أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
يجرى النيل ناثراً لونه الأزرق كصفحة ناصعة تنشر الحياة والبهجة على حدود شبرا، يجرى فى النيل مراكب بعضها للصيد والآخر للنزهة. على كورنيش نيل شبرا، تنتصب الأكشاك التى تبيع المياه الغازية والحمص والبليلة، تحتضن العشاق ليلاً والأصدقاء نهاراً، تحكى أم وحيد، ذات الـ57 عاماً، حكاية وقوفها فى هذا المكان، إذ جاءت من مدينة ديرمواس بمحافظة المنيا منذ كانت فى العشرين من عمرها، وسكنت منطقة الساحل بشبرا. زوجها رزقه الكورنيش، النيل يعطى السمك للصيادين، ويمنح متعة نظر شاطئه للمارة ما يوطئ لأسرتها كسب العيش، تقول بأسى إن الرزق الآن بات محدوداً، بعد أن ذاعت أعمال البلطجة، ولم يعد الكورنيش فى مأمن مثلما كان سابقاً، وقفت أم وحيد منذ الصباح، تؤمن بأن الرزق فى التبكير، منذ الثامنة صباحاً وحتى الثالثة عصراً، لم تسترزق إلا بجنيهين فقط هما جملة ما حصلت عليه من شاب شرب مياهاً غازية. تقول إنه حتى العشاق تغيرت أخلاقهم. منذ أكثر من عشرين عاماً، كان الشاب يهمس لفتاته بكلمات الغزل، ولم يكن يتجرأ عليها، وكان وجهها يتخضب بحمرة الخجل، لكن الآن «الشباب بقى عندهم قلة حيا» بحسب أم وحيد، التى تطلب من الحكومة أن تقدم لها يد العون ولو فى كشك ثابت تبيع من خلاله الأطعمة، بدلاً من الحمص والبليلة اللذين يقبعان تحت مهب الريح، لاسيما أن الكراسى التى تخصها، تعرضت للسرقة أكثر من مرة. موسم الكورنيش فى الصيف، حيث تبعث مياه النيل بهواء يلطف الأجواء. تحب أم وحيد ماء النيل، لكنها تحلم بمفارقته، تقول إن الكورنيش رغم كل ما يحمل من جمال «لكنه طلع عيالى مشردين».
بينما ينعم الكورنيش بصخب الباعة وصوت الأغانى يصدح من الكاسيت، تقف أبراج أغاخان السامقة فى هدوء ورقى بالغين، يكاد الناظر يحسبها واصلة إلى أسباب السماء من فرط حجمها الهائل، وتراصها جوار بعضها بعضاً، ويقول عبدالونيس أحمد، ذو الـ43 عاماً، إنه يعمل كأحد أفراد أمن فى أبراج أغاخان منذ عام 1992، ويحكى أن بداية بناء الأبراج جاء فى بداية الثمانينات، حيث أراد العرب مكاناً على الكورنيش يقطنون فيه، فالعرب، كما يصف عبدالونيس، يحبون نهر النيل، ويتلمسون الاقتراب منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً. أرقى مناطق شبرا كما يصف فرد الأمن، الذى يقول إنه فى بداية عمله كانت الأبراج تمتلئ بالعرب، لكنه الآن بات المصريون هم أصحاب الحظوة فى الشقق السكنية. أغاخان رجل تركى، هناك حديقة خلف الأبراج على اسمه، لكن الأبراج يعود إنشاؤها فى الأساس إلى شركة «النيل للإسكان والتعمير» أساسات المكان صلبة، لم تتعرض لمشاكل، حتى فى زلزال عام 1992 الشهير، لم تصب الأبراج هزة تذكر. عانت الأبراج قليلاً ساعة قيام الثورة حيث انتشرت بعض أعمال البلطجة، لكن أفراد الأمن كانوا لها بالمرصاد. التجديدات فى الأبراج كانت فى المداخل فقط، لكن الواجهة ظلت كما هى رغم تعاقب السنين الطويلة عليها، أبراج أغاخان يصل عددها إلى 15 برجاً، يحتوى كل برج على 24 دوراً سكنياً، بخلاف المحلات التجارية المقامة فى الأدوار الأرضية. أسعار الشقق فى الأبراج غالى الثمن، كلما اقتربت من النهر، زاد السعر.
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة