«وسط البلد».. الخصومات والعروض والتسويق على «السوشيال ميديا» وسائل لتنشيط المبيعات.. والمشترون: «هنلف لفة ونرجعلك تانى»
بعض المحلات لجأت إلى تقليص العمالة لمواجهة ارتفاع الأسعار
لافتات خصومات كبيرة وضعت على أبواب محلات الملابس فى شوارع منطقة وسط البلد، كلها تدعو المارة إلى الدخول لشراء «ملابس العيد» بأسعار مخفضة «بعض الشىء»، أو شراء قطعتين بثمن قطعة واحدة، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل فى جذب «الزبون» الذى لم يعد قادراً على شراء طاقم العيد، بحسب كلام أصحاب هذه المحلات.
محمد عثمان، شاب عشرينى، يدير أحد محلات الملابس فى شارع طلعت حرب، جلس على مكتبه فى الطابق الثانى من المحل الذى لم يشهد طوال فترة حديثه دخول مشترٍ واحد، يتحدث عن فترة التجهيز لموسم العيد التى كانت تبدأ قديماً مع بداية شهر رمضان وربما كانت تسبقه بأيام، إلا أن الوضع الآن لم يعد كذلك، حسب قوله، فرغم تبقى أيام قليلة على نهاية الشهر الكريم، إلا أن الموسم لم يبدأ بعد وقال: «الأسعار موقفة الدنيا والزبون اللى كان بياخد طقمين فى الأيام دى دلوقتى بياخد طقم بالعافية».
عروض وتخفيضات استقبل بها «محمد» زبائن محله طيلة أيام شهر رمضان، لعلها تكون دافعاً للشراء، إلا أنها لم تحقق الهدف منها، فالأسعار ما زالت مرتفعة عما كانت عليه قبل بضعة أعوام، الأمر الذى أثر سلبياً على دخل المحل الذى يديره «محمد»، فمعدلات البيع تنخفض تدريجياً كل عام عن العام السابق له، وانخفضت هذا العام بنسبة تزيد على 25% مقارنة بالعام الماضى، وهو ما جعل عدد العاملين فى المحل يتقلص إلى 7 أفراد فقط بعدما كانوا 10 عمال العام الماضى، ومن قبل كان عددهم 17 عاملاً.
«هنلف لفة ونرجعلك تانى»، هى الجملة الأشهر التى تتردد على آذان «محمد» ومن يعمل معه فى المحل من قبَل الزبائن المترددين عليهم، إلا أن أغلب من يقولها لا يصدق فيها، حسب قوله: «محدش بيرجع»، مشيراً إلى أن سوق الملابس لم يعد كما كان فى الأعوام الماضية.
فى محل ملابس آخر فى وسط البلد، يرى الثلاثينى رجب حنفى، أحد العاملين بالمحل، أن أسعار الملابس هذا العام لم تعد فى متناول المواطن العادى، وعبر عن ذلك بقوله ساخراً: «الناس دلوقتى بدل ما بتجيب لبس بتجيب أكل وشرب بالعافية»، تذكر «رجب» عمليات البيع والشراء للملابس فى الماضى، حينما كان يتردد على المحل الذى يعمل به من يسميهم «زباين المستورد»، حيث كانت كل بضاعته حينها مستوردة من الخارج، وهو ما يتناسب مع طبيعة المكان الذى يبيع فيه، إلا أن هذا لم يعد بمقدوره الآن، وأصبحت نسبة كبيرة من البضاعة فى المحل مصرية وصينية وقلت نسبة المستورد وبالتالى خسرنا «زبون المستورد» حالياً، مضيفاً: «بيدخل يلاقى الشغل المصرى يسيبنى ويمشى، بس بيكون غصب عنى لأن البنطلون المستورد اللى كنت ببيعه زمان بـ350 جنيه دلوقتى لو هجيبه هبيعه بـ1000 جنيه، بخلاف زيادة أجور العاملين وزيادة فواتير الكهرباء، وهى كلها أمور يتحملها العميل فى النهاية على الأسعار التى بيشترى بيها، بجانب دخول الموسم أثناء امتحانات الثانوية العامة وهو ما زاد من الركود فى الأسواق».
صفحات مواقع التواصل الاجتماعى كانت أحد المنابر الحديثة التى لجأ إليها «رجب» فى تسويق الملابس التى يبيعها فى المحل الذى يعمل فيه، إلى جانب الخصومات والعروض، الأمر الذى يساهم معه بعض الشىء فى رفع نسبة المبيعات، إلا أنها أيضاً ما زالت قليلة مقارنة بالعام الماضى.
ورغم حالة الركود التى تعيشها محلات الملابس، إلا أن مصطفى محمد، صاحب الـ26 عاماً، ومدير أحد محلات الملابس داخل مول طلعت حرب، نظر للأمور بنظرة مختلفة، حيث يرى أنه رغم قلة حركة البيع مقارنة بالمواسم الماضية، إلا أن البيع مقارنة ببقية أعوام السنة يعد مقبولاً لأن رمضان شهر ينتظره أصحاب المحلات لتغطية فارق البيع فى غيره من أشهر العام، وقال: «لما أبيع فى شهر رمضان بـ150 ألف مثلاً وفى الأيام العادية أكون باعمل 70 ألف فى الشهر فدى حاجة بتغطى معايا شوية»، مشيراً إلى أن أسعار الملابس لم تعد تشكل نوعاً من المفاجأة بالنسبة للمواطنين لكونها فى تزايد مستمر خلال الأعوام الماضية.
«مصطفى» قضى ما يزيد على 10 أعوام فى العمل بمجال الملابس، رأى خلالها نسباً متفاوتة للأرباح من البيع، كانت فى الماضى تصل إلى 30%، أما الآن لا يتعدى الربح 15%، نظراً للعروض والخصومات الدائمة التى يتم تقديمها للعملاء لحثهم على الشراء.
حالة الركود فى البيع لم تعد مقصورة على أصحاب محلات الملابس فحسب، وإنما أصابت سوق الأحذية، حسب قول الستينى إسماعيل الشناوى، صاحب محل أحذية فى شارع 26 يوليو: «البيع بقى معدوم عندنا من ساعة ما سعر الدولار زاد»، ويعمل «إسماعيل» فى مجال بيع الأحذية منذ عدة عقود، إلا أنه لم ير ركوداً فى البيع مثل هذه الأيام، مضيفاً: «بقالى 40 سنة ببيع وبشترى وأول مرة تيجى عليا أيام صعبة بالشكل ده».