طفلة الكرواسون وحذاء الشهيدة وصغير يلقّن شقيقه الشهادة.. مشاهد مأساوية لا تُنسى من «مجزرة المعمداني»
طفلة الكرواسون
«أطباء بلا حدود»: مجزرة مروّعة تتطلب وقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين العزل
لم ينسَ العالم المشاهد التى تداولتها مختلف وسائل الإعلام فى تلك الليلة، سالت دماء الرُّضع والأطفال والشباب والنساء والمسنين، لم ينجُ مريض أو نازح من نيران القصف الإسرائيلى على المستشفى المعمدانى، وكانت الفيديوهات الموثّقة شاهدة على جرائم الاحتلال، ولن يخفيها الزمن، لتظل وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم.
تحولت صورة «طفلة الكرواسون» إلى أيقونة قصف «المعمدانى»، إذ انتشرت صورتها كالنار فى الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعى والصحف والقنوات، والصورة لطفلة تُدعى «سوار»، تمسك بيدها الملطخة بالدماء قطعة «كرواسون» وعملة معدنية، نجت مرة من قصف منزلها فى حى الزيتون، لتحتمى وأسرتها بالمستشفى، لتلاحقها صواريخ الاحتلال مرة أخرى، لكنها ترفض الاستسلام، وتنجو بروحها، لتبقى فى ذاكرتها حكايات مؤلمة ترويها لأبنائها وأحفادها.
مشهد آخر أثار حزن العالم، وهو حذاء طفلة شهيدة، ملطخ بالدماء، استهدف الاحتلال جسدها الصغير، ولم يتبقّ منه سوى تلك القطعة التى ترتديها فى أقدامها، لتوثّق هذه الجريمة البشعة جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، كما انتشرت صورة لأطفال وشباب فى أكفان بيضاء، أجسادهم مسجاة على الأرض ووجوههم تعلوها ابتسامة اطمئنان، فهم شهداء، انتهت معاناتهم أخيراً على أرض قطاع غزة الجريح.
أحد الفيديوهات المأساوية التى خلّفها قصف «المعمدانى» كانت لأب يحمل أشلاء طفليه بين يديه فى كيسين.. يهرول نحو الخارج، حاملاً ما تبقى منهم، معبّراً عن آلامه صارخاً: «أولادى ماتوا وهذه أشلاؤهم»، ومن المشاهد المأساوية، ظهور طفل صغير يُدعى «مهدى محمد» فقد والدته ووالده وأشقاءه أثناء وجودهم داخل المستشفى، وظهر الطفل خلال مقطع فيديو وثّقه صحفى فلسطينى، مُمسكاً بقطعة «بسكويت» فى يده بعد نقله إلى مستشفى الشفاء تعلو وجهه علامات الهلع بعد فقد عائلته بالكامل. وفى مشهد آخر، جلس طفل صغير إلى جوار شقيقه الذى يحتضر يلقنه الشهادة فيُرددها وراءه: «حبيبى سامعنى.. قول أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.. قول»، بينما الآخر يلفظ أنفاسه الأخيرة، محاولاً الاستجابة لطلب أخيه، وبعد أيام، اتضح أن الطفل كان مصاباً، وعادت الحياة إليه مرة أخرى ولم يُستشهد، وفى أحد الفيديوهات، ظهر مسعف وهو يبكى بمفرده من هول الصدمة، بينما سيارات الإسعاف خلفه تنقل الجرحى إلى المستشفيات المجاورة لـ«المعمدانى»، وقال مسعف آخر إن ساحة المستشفى التى استهدفها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة كانت تضم 1500 نازح من مواطنى حى الزيتون وحى الشجاعية.
وروى المسعف خلال فيديو أنه نتيجة شدة القصف، تناثرت الجثامين على حائط المستشفى، وطارت الأشلاء فى الهواء لتنتشر فى زوايا وساحات المستشفى، هذه المشاهد التى رآها المسعف غيّرت حياته كلياً، وبعد ساعات من قصف «المعمدانى»، ظهرت مقاطع فيديو توثّق حجم الدمار الكبير الذى لحق بساحات المستشفى، حيث ظهرت آثار الحطام وقطع الملابس المتناثرة التى كان يرتديها النازحون والمرضى ممن لجأوا إلى المستشفى للاحتماء به قبل قصفه.
الكثير من الصحف العالمية، ندّدت بمجزرة الاحتلال الإسرائيلى فى المستشفى المعمدانى، منها صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، التى قالت إن مشاهد قصف المستشفى ستبقى خالدة فى أذهان من عاصروها حتى لو عاشوا ألف سنة، كما وصفت شبكة «إن بى سى» الأمريكية القصف الإسرائيلى للمستشفى المعمدانى بالمجزرة.
وقالت «الجارديان» البريطانية إن الفلسطينيين اعتقدوا أن المستشفى ملاذ آمن، ووصفت منظمة أطباء بلا حدود قصف «المعمدانى» بأنها مجزرة مروعة وغير مقبولة، وأدانت منظمة الصحة العالمية القصف، وأشارت إلى أن المستشفى كان يحتمى به المرضى والنازحون ومقدمو الرعاية الصحية.