دوران شبرا .. من هنا خرجت «جمعة الغضب»
عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة، التاريخ فى التقويم اليومى يشير إلى 28 يناير 2011، الهدف الوصول إلى دوران شبرا، الغاية تجمع أهالى شبرا مصر لبدء الزحف إلى ميدان التحرير.. يرفع المؤذن لصلاة الجمعة، توافد المصلون من كل حدب وصوب، افترش عامل جامع الخازندار «حصائر» أغلقت الشارع، تكاد تكفى المصلين المتوافدين بعد أن اكتظ بالداخل عن آخره، قبل أن يسترسل الإمام فى خطبته البعيدة عن أى توجه سياسى، يسمع دوى وصول مدرعات الشرطة فينهى خطبته ويؤم الناس للصلاة، وقبل أن يشير إلى وجود صلاة جنازة لم تبدأ بعد، صرخات النداء الشهير «الشعب يريد إسقاط النظام» كانت هى الأسرع، ونقطة الالتقاء بـ«الدوران» باتت صعبة بعد أن حاصرتها قيادات الشرطة، فهذا الميدان الصغير هو مصب كل ينابيع الشوارع الرئيسية، نقطة التقاء القادمين من الكورنيش وروض الفرج يميناً، والمتوافدين من شارع خلوصى والترعة البولاقية يساراً، وهمزة الوصل الوحيدة للمتجهين من شارع شبرا والخلفاوى إلى النفق ومنه إلى «التحرير»، هنا يسير الطريق مع عقارب الساعة.
اكتسبت منطقة دوران شبرا أهمية خاصة عند أهلها، ليس فقط لأنها تذكرهم بـ«جمعة الغضب» ولكنها أكثر المناطق حيوية من حيث محلات الأطعمة والملابس وتصوير العرائس، دنيا خاصة تدور حول تلك المسلة الصناعية التى تتوسط «الدوران»، يتحدث عنها ميخائيل يوسف، صاحب أحد محلات الملابس «من هنا قامت ثورة الشبراوية، رغم أن الميدان يراه القادم من كل الشوارع الرئيسية فإن الوصول إليه يوم جمعة الغضب كان الأصعب، فالأمن وضع خطته الرئيسية بالاستحواذ على الدوران حتى لا يلتقى أى فريق بالآخر، وبعد صراع دام ما يقرب من 4 ساعات بين خرطوش وقنابل غاز الأمن والمتظاهرين انسحب الأمن وأمطرت الشوارع بشراً وصل أولهم إلى نفق شبرا على مشارف الوصول إلى التحرير بينما آخر المظاهرة ما زال فى الدوران، هنا فقط علمت أن الأمر لن يكون مجرد مظاهرة عادية، بل إنها حرب لم يتنازل فيها الشبراوية عن حقوقهم، ولن يوقفهم أحد عن الزحف إلى الميدان».
كثيراً ما كانت شبرا محط أنظار كتاب الدراما، ومن هنا كان لدوران شبرا نصيب خاص من مسلسل رمضانى حمل نفس الاسم، فهى أكثر المناطق المعبرة عن كافة طبقات وشرائح المجتمع المصرى، يقف الرجل الستينى ليشير إلى عمارات تحمل طرازاً قديماً ويقول «هنا يسكن ميسورو الحال، فمن حالفه الحظ أن يطل بشرفته على الدوران «يبقى مبخت»، بيشوف شبرا كلها من مكانه، وأكبر دليل على ذلك أن الأبراج الشامخة التى بنيت حديثاً اقتربت أسعارها من المليون جنيه، أما هنا فى شارع روض الفرج والشوارع الفرعية من شارع خلوصى بها محدودو الدخل أمثالنا، وتتفرع منها أزقة صغيرة بها عشش معدومى الدخل، الكل يتعايش مع بعضه، مسلم ومسيحى على السواء، لا اختلاف الطبقات أو الأديان يمثل لنا أى مشكلة».
ما زال دوران شبرا يقوم بدوره الثورى إلى يومنا هذا، رفع شعار «الثورة مستمرة» فجاء بجواره المتظاهرون معلنين رفضهم لسياسات الرئيس محمد مرسى، ومن قبل قام بعض الأهالى بعمل مسلة تحمل شكل الموجودة بالميدان وكتب عليها أسماء الشهداء وقاموا بحملها إلى ميدان التحرير، وهنا تجمع الأقباط مع المسلمين بعد أحداث كنيسة القديسين منددين بتفجيرها، وهنا انطلقت المظاهرات ضد المجلس العسكرى، تاريخ دوران شبرا سطره أهله من مظاهرة إلى عصيان إلى احتجاج فى رحلة لم يغير فيها أحد قِبلته عن الميدان الأشهر.
أخبار متعلقة:
لما تلاقى المسلم جوا الكنيسة.. «يبقى أنت أكيد فى شبرا»
حكايات المبانى الأوروبية التى تحولت لمدارس ومستشفيات
"شبرا" العمومي.. من حدائق للتنزه إلى أسواق تجارية
الفاترينات تمليك.. والباعة "جامعيون".. هنا ممر " الراعى الصالح"
أبراج «أغاخان» والكورنيش .. للرقى وجوه كثيرة
سينما مودرن.. الأثر المنسى من مكان لخطب عبدالناصر إلى عرض «عبده موتة»
جامع الخازندار.. قبلة الثوار والوحدة الوطنية
"روض الفرج" من سوق "الفتوة" إلى قصر ثقافة
المشاهير .. "شبراوية" أباً عن جد
«العسال».. عرف بتجارة المخدرات ويرفض الاتهام بالبلطجة