«حزب الله» يحتفل بالنصر، و«حماس» تسعد بانتصارها، وإسرائيل تملأ أرجاء المنطقة والعالم صخباً بانتصارها، والحوثيون يبتهجون بالنصر الكبير، وإيران تشعر أو تعلن أو تقول إنها انتصرت، وعلامات النصر تلوح على جانبى الصراع، أمر عجيب حقاً، وانتصار أعجب.
كيف لطرفي الصراع، أو كل من المتحاربين ووكلاء كل منهما أن يعلنوا انتصارهم؟ القاتل والمقتول منتصران؟ المعتدِى والمعتدَى عليه منتصران؟ المنهَك والمنهَك جداً منتصران؟ والعالم يراقب منصات الانتصار التي يقف عليها المتحاربون المتصارعون المتقاتلون، بينما طرفا النقيض يحتفلان بالانتصار العظيم.
قواعد كتابة التاريخ، وأصول التوثيق تخبرنا بأن إعلان المنتصر الآن أمر سابق لأوانه، لكن قواعد السياسة وأصول التسويق تخبرنا أيضاً بأن على الطرفين أن يهرعا إلى منصة التتويج ليعلن كل منهما انتصاره المهيب وإنجازه العظيم.
وقواعد العين المجردة وأصول ألف باء المنطق الإنسانى تخبرنا بأن ننظر إلى الشعوب وبناها التحتية والفوقية لنكون صورة سريعة، سارية المفعول على الأقل للوقت الراهن، عمن حقق نصراً فى هذه الجولة من الصراع.
وعلى سبيل التسلية وتمضية الوقت إلى أن يقضى الله أمراً كان مفعولاً، وبينما ننتظر، أو ينتظر أحفادنا وأحفاد أحفادنا ما سيكتَب فى كتاب التاريخ حول المرحلة الراهنة، يمكننا التأمل فى ترشيحات الرئيس الأمريكى ترامب الذى يبدأ فترة رئاسته الفعلية يوم 20 يناير المقبل.
يتابع العالم ترشيحات ترامب لفريقه ولكبار المسئولين فى عهده المقبل، وكل طرف يمسك بورقة وقلم، أو ربما يكون «متكتكاً» على هاتفه المحمول أو شاشة الكمبيوتر، كاتباً اسمى إيلون ماسك وفيفيك راما سوامى المختارين لتفكيك الحكومة الفيدرالية وإعادة هيكلتها بشكل أكثر كفاءة، ثم باحثاً عن خلفيات عضو الكونجرس عن ولاية فلوريدا مات غاتس الذى سيصبح المدعى العام، والمذيع فى قناة فوكس نيوز والعسكرى السابق بيت هيجسيث الذى سيكون وزيراً للدفاع، والناشط والمحامى البيئى روبرت كنيدى جونيور المعادى للقاحات وزيراً للصحة، وسيناتور فلوريدا الجمهورى ماركو روبيو سيكون وزيراً للخارجية ليصبح أول وزير خارجية أمريكى من أصل لاتينى، وعضو الكونجرس الجمهورى مايك والتز مستشاراً للأمن القومى والأخيران من صقور الحزب الجمهورى المؤيدين لاستخدام القوة العسكرية.
ووجود أكبر لأمريكا فى العالم، ومواقف أكثر حدة مع دول مثل إيران والصين، وغيرها من الأسماء التى يبحث سكان الأرض عن أصلها وفصلها، والتنقيب عن مواقف أصحابها من القضايا والمناطق المختلفة التى ينتمى إليها الباحثون. إنهم الباحثون عن مصائرهم، أو فرصهم، أو كوارثهم المنتظرة فى عهد الرئيس ترامب.
وبالطبع، فإن سكان منطقتنا الساخنة المشتعلة المتوهجة، يبحثون عن شيئين لا ثالث لهما: موقف الفريق الجديد من القضية الفلسطينية، وموقفه من كل بلد فى المنطقة على حدة.نقول إن الأسماء التى نطالعها تظل «أسماء مرشحة»، وقد سبق لترامب أن اختار أو أعلن عن أسماء ثم جرى تغييرها، لذلك فإن توقعاتنا تبقى توقعات المنجمين الذى كذبوا ولو صدقوا لحين يوم 20 يناير.
خلاصة «تكتكة» منطقتنا تقول إن فريق ترامب - سواء المعلنة أسماؤهم أو غيرهم- منحاز لإسرائيل. وكان أول ترشيحات ترامب بعد أيام من فوزه فى الانتخابات من نصيب حاكم ولاية أركنسو السابق مايك هاكابى، صاحب المواقف اليمينية المتشددة ضد الفلسطينيين والداعم بشدة لإسرائيل.
وبينما نتسلى بمتابعة الترشيحات، والبحث فى الأرشيفات، ربما يجدر بنا تذكير أنفسنا أن عملية الهبد والرزع التى تدور رحاها على منصاتنا وأثير الـ«سوشيال ميديا» الخاص بنا، حيث انتقاد لسياسات أمريكية هنا وتنديد بإجراءات عسكرية هناك وتحليلات ما أنزل الله بها من سلطان عما يجب أن يقوله «ترامب» وما يجب ألا يفعله فريق، إلى آخر أوركسترا الهبد الفلهارمونى، تظل مصنفة «للترفيه الداخلى» والراحة النفسية المحلية. نقطة.
«نقطة، ومن أول السطر» عبارة جميلة ورائعة تختصر الكثير، وبدلاً من أن نسهب فى شرح الأسباب والعوامل والمجريات التى جرت ووقعت، ونتج عنها إغلاق تام لباب وعدم فتحه مجدداً تحت أى ظرف أو حجة أو مبرر، واتخاذ الإجراءات اللازمة التى تضمن عدم حدوث تسرب من تحت عقب الباب أو عبر البلاعة أو ما شابه، فإن الموقف الذى اتخذه قطاع عريض من المصريين تجاه جماعة الإخوان المسلمين هو موقف الرفض التام لوجودها، كجماعة أو حزب أو مستوصف أو مدرسة دولية بمنهج إخوانى أو رجل يقف فى الإشارة ويصيح «تبرع يا أخى المؤمن ويا أختى المؤمنة لبناء بيت من بيوت الله» أو غيرها من التجسيدات والتجليات التى تظهر بها الجماعة، أما الأفراد، من قيادات وأعضاء ومحبين ومتعاطفين ومش إخوان بس بيحترموهم، فبين القطاع الرافض لفكر الجماعة وجرائمها وبينهم، الدستور والقانون، أو هكذا يفترض، أو هكذا نتمنى، أو هكذا نأمل.