بالمقال الأول من هذه السلسلة المرتبطة بحدث محدد وقد كتبناه قبل افتتاح «المنتدى الحضرى» بعنوان «حيثيات إقامة المنتدى الحضرى فى مصر».. وتناولنا فيه واحدة من هذه الحيثيات وكانت عملية إزالة العار الذى ظل موجوداً ببلادنا لأكثر من أربعين عاماً وهو «العشوائيات» التى بلغت رقماً غير مسبوق وشكلت بؤراً خطرة على العباد والبلاد!
وبمقال الأمس قلنا إن ثمة مسارات أخرى قطعتها الدولة المصرية وحققت فيها نجاحات كبيرة.. شكلت مثالاً مهماً وملهماً للتعامل مع الملفات الشبيهة فى دول العالم.. ولعل فكرة ثنائية استراتيجية الإسكان بحيث لا تشمل البناء الجديد للوحدات السكنية فقط، وإنما إعادة تجديد وتأهيل الموجود من مبانٍ وإسكان فى عواصم محافظات ومدن مصر وبرقم كبير قد يصل إلى 227 مدينة وهو أيضاً إضافة جديدة لملف استراتيجية الإسكان فى مصر.
اليوم نتناول الحيثية الثالثة من هذه الحيثيات وفيها قررت مصر إعادة انتشار مواطنيها على كامل أراضيها وليس فقط الحياة على ضفاف وادى النيل.. ولذلك نعيش الآن حالة بناء كبيرة على كافة الأراضى المصرية فى حزمة من مدن الجيل الرابع شكلت تطوراً غير مسبوق فى شكل المدن بالبلاد.. لم تكن العاصمة الإدارية الجديدة وحدها البناء المقصود رغم مساحتها الشاسعة التى تتجاوز الـ177 ألف فدان بما يقترب من مساحة سنغافورة، وإنما كانت أيضاً أكتوبر الجديدة وهى تعتبر ثانى أكبر بناء بالبلاد إذ تتجاوز مساحتها الـ78 ألف فدان، وتليها حدائق أكتوبر التى تبلغ مساحتها الـ49 ألف فدان وكلتاهما تسبق العلمين الجديدة التى تجاوزت مساحتها الـ48 ألف فدان وقد ملأت فراغاً كبيراً فى منطقة الساحل الشمالى الغربى الذى كان صحراء جرداء منزرعة بالألغام ولم تملأ الفراغ بأى حال القرى السياحية هناك التى كانت ولم تزل للاستجمام ولأسابيع فى صيف كل عام!
وهناك فى أقصى شمال شرق البلاد مدينة «سلام» أو شرق بورسعيد وقد تصل مساحتها إلى 23 ألف فدان، وإلى الجنوب تماماً بجوار قنا يوجد مخطط نجع حمادى الجديدة والمخطط يتحدث عن مساحة تصل إلى 23 ألف فدان!
بعد ذلك هناك الفشن الجديدة وتقترب من الـ18 ألف فدان وهى تسبق الجلالة على مساحة 17 ألف فدان، تليها بنى مزار الجديدة التى تتجاوز الـ16 ألف فدان، وجرجا الجديدة بأكثر من 10 آلاف فدان ثم تقل مساحات المدن بعد ذلك إلى ما دون الـ10 آلاف فدان مثل غرب قنا بـ9 آلاف فدان، والمنصورة الجديدة التى تجاوزت الـ7 آلاف فدان، وناصر بأسيوط بأكثر من 6 آلاف فدان، وصولاً إلى رشيد الجديدة بـ3 آلاف فدان، وملوى الجديدة بألفى فدان تقريباً وصولاً إلى أصغر هذه المدن وهى السويس الجديدة بمساحة مبدئية حتى الآن بـ66 فداناً!
كل هذه المدن ليست تكتلات أسمنتية لإيواء الناس، بل أماكن تضمن جودة الحياة تضم السكن ودور العبادة والخدمات الصحية والتعليمية والثقافية والرياضية والمساحات الخضراء والمساحات المفتوحة والخدمات المالية والاتصالات وكافة متطلبات الحياة!
يحق لمصر تنظيم المنتدى.. وقد كانت خطواتها على هذا النحو.