أبناء «الغريب»: مبارك قاطعنا لأن «عرافة» أخبرته أن نهايته ستكون على يد السوايسة
يتساءلون عن ذلك السر فى طبيعة شعب السويس، الثائر دائماً، الرافض للخنوع والاستسلام، فأجابهم أبناء «الغريب»: «تجاهل، بطالة، فساد، فقر، استبداد سياسى، تهميش، عجز أمنى.. ناقص إيه تانى».
منذ رحيل «السادات»، سقطت السويس من ذاكرة النظام بصورة كاملة رغم دورها التاريخى فى التصدى للعدوان عبر كل الحروب التى عانت منها الدولة المصرية، بطبيعة موقعها كمحافظة من محافظات المواجهة.
ووصل التجاهل والتهميش للسويس فى عهد الرئيس السابق مبارك إلى عدم زيارته السويس ولو لمرة واحدة، بحجة أن هناك «عرافة» حذّرته من أن نهايته ستكون على يد السوايسة، وعندما تقلّد الرئيس مرسى منصبه رئيساً للدولة سار على نفس نهج سلفه فى تجاهله السويس ومشكلات أبنائها رغم وعوده بأن تكون السويس أول محافظة يزورها عقب فوزه بالرئاسة.[Image_2]
ويوجه أهل السويس رسالة إلى الرئيس مرسى قالوا فيها: «إذا كنت تريد أن تعرف لماذا نثور عليك وعلى حكمك، فالإجابة لن تكلفك سوى عناء زيارة واحدة إلى المحافظة لتعرف بنفسك أننا شعب مهمّش محكوم عليه بأن يعيش مثل الموتى، فمرافق المحافظة منهارة والبطالة أكلت أعمار شبابنا والفقر والجوع والتسول سيطر على قطاع عريض من أبنائنا، ووقتها يا سيادة الرئيس لو شعرت بما نشعر به ستخلع عن نفسك ثوب الرئاسة وستطلب النزول إلى الشارع لتثور معنا».
يؤكد محمد زكريا أمين حزب الأحرار بالسويس، لـ«الوطن» أن السلطة تتعامل مع شعب السويس وكأنه مجموعة من الموتى، فها هى محطات الصرف الصحى بالمحافظة، التى تصل إلى 18 محطة منهارة وبها عيوب خطيرة تهدّد بكارثة حتى حاصرت مياه الصرف الصحى معظم شوارع وميادين المحافظة وصدّرت لأبنائها الأمراض والأوبئة.. ومياه الشرب ملوثة وكل محافظ يأتى إلى السويس يؤكد أنه سيحل هذه المشكلة، ولكن للأسف يظل الوضع على ما هو عليه حتى سجّلت المحافظة النسبة الأكبر فى الإصابة بمرض الفشل الكلوى بين جميع المحافظات، ناهيك عن الانقطاع المستمر لمياه الشرب والكهرباء وغيرها، بجانب الطرق المنهارة تماماً حتى تحولت معظمها إلى طرق ترابية.
ويدعو غريب محمد عبدالرحمن (عامل باليومية) من سكان قرية عامر، الرئيس مرسى إلى زيارة القرية حتى يرى على الطبيعة أن هناك «ناس عايشة تحت الأرض وصبرت كتير وماحدش بيسأل فيهم إلا وقت الانتخابات فقط».[Quote_1]
وأضاف أن لديه 7 أولاد كلهم عاطلون ويعيشون فى منزل تحيط به مياه الصرف الصحى والمياه الجوفية من كل جانب، والكهرباء غير موجودة والمياه يحصلون عليها بالجراكن، حتى الرعاية الصحية -حسب كلام غريب- غير موجودة بالمرة، لدرجة أنهم ينقلون مرضاهم إلى مستشفيات السويس، التى تبعد لمسافة طويلة عنهم داخل سيارات نصف نقل.
وأكد «غريب» أن ذلك هو نفس حال جميع أبناء القرية وسكان العشوائيات بالسويس بعزبة الصفيح وكفر العرب وغيرها، فيجب أن يعرف الرئيس أن الثورة التى تشهدها السويس هى بروفة لثورة جياع يتصدر المشهد فيها المتسولون الذين ملأوا السويس والفقراء والمطحونون والمهمشون من سكان العشوائيات، ووقتها لن يستطيع أحد إيقافها.
ويقول الدكتور تامر البوهى وكيل نقابة الأطباء بالسويس، إن السويس طوال تاريخها وهى مهملة من الناحية الصحية، وتعتبر من المحافظات التى تعانى بشكل كبير من نقص بعض التخصصات فى الأطباء، لا سيما جراحة الأوعية الدموية والقلب والصدر والمخ والأعصاب وندرة فى فنيى الأشعة، فليس من المعقول عندما يصاب أحد من المواطنين بتلك الأمراض أن يتم نقله إلى المحافظات الأخرى للعلاج، وهذا هو السبب فى وفاة أعداد كبيرة من الفقراء والغلابة بهذه الأمراض، لعدم مقدرتهم المادية على نقل مرضاهم، لضيق ذات اليد.[Quote_2]
وأكد «البوهى» أنهم طالبوا أكثر من مرة بتوفير أجهزة طبية بمستشفيات السويس وبعض الأدوية التى أصبح محرّماً دخولها السويس، وتحويل المحافظة إلى منطقة نائية.
ويرى سعود عمر القيادى العمالى بالسويس، أن من أهم أسباب انفجار شعب السويس وثورته، البطالة التى بدأت تأكل أعمار شباب ينتمى إلى محافظة تضم على أرضها قناة السويس وشركات البترول ومناطق صناعية عملاقة ومصنّفة بين دول العالم على أنها محافظة صناعية من الدرجة الأولى، ومع ذلك وصلت نسبة البطالة إلى أكثر من 40%، وكل حكومة كانت تبرر ذلك بالجملة الشهيرة، التى يكرهها شعب السويس «السوايسة مش بتوع شغل»، حتى استعان معظم المستثمرين فى مصانعهم بعمال من خارج المحافظة، حتى شركات البترول وغيرها معظم تعييناتها من خارج المحافظة.
وأضاف «سعود» أنه بجانب البطالة، فإن هناك أيضاً حقوق العمال الضائعة فى شركاتهم، وسن قوانين تحوِّل العمال إلى عبيد لدى المستثمرين وأصحاب الشركات، الأمر الذى أدى إلى فصل المئات من العمال بحجة القانون رقم «12» الذى تسبّب فى حالة احتقان بين العمال والنظام الحاكم، وهذا ما دفعنا إلى التحذير أكثر من مرة من ثورة عمالية غاضبة.
ووجّه مصطفى عبدالسلام ناشط سياسى وعضو بحركة «الثوريون الأحرار» بالسويس، سؤالاً إلى الرئيس مرسى قائلاً: هل درست يا سيادة الرئيس طبيعة شعب السويس والسبب الرئيسى فى ثورته بين الحين والآخر ضد الاستبداد والحكام الظالمين؟ فلو كلّفت نفسك بدراسة هذا الأمر ستعرف أن السويس من المحافظات التى عانت التهميش والاستبداد السياسى طوال تاريخها وتتعمد الأنظمة الحاكمة تجاهل أنها مدينة قاومت العدوان عبر جميع العصور، مما جعل شعبها ثائراً بطبيعته، ولا يهاب أى شىء.
وتابع: «لو كنت فعلت ذلك يا سيادة الرئيس لعرفت أنك أخطأت عندما قمت بتعيين 3 فى مجلس الشورى، كلهم تابعون للتيار الإسلامى، ليصبح عدد أعضاء مجلس الشورى عن محافظة السويس 9 أعضاء إسلاميين، فلم يخطر ببالك أن من أسباب ثورة السوايسة على النظام السابق، الاستبداد السياسى الذى مارسه الحزب الوطنى المنحل مع قيادات المعارضة بالمحافظة، والانفراد لنفسه بكل المواقع القيادية، سواء فى البرلمان أو المحليات».[Quote_3]
ويرى طارق توفيق الشهير بـ«الدف» عضو مجلس إدارة رابطة جماهير السويس، أن إهمال الرياضة بالمحافظة وتوجُّه الشباب إلى أمور أخرى تخالف تقاليد المجتمع من أهم المشكلات التى تعانى منها السويس، مؤكداً أن نادى منتخب السويس الذى يتجمع حوله الشباب، تركه المسئولون يهوى إلى القاع، وأصبحت خزينة النادى لا تنتعش إلا أثناء الانتخابات فقط، طمعاً فى أصوات الجماهير وعقب انتهاء الانتخابات «ترجع ريما لعادتها القديمة» حسب وصفه، الأمر الذى تسبّب فى حالة الاحتقان التى أصابت جماهير السويس.
وطالب طلعت خليل، أمين حزب غد الثورة بالسويس، الرئيس مرسى، بأن يحضر بنفسه إلى السويس ويستقل القطار من القاهرة، ووقتها سوف يرى جزءاً بسيطاً جداً مما يعانيه شعب السويس من إهمال وتجاهل، ويجب قبل كل ذلك أن يعرف أن الفساد ظل طوال العصور السابقة ينخر فى عظام المحافظة من نهب لأراضيها وسطو على مشاريعها حتى أصبحت السويس «مدينة ساحلية بدون شاطئ لفقرائها»، واقتصرت القرى السياحية فيها والطبيعة الجميلة للسويس على الكبار فقط، هم يستمتعون بخيراتها، وشعب السويس يموت من الحسرة.
وتساءل «خليل»، كيف لا نثور ونحن نشاهد دماء شهداء ثورة 25 يناير تضيع هدراً؟ والشرطة تتعمّد التعامل مع أبناء السويس بعنجهية حتى قبل الثورة، فى الوقت الذى انتشرت فيه معدلات الجريمة بالمحافظة، حتى أصبحت فى ترتيب المحافظات الأولى من حيث انتشار الجريمة.
يمكنك مشاهدة الملف التفاعلي على الرابط التالي:
http://www.elwatannews.com/hotfile/details/161
أخبار متعلقة:
«يا بيوت السويس يا بيوت مدينتى.. أستشهد تحتك وتعيشى إنتى»
من «الغريب»؟
«الحاجة ثريا»: شفت الأمن المركزى فى الشوارع.. خفت
السويس.. «أنا صاحى يا مصر أنا صاحى.. سهران وفى حضنى سلاحى»
المهنة.. بطل
المؤرخ عاصم الدسوقى: «روح الانفصال» تتغذى على إهمال الحكومة.. وعناد أهل القناة سيولد «الكفر بالبلد»
«حمادة» السويسى: الإخوان وجبهة الإنقاذ والفلول.. عدوان ثلاثى جديد