خطيب الجامع الأزهر: الإسراء والمعراج كانت رحلة تكريم للرسول وللأمة الإسلامية
الدكتور ربيع الغفير
ألقى الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات المساعد بجامعة الأزهر، خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، ودار موضوعها حول «نفحات بين رجب وشعبان».
نفحات الأيام المباركة
قال «الغفير»، إن الأمة الإسلامية تعيش هذه الأيام في هذا الزمان نفحات مباركة، أخبرنا بها الحبيب المصطفى، هذه النفحات التي جرت هذه الأيام، هي نفحات تنصب على كرم الله وحبه لهذه الأمة، وعنايته ولطفه بها، فأمة الإسلام أمة محبوبة، فهي خير أمة أخرجت للناس، لافتا إلى أن شهر رجب هو من أحب الشهور إلى الله، أكرم الله عزّ وجلَّ فيه نبيه برحلة خالدة خارقة، خُرقت فيها كل قوانين البشر، وطُمست فيها كل قواميس المادة.
وتابع خطيب الجامع الأزهر: حينما أُسرى بالنبي من مكة إلى بيت المقدس، ثم عُرج به إلى السماوات العلى، وشاهد ما شاهد من آيات ربه الكبرى، ورأى مالم يراه نبى قبله، في مكان لم يصل إليه أحد؛ عند سدرة المنتهى، تسمر عنده رفيق الرحلة جبريل ولم يتحرك، فيقول له سيدنا محمد "أهنا يترك الخليل خليله؟" فيرد عليه سيدنا جبريل ويقول: "لكل منا مقام معلوم. يا رسول الله إذا أنت تقدّمت اخترقت وإذا أنا تقدّمت احترقت"، وصل النبي ﷺ إلى هذا المقام الذي تعجز عن وصفه فصاحة الفصحاء، وبلاغة البلغاء.
وأشار إلى عظم منزلة رسولنا الكريم عند ربه، فسيدنا موسى عليه السلام طلب من الله رؤيته، لكن المولى عزّ وجلَّ قال له لن تراني، وفي ليلة المعراج نودى على الرسول تعال يا حبيبي لترى نوري، قال سيدنا موسى: رب اشرح لى صدرى، ورب العالمين لمحمد قال: ألم نشرح لك صدرك. قال سيدنا موسي: وعجلت إليك ربي لترضى، ويقول النبي وعزتك وجلالك لا أرضى وواحد من أمتي في النار.
وأضاف: كانت رحلة الإسراء والمعراج رحلة تكريم للرسول وللأمة في شخصه، مشيرا إلى أن الأمة الإسلامية الآن على أعتاب شهر شعبان، شهر الفرح بعد الضيق، والفرج بعد الهم، والمنحة بعد المحنة، وهو شهر تحويل القبلة، حيث وقعت محن لرسول الله أراد المولى عزّ وجلَّ أن يكافئه بعدها فكان تحويل القبلة، ففي الحديث (صلينا مع النبيِّ نحو بيت المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا وصُرف إلى القبلةِ)، نزل الأمر الإلهي بتحويل القبلة في شهر شعبان، فهو شهر توحيد الأمة، وشهر قبول الدعاء، قال تعالى: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}. كانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تداعب النبى فتقول: «ما أرى ربك إلا يسارع في هواك».
وحث «الغفير»، المسلمين على تدبر هذه النفحات العظيمة، واستلهام العبرات والعظات منها لأنها جاءت تكريماً لرسول الله ولأمته فى شخصه، الإسراء والمعراج تكريم، وتحويل القبلة تكريم، نزول القرآن ببراءة السيدة عائشة - رضى الله عنها - تكريم، فهذه أمة يحبها الله، وهي أمة مكرمة عند الله.
وذكر خطيب الجامع الأزهر، المسلمين بأن كل ما يحل بأمة الإسلام من انتكاسات، وأزمات، وفقر، وغلاء ما هو إلا مرحلة من مراحل المد والجزر التاريخي، وستزول بقدر الله، ولا يمكن أن تدوم، فلها أعمار كأعمار بني آدم، ولكل شدة مدة، فالأمة تمرض، وتختبر، وتمتحن، لكنها لا تموت، ثم بعد ذلك يأتي النصر والعزة لهذه الأمة، حتى تفيق من غفلتها وتعود من كبوتها، حتى ندرك أن التقدم الحقيقي يكون في الصلة بالله العلي العظيم، قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾.