موضوع خطبة الجمعة اليوم: «جبر الخواطر وأثره في الدنيا والآخرة»
أرشيفية
خطبة الجمعة واحدة من أهم الأمور في هذا اليوم، لما فيها من نصح واستفادة للعبد الذي يستمع إليها، ونشرت وزارة الأوقاف المصرية، منذ أيام، موضوع خطبة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان «جبر الخواطر وأثره في الدنيا والأخرة» ويتناول موضوع الخطبة اليوم مسألة جبر الخواطر وما لها من أثر إيجابي على المجتمع ككل، لاسيما أن لها أيضا أثر في رصيد ثواب العبد.
خطبة الجمعة
وتفتتح خطبة الجمعة اليوم بـ: «الحَمْدُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْ مَا شَاءَ رَبُّنَا مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيَّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَبَعْدُ: فَمَنْ مِنَّا لَا يُحِبُّ أَنْ يَجْبُرَ اللهُ خَاطِرَهُ ؟! مَنْ مِنَّا لَا يَرْجُو أَنْ يُسْعِدَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟! مَنْ أَرَادَ ذَلِكَ بِصِدْقٍ جَبَرَ خَوَاطِرَ النَّاسِ، وَاحْتَرَمَ إِنْسَانِيَّتَهُمْ، وَقَدَّرَ مَشَاعِرَهُمْ، وَكَفْكَفَ دُمُوعَهُمْ، وَضَمَّدَ جِرَاحَهُمْ، وَأَدْخَلَ السُّرُورَ عَلَى قُلُوبِهِمْ، فَجَبْرُ الخَوَاطِرِ مِنْ أَرْجَى العِبَادَاتِ الَّتِي نَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ»: «مَا رَأَيْتُ عِبَادَةً أَجَلَّ وَأَعْظَمَ مِنْ جَيْرِ الخَاطِرِ»".
وتكمل الخطبة: «أَيُّهَا النَّاسُ اعْلَمُوا أَنَّ مَن جَبَر جُبِرَ، وَمَنْ سَعَى بَيْنَ النَّاسِ بِجَيْرِ الخَوَاطِرِ أَدْرَكَهُ اللهُ بِلُطْفِهِ وَلَوْ كَانَ فِي جَوْفِ المَخَاطِرِ، وَأَنَّ صَنَائِعَ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَأَنَّ اللَّهَ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَا جَزَاءُ الإِحْسَانِ عِنْدَ رَبِّنَا إِلَّا الإِحْسَانُ، يقول سبحانه:هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ =، ويقول تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا.وَمَا ظَنُّكَ إِنْ جَبَرْتَ خَوَاطِرَ خَلْقِ الله بِجَيْرِ الجَبَّارِ لِقَلْبِكَ ؟! سُبْحَانَهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَوَأَجْوَدُ الْأَجْوَدِينَ، خَزَائِنُهُ لَا تَنْفَدُ، وَعَطَاؤُهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَجَبْرُهُ لَا حُدُودَ لَهُ فِي الدُّنْيَاوَالْآخِرَةِ، يَقُولُ نَبِيُّنَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ»: «مَنْ نَفْسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةٌ مِنْ كُرَ بِالدُّنْيَا نَفْسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةٌ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»، وَيَقُولُ صَلَوَاتُ رَبِّ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَن كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ له : هَلْ عَمِلْتَ مِن خَيْرٍ؟ قال : ما أَعْلَمُ، قيل له: انْظُرْ، قال: ما أعْلَمُ شيئًا، غير أنِّي كُنْتُ أُبايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيا وأجازيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى: أنا أحقُّ بِذا منكَ، تَجاوزوا عن عبدي».
جبر الخواطر في خطبة الجمعة اليوم
واستكملت خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف: «يَا مَنْ تُرِيدُ مِنَ الله الجَبْرًا اجْبُرْ خَاطِرَ المَرِيضِ، حين تُشْعِرُهُ أَنَّ مَا نَزَلَ بِهِ قَدْ أَرْقَكَ وَالْمَكَ، وَكَدَّرَ خَاطِرَكَ، فَتُخَفِّفُ زِيَارَتُكَ أَلَمَهُ، وَيُطَيِّبُ دُعَاؤُكَ قَلْبَهُ، وَهَنِيئًا لَكَ بِجَبْرِ الله الكَرِيمِ، (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ عَادَهُ عَشِيَّةٌ إِلَّا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ». يَا مَنْ تُرِيدُ مِنَ اللهِ الجَبْرَا اجْبُرْ خَاطِرَ الأَطْفَالِ، وَارْفُقْ بِهِمْ، وَتَوَدَّدْ إِلَيْهِمْ، فَهَا هُوَ سَيِّدُنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ« كَانَ يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِينَةِ، فَوَجَدَ طِفْلًا جَالِسًا يَبْكِي حَزِينًا عَلَى طَائِرٍ لَهُ مَاتَ، فَعَطَفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» عَلَيْهِ، وَجَبَرَ خَاطِرَهُ، وَنَادَاهُ مُدَاعِبًا له، مُطيِّبًا خَاطِرَهُ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النَّغَيْرُ ؟ وَيَقُولُ سَيِّدُنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ»: «مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً، وَلَا أَتَمَّ مِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ ، فَيُخَفِّفُ كَرَاهِيَةً أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ».
وتابع نص خطبة الجمعة: «يَا مَنْ تُرِيدُ مِنَ الله الجبرا اجْبُرُ الضُّعَفَاءَ وَاليَتَامَى، وَهَلْ هُنَاكَ جَبْرٌ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُرَافِقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الجَنَّةِ ؟! فَهُوَ القَائِلُ «أَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ في الجنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى».
خطبة الجمعة اليوم
وأوضحت خطبة الجمعة اليوم للأوقاف المصرية أن جبر الخواطر يكمن في أبسط الأمور، حيث جاء في نص الخطبة: «الحَمْدُ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ: فَإِنَّ جَبْرَ الخَاطِرِ أَمْرٌ يَسِيرٌ، قَد لَا يُكَلِّفُكَ إِلَّا بَسْمَةً صَادِقَةٌ تُسْعِدُ الفُؤَادَ، أَوْ كَلِمَةٌ حَانِيَةٌ تَشُدُّ الأَزْرَ وَتُنْهِضُ العَزِيمَةَ، وَاعْلَم أَنَّ أَوْلَى مَنْ تَجْبَرُ خَوَاطِرَهُمْ هُمْ أَهْلُكَ، أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْكَ، يَقُولُ سَيِّدُنَا وَنَبِيِّنَا «صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ»: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي، وَانْظُرْ عَظِيمَ جَيْرِ اللهِ تَعَالَى مَنْ جَبَرَ خَوَاطِرَ أَهْلِهِ، يَقُولُ نَبِيِّنَا: دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: حَارِثَةُ بنُ النُّعْمَانِ، كَذَلِكُمُ البِرُّ كَذَلِكُمُ البِرُّ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِأُمِّهِ».
واختتمت خطبة الجمعة بـ: «وَانْظُرْ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ البَدِيعَةِ مِنْ جَيْرِ الخَاطِرِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، حِينَ جَبَرَتِ السَّيِّدَةُ خَدِيجَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا»، قَلْبَ زَوْجِهَا صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَطَمْأَنَتْ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَلْبَهُ، وَسَكَنَتْ نَفْسَهُ، وَذَكَّرَتْهُ بِالقَانُونِ الإِيمِيُّ: أَنَّ جَابِرَ الخَوَاطِرِ لَا يُجْرِيهِ اللهُ أَبَدًا، فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ - المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ». اللَّهُمَّ يَا جَبَّارُ اجْبُرْ خَوَاطِرَنَا وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا إِنَّكَ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ».