منير أديب يكتب : عنف «الإخوان»المتكرر
منير أديب
اعتداء الإخوان المسلح على المتظاهرين أمام قصر الاتحادية يأتى فى سياق العنف الذى تمارسه الجماعة عبر تاريخها الممتد منذ نشأة التنظيم فى مارس من عام 1928 وحتى ديسمبر من عام 2012، والذى تزامن مع الإعلان الدستورى للرئيس المعزول محمد مرسى، الذى حصّن من خلاله قراراته أمام سلطة الشعب والقضاء معاً!
اعتداء الإخوان جاء بعد اجتماع مكتب إرشاد الجماعة فى يوم المجزرة، والذى قررت فيه مهاجمة هؤلاء المعتصمين والاعتداء عليهم، معتقدين أنّ رسالة العنف قد تردع المعارضين الذين خرجوا بعشرات الآلاف أمام قصر الاتحادية، مطالبين الرئيس وقتها بإلغاء إعلانه واحترام إرادة الشعب وأحكام القضاء.
بدأ يُدرك الإخوان أنّ انفجاراً ما قد يحدث عما قريب، ولذلك كانت رسالتهم سريعة، وبقدر العنف الذى استخدموه ضد هؤلاء المعتصمين؛ حيث تدفّق أعضاء الجماعة بعد تكليف لهم من مكتب الإرشاد، الذى يُعد أعلى سلطة تنفيذية فى التنظيم، وحرقوا الخيام بمن فيها من المعتصمين، كما أنهم قاموا باغتيال الصحفيين وممارسة القتل العشوائى.
الرسالة كانت واضحة بأنّ أى تحرك يوم 30 يونيو سوف يكون مصيره كمصير معتصمى الاتحادية، ولعل مجزرة الاتحادية هى التى قادت الشعب المصرى للثورة على نظام أدمن قتل مواطنيه، والثورة هنا كانت ضد النظام السياسى، الذى كانت الجماعة جزءاً منه، كما أنها كانت ضد الإخوان، فتحلل التنظيم والنظام، وهذا جزء من عظمة ثورة 30 يونيو عام 2013.
مجزرة الاتحادية لم تكن الاستثناء الوحيد الذى مارس فيه الإخوان العنف ضد المعارضين، ولكن مارست الجماعة العنف ضد كل المعارضين، بدءاً من محاصرة المحكمة الدستورية العليا، وانتهاءً بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، ومن قبلهما محاصرة الشعب المصرى عبر إعلان دستورى يُقيّد حق الشعب فى أن يقول كلمته أو أن يختلف مع الإخوان الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب.
الإخوان أوغلوا فى دماء المصريين طوال تاريخ نشأتهم، فمجزرة الاتحادية لا تختلف كثيراً عن تفجير الجماعة محكمة استئناف القاهرة فى يناير من عام 1949، فمن أجل أهداف أيديولوجية خاصة وطمس الحقيقة تقوم الجماعة بقتل من يُقابلها، مهما كان المقتول ومهما كانت أعدادهم.
لم يكن هناك اختلاف كبير بين واقعة التفجير والحرق؛ فالأولى حدثت قبل 62 عاماً، حيث قُتل فيها السلطة القضائية والمارة، بينما الثانية حرق فيها الإخوان الشجر والحجر، وقاموا بإطلاق الرصاص بصورة عشوائية على المعارضين، فضلاً عن استهداف الصحفيين أصحاب الكلمة الحرة فى كشف مخططاتهم.
ولذلك عداء الإخوان قديم للسلطة القضائية وللإعلام والإعلاميين والصحفيين؛ فهاتان السلطتان كفيلتان بالكشف عن مؤمرات التنظيم، ولعلهما قامتا بتعرية التنظيم على مدار مراحل النشأة المختلفة، خاصة بعد 2011، وهو ما اضطر الجماعة لاستهدافهما قديماً وحديثاً، وما زالت استهدافات الجماعة قائمة لهاتين السلطتين.
ما نود قوله إنّ مجزرة الاتحادية تأتى فى سياق مجازر الإخوان المتكرّرة، كما أنها لن تكون المجزرة الأخيرة التى يرتكبها الإخوان ضد المعارضين أو المختلفين أو من لا يقف معهم فى خندقهم نفسه.
مجزرة الاتحادية حرّكت الثورة ضد نظام وتنظيم الإخوان حتى لا تتكرر مجازر أخرى جديدة؛ صحيح تفكك نظام الإخوان وتمت محاصرة التنظيم، ولكن الثورة لا بد أن تكون منتبهة إلى ضرورة تفكيك التنظيم وأفكاره المؤسسة، حتى لا يبقى من الإخوان غير سيرة تحكيها كُتب التاريخ، أو يكونوا سطراً فى تاريخ قديم، مثلهم مثل الخوارج وأعداء الوطن من المتآمرين من كل الملل والنحل والأجناس.
* باحث فى شئون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولى