دور الفنون في نشر قيم التسامح.. قوى مصر الناعمة تواجه التطرف
عادل إمام في الإرهاب والكباب
«السينما جزء من وجودها عامل توعية وتسلية وتثقيف»، وأدت هذا الدور على أكمل وجه في عرض عشرات الأفلام ومئات القصص، التي تنبذ التطرف والتعصب، وتنشر قيم الإخاء والتسامح.
على سبيل المثال، يعد فيلم «طيور الظلام» للزعيم عادل إمام، الذي عرض الصراع بين الدولة والجماعات المتطرفة في فترة التسعينيات، وفي نقلة أخرى قدم فيلم «حسن ومرقص» علاقة التسامح بين الأديان ونبذ التعصب الذي يعد تطرفا مجتمعيا، وفي هذا الإطار أطلقت «الوطن» حملة لتعزيز الهوية الوطنية، تحت شعار «اختر طريقك.. في الوطن النجاة والأمان».
السينما في مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف
في فترة السبعينات من القرن الماضي، كرست السينما جهودا كبيرة لمواجهة الفكر المتطرف، والجمعات الإرهابية التي أخذت من الدين ساترا لإرتكاب الجرائم، مثلما قال الناقد الفني طارق الشناوي، في تصريحات خاصة لـ«الوطن»: «قضية التطرف والإرهاب شغلت الدراما منذ السبعينيات، كان التطرف بالداخل والخارج، والتطرف بالمعنى العالمي اللي وراه أوراق من خارج العالم العربي، الحقبة اللي اشتغلها وحيد حامد وشريف عرفة ظهر فيها أفلام كان فيها اللمحة دي بداية من اللعب مع الكبار، كان فيه إشارة للأنشطة الإرهابية، وفيلم طيور الظلام».
وأوضح «الشناوي» أن مجموعة أفلام عادل إمام مع وحيد حامد وشريف عرفة، الواجهة لمحاربة الفكر المتطرف، رغم محاولات فنانين آخرين في هذا الاتجاه: «قطعا نبيلة عبيد ونادية الجندي عملا مجموعة من الأفلام، لكن تظل الواجهة هي المجموعة اللي عملها عادل وشريف ووحيد».
وقدم عادل إمام مع وحيد حامد وشريف عرفة فيلم «طيور الظلام» عام 1995، وشارك في بطولته كل من يسرا، وجميل راتب، وأحمد راتب، ورياض الخولي، وعزت أبوعوف، وتدور قصة الفيلم حول 3 محامين أصدقاء، تفرقهم الظروف ومصالحهم، وهم «فتحى نوفل» الذي يستغل قدراته القانونية في الوصول لمركز مدير مكتب أحد الوزراء، و«علي الزناتي» الذي ينضم إلى الجماعات المتطرفة، ليحقق مكاسب مالية بالدفاع عنهم، و«محسن» ذو الميول الاشتراكية، الذي يعيش كموظف عادي، ويقبل وظيفة بسيطة، ويكتفى براتبه فقط دون أي طمع في الحياة.
كما قدم عادل إمام فيما بعد فيلم «الإرهابي»، بتوقيع الكاتب لينين الرملي والمخرج نادر جلال، ويعد هذا الفيلم علامة بارزة في مكافحة الإرهاب من خلال الفن، وتدور قصته حول «علي عبد الظاهر» المنضم لإحدى الجماعات التكفيرية، ويتعرض لحادث عقب اغتياله أحد الضباط، وخلال معايشته لأسرة أثناء علاجه ومع مروره بالعديد من المواقف، تتغير وجهة نظره وطريقة تفكيره، ليحاول تصحيح حياته بعد ذلك، ونتيجة لرفضه أفكار الجماعة يقومون بقتله.
فيلم حسن ومرقص لنشر الإخاء والتسامح
وأبرزت السينما أيضا أفكار التطرف المجتمعي، الذي يعد أشهر أنواعه الفتنة الطائفية، التي عندما تشتعل في مكان ما تنشط الجماعات الإرهابية، وهذا ما ظهر في 2008، مع عرض فيلم «حسن ومرقص»، وهو فيلم اجتماعي من بطولة عمر الشريف وعادل إمام، من إنتاج شركة جود نيوز وتأليف يوسف معاطي ومن إخراج رامي إمام.
ويتناول الفيلم الوحدة الوطنية التي تواجه نشاط بعض الأشخاص، الذين حاولوا نشر الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، ودارت القصة حول رجل دين مسيحي «بولس» يحارب المتطرفين المسيحيين، ويهرب ويمنحه الأمن اسما آخر «حسن العطار».
من ناحية أخرى، الرجل المسلم عمر الشريف الذي يرأس شقيقه جماعة إسلامية متطرفة، وطلب في وصيته أن يكون أخيه خلفا له بعد وفاته، ويتولى هو إمارة الجماعة، وعلى الفور رفض وتعرض للاغتيال، وهربه الأمن أيضا ومنحه اسما مسيحيا «مرقص عبد الشهيد».
وفي أحداث الفيلم يلتقي حسن ومرقص في رحلة هروبهما، وتتكون صداقة بينهما، وقد نجح الفيلم في تناول العلاقة المسيحية المسلمة في مصر، وهروب الأشخاص الأسوياء نفسيا من الفكر المتطرف، بينما تساعدهم الدولة وتحميهم.
السينما عامل توعية وتسلية وتثقيف
وتحدث الناقد الفني أحمد سعد، في تصريحات خاصة لـ«الوطن» عن دور السينما في نشر التسامح، قائلا: «السينما جزء من وجودها عامل توعية وتسلية وتثقيف، الناس بتتأثر بالسينما، بالتالي لما بيعمل أفلام تسامح بتأثر على الجمهور، لكن المشكلة الأساسية الكتابة والمنتج مؤمن باللي بيقدمه، لأن مع انتشار العنف واأاكشن اتاثر بيها الشباب، التطرف مش بس ديني، في تطرف مجتمعي، في أفلام كتير زي رصيف نمرة خمسة حاربت التطرف المجتمعي زي تجار المخدرات».
وهناك أعمال فنية تعكس العلاقة الطيبة بين المسلم والمسيحي، مثل فيلم «الشيخ حسن» للفنان حسين صدقي، الذي يعكس التسامح في أحداثه، التي تدور حول زواج الشيخ حسن بلويزا المسيحية، التي عندما رحلت سلم خالها الطفل إلى والده ليربيه عاكسا بذلك رمز التسامح المسيحي.
وفي عام 1954، عرضت السينما الفيلم الكوميدي «حسن ومرقص وكوهين»، أما عام 1962 قدمت السينما فيلم «شفيقة القبطية»، وكان أيضا من الأفلام المهمة التي أكدت نفس الفكرة، فقد ألقى الضوء على علاقة «عزيز» المسيحي بصديقه عارف «المسلم».