان»، البالغة من العمر 12 عاماً، والتى استطاعت العثور على ألعابها تحت أنقاض منزلها: «عملنا خيمة، وهنقعد فيها بكرامة لحد ما نعيد بناء بيتنا، بنتى إجت بحثت عن ألعابها ولقيتها تحت الأنقاض، وبالكاد قدرنا نلاقى أواعى نلبسها لحد ما بنشوف إيش هنعمل».
عودة النازحين إلى غزة
بين الجدران المتهدمة جلس 4 أطفال يعدون أكلة تسمى «السلطة الغزاوية»، وهى عبارة عن فلفل حار وطماطم وعين جرادة وبصل وملح وعصير الليمون، على كسرات من الحطب، وفق الطفل عبود الأحمد: «ما لقينا طعام، لكن قادرين نعيش بالسلطة الغزاوية، وهى أبسط طبق ممكن ناكله بالعيش، قعدنا نساعد ماما بعد ما حصلنا على مكونات الطبق وإحنا راجعين من خان يونس».
يتمنى الصغار أن يعيدوا بناء منزلهم المتهدم، وأن تنتهى الحرب ويعودوا إلى مدرستهم، وفق «الأحمد»: «والله كبرنا 100 سنة، هاى الحرب كبّرتنا ودمرتنا وقضت على طفولتنا، لكن بنحاول نرجع ونعيش، ونفسنا تنتهى علشان نعرف نبنى بيوتنا مرة تانية، كلنا بنتجمع تحت السقف المتهدم وفى الليل بننام على الحجارة، ما عارفين هل هنطوّل هون أم سيطردنا الاحتلال مرة تانية».
«أنتريه بنى اللون» هو آخر ما تبقى من أثاث منزل على القواسمى بشمال قطاع غزة، إذ ظل صامداً أمام قذائف قوات الاحتلال رغم انهيار سقف المنزل، صممت الطفلة «رهف» على الجلوس عليه بعدما وصلت إلى منزلها المدمر، والتقاط صور له لتكون شاهدة على ما حطمه الاحتلال، وفق والدها: «مع بدء الهدنة رجعنا إلى منازلنا، لكن عارفين إنها منهارة، ورهف صممت على التقاط صور له لتحدى للاحتلال».
تهدّم المنزل وصمد علم فلسطين، ظل معلقاً على جدار منزل عائلة حمدان دلاشة، ليكون شاهداً على عودتهم مرة أخرى إلى الدار، وفقاً له: «لما رجعنا لقينا العلم زى ما هو رغم تهدم سقف البيت، راح نعمل خيمة ونقعد فيه لحد ما نبنيه، وهاد الأطفال بيناموا وراء ستار، وبياكلوا فول وعيش».