سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
يطلق عليها الجميع الفن السابع، فالسينما تمثل فى عرف المبدعين آخر الفنون التى ظهرت، ولكنها تستطيع أن تأخذ أوصافاً أخرى، فهى سحر الحكاية، والهروب اللذيذ من الواقع القاسى، وفى شبرا موطن النجوم الذين أثروا السينما المصرية بإبداعاتهم، كان لا بد من وقفة مع أول شاشة عرض قدمت للجماهير معنى كلمة «سينما».
كانت البداية بسينما «شبرا بالاس»، التى يذكرها الجميع، بشارع شبرا بمنطقة «المسرة»، ولكن الباحث عنها سيكتشف أنها تحولت إلى مجرد ذكرى وحكاية سيرويها الأجداد فى أحد الأيام لأحفادهم عن تلك السينما الشهيرة التى قدمت نجوماً، ولكنها الآن اختفت بعد أن صدر القرار بـ«هدها»، ليرتفع مكانها «برج كبير» ومحل شهير هو «خير زمان».
لذا كانت سينما «مودرن»، التى تعتبر أول سينما تم إنشاؤها فى منطقة المظلات بشبرا، هى المحطة التالية، السينما التى تغير اسمها إلى «نيو مودرن» بفعل المستأجر الحالى، ما يرفضه الجميع، فاسمها بحسب «سعيدة»، تاجرة الفاكهة، «مودرن، ولا نعرفها إلا بهذا الاسم»، كانت تعانى من اختفاء ملامحها وسط زحام موقف الميكروباصات، وكوبرى المظلات، وقهوة لصيقة بها، وحديقة لم تخفِ علامات الزمن التى أصابت المبنى فظهرت الشقوق واضحة متناثرة بين جوانحه، بالإضافة إلى بعض الحفر على جدرانه، أما المدخل الذى علقت عليه أفيشات لبعض الأفلام الحديثة، فيجعل الزائر مندهشا، فـ«شباك التذاكر» يخلو من أى متفرج حتى ولو على سبيل السؤال.
بداخل مكتب أنيق علقت على أحد جدرانه آيات قرآنية ولوحة فنية بسيطة، به بعض الأثاث القديم، جلس أسامة محمد، مدير سينما مودرن، بنظارته الطبية، بدأ حديثه عن حال سينما مودرن التى طالها الإهمال والنسيان، ولكن الأمر ازداد حاليا، معبراً فى جملة بسيطة: «هذه السينما تعبر عن حال مصر، فالسينما دوماً كانت مرآة واقعها».
يحكى أسامة بشغف عن بداية إنشاء سينما مودرن، التى تعود إلى بداية الستينات، عندما كانت قاعة احتفالات أنشأها الرئيس جمال عبدالناصر ليعقد بها احتفالات عيد العمال، بالإضافة إلى كونها مسرحاً مخصصاً لإبداعات العمال، ولكن بعد إنشاء قاعة المؤتمرات بمدينة نصر قرر عبدالناصر أن يتم استغلالها بشكل أفضل لتتحول إلى قاعة عرض سينمائى، يتم استئجارها من النقابة العامة للغزل والنسيج التى تملكها.
الزمن لم يرعَ لسينما مودرن أنها حملت بين أرجائها فى يوم من الأيام خطب زعيم هز وجدان الشعب المصرى، فبعد أربعين عاما وبالتحديد عام 2000 شهدت السينما إنشاء أول مول تجارى فى مصر، الذى أصابه الكساد التجارى ليتحول فى النهاية إلى كافيه، وقاعات للأفراح.
التغيير الاقتصادى كذلك صاحبه تغيير اجتماعى فى ذوق الجماهير التى كان يهزها أفلام مثل «المتسول» و«شعبان تحت الصفر» لعادل أمام، التى كانت تستمر سنة أو أكثر، أما الآن فنوعية الأفلام تغيرت، وأصبحت أفلام مثل «عبده موتة» و«شارع الهرم» هى صاحبة النصيب الأكبر من الإيرادات، التى أقبلت على مشاهدتها جماهير لا تفهم معنى للسينما سوى أنها مكان لعرض المحرمات.
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة