حكاية وردة وسيد مكاوي مع «اللحن المشؤوم».. تدربت عليه أم كلثوم وماتت قبل غنائه
وردة ومكاوي وأم كلثوم
عام 1960 كان شاهداً على بداية المطربة وردة، ذلك الصوت الذى ما زال خالداً فى أذهان العالم، إذ جاءت إلى مصر بعد إغلاق الملهى الخاص بوالدها فى باريس، وخلال زيارتها لمصر التقت بكبار نجوم الطرب، من بينهم محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش، لتبدأ مسيرتها الفنية بالعديد من الأفلام، لكن عام 1977 كان فارقاً فى حياتها، خاصة مع بدء تعاونها مع الموسيقار سيد مكاوى «شيخ الملحنين»، الذى كان يتصف بالهدوء الشديد.
فى عام 1973 كتب الشاعر الكبير عبدالوهاب محمد كلمات أغنية «أوقاتى بتحلو»، وأجرى سيد مكاوى بروفات كثيرة للسيدة أم كلثوم، حيث كان من المقرر أن تغنى الأغنية، لكن وفاتها حالت دون ذلك، فظلت كلمات الأغنية حبيسة الأدراج لفترة، إلى أن التقى بـ«وردة»، هنا تغير الحال وشعر «مكاوى» بأنها مناسبة لأداء الأغنية، بحسب ما نُشر فى مجلة «صباح الخير» بتاريخ 7 يناير عام 1977، ومرت وردة وسيد مكاوى بأوقات عصيبة قبل بدء الأغنية رغم إجراء بروفات عديدة على كيفية الأداء.
«لن أترك سيد مكاوى أبداً»، عبارة مقتضبة قالتها الفنانة وردة أثناء روايتها كواليس الأغنية، إذ أدركت قبيل رفع الستار عن الحدث عام 1977 أنها بذلك اللحن ستدخل التاريخ، وأنها لن تتخلى عن التعاون مع سيد مكاوى: «أنا بهذا اللحن أدخل مدرسة الغناء الشرقى لأول مرة، وبقدر ما أنا متفائلة بنجاح الأغنية إلا أننى خايفة مش عارفة ليه»، معبرة عن تفاؤلها وخوفها فى نفس الوقت، مشيرة إلى أن هذه اللحظات العصيبة تمر ثقيلة على أى فنان يواجه الجمهور بعمل جديد.
45 يوماً من التوتر، عاشتها وردة قبل رفع الستار لأداء الأغنية، كانت حينها تعيش فى قلق، بينما ظل سيد مكاوى صامتاً لا يتحدث إلى أحد، وبخاصة لحظات رفع الستار، ظل يردد الآيات القرآنية والأدعية، بحسب حديث وردة: «كنت أشعر بالخوف والقلق بعد 45 يوماً من التوتر، ومكاوى كان صامتاً يردد القرآن والأدعية، إلى أن بدأ أحمد فؤاد حسن وفرقته فى العزف، اختفى القلق والتوتر وحلت محلهما الثقة، كنت حريصة على أن يكون أول عمل لى كتب كلماته عبدالوهاب محمد والتقت حنجرتى فيه بنغمات سيد مكاوى ناجحاً ومميزاً، وهو ما حدث فعلاً».
خوف سيد مكاوى من أداء وردة لم يكن نابعاً من عدم إيمانه بها، إنما كان متشائماً بسبب وفاة أم كلثوم، حتى إنه أطلق على لحن الأغنية وصف «اللحن المنحوس»، لذلك كان متخوفاً بشدة وفق ما نشرته المجلة: «وقتها سيد مكاوى كان متشائم علشان أم كلثوم كانت فى مرحلة مرضها الأخيرة وتوفيت بعد ما عملت بروفات كتيرة، لكن لما جت وردة وطلبت من مكاوى لحن جديد، وعدها، لكن قال ما تغنى أغنية أوقاتى بتحلو، وأعطاها تسجيلاً بصوته علشان تحفظ وتقرأ وتتقن الأداء».
لم تتردد وردة فى قبول لحن أغنية «أوقاتى بتحلو» من سيد مكاوى رغم علمها بتخوفه، وبعد تسلُّم اللحن سافرت إلى فرنسا لمدة شهر كامل كانت خلاله تحفظ اللحن وتسمعه وتردده يومياً، وعاشت 30 يوماً من القلق فى فرنسا، ثم عادت لإجراء البروفات لمدة 15 يوماً وصفت الـ45 يوماً بمرحلة التوتر: «سيد مكاوى كان بيسجل كل بروفة ويرجع يسمعها مرة واتنين وتلاتة علشان يوصل للمسات الأخيرة اللى هو عاوزها، ومع كل بروفة كان حبى بيزيد لهذا اللحن واعتزازى بمكاوى كمان بيزيد».
خفة دم كان يتمتع بها سيد مكاوى رغم قلقه، بحسب وردة: «كان عنده خفة دم وظل تجعل البروفات تمر سهلة مهما كان التعب، وبعد رفع الستار عن الأغنية ونجاحها كل التعب راح والتوتر، وصّلنا نغماتنا لقلوب الناس فأطربوا لها وترنموا بها وغنوا معها».