5 تحديات أمام الشمول المالى فى مصر.. وقيادات البنوك: نعمل بخطط منضبطة للتيسير على العملاء
الشمول المالى يواجه عدة تحديات فى مصر
يلعب الشمول المالى دوراً بارزاً فى دفع اقتصاديات الأمم، خاصة فى ظل الجهود، التى تبذلها البنوك المركزية والتجارية لتوطيد أواصر التعاون ونشر الثقافة المصرفية فى الدول، حيث تعهدت دول العالم خلال العقد الأخير، بتحقيق الشمول المالى عن طريق إتمام كل الخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع من خلال القنوات المالية والمصرفية الرسمية.
وتبرز أهمية الشمول المالى فى القدرة على تحقيق الاستقرار المالى، وزيادة نصيب القطاع الرسمى على حساب غير الرسمى، فضلاً عن توفير المزيد من السيولة لتمويل المشروعات القومية العملاقة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
طارق الخولى: البنوك العالمية تخصّص 50% من موظفيها للعمل فى قطاع "الكول سنتر".. ولدينا استراتيجية واضحة لتطوير الخدمة
وعلى الصعيد المحلى، وضعت الدولة الشمول المالى هدفاً رئيسياً لها خلال السنوات الأخيرة، بداية من إنشاء الدولة للمجلس القومى للمدفوعات، وإطلاق البنك المركزى الكثير من المبادرات، وعلى رأسها مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بفائدة 5%، وإصدار تعليمات بفتح الفروع الصغيرة للبنوك، بهدف التوسّع فى تقديم الخدمات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة والتجزئة المصرفية، مروراً بإصدار «المركزى» تعليمات بتقديم خدمات الدفع عن طريق الهاتف المحمول، إلى جانب القواعد المنظمة لتقديم الخدمات المصرفية عن طريق الإنترنت، فضلاً عن استحداث «المركزى» إدارة مركزية خاصة للشمول المالى، وإعلان شهر أبريل من كل عام شهراً للشمول المالى.
ورغم الجهود الضخمة المبذولة لنشر وتعزيز الشمول المالى، فإن القطاع المصرفى ما زال يعانى من بعض التحديات التى تحول دون انتشار الشمول المالى بين جميع المواطنين بمختلف شرائحهم، حيث بلغ عدد المتعاملين مع القطاع المصرفى نحو 33% فقط من إجمالى المواطنين، منهم 28٪ يستغلون خدمة أو خدمتين فقط من الخدمات البنكية، بينما 36% يستخدمون الحسابات لإتمام عمليات المدفوعات الأساسية، مثل الكهرباء، و2% فقط هم من يستخدمون كل الخدمات البنكية، حسب خالد بسيونى، رئيس وحدة الشمول المالى بالبنك المركزى.
يحيى أبوالفتوح: البنك الأهلى يستهدف إضافة 1000 ماكينة صراف آلى جديدة خلال العام المالى المقبل لدعم انتشاره
لذا أجرت «الوطن الاقتصادى» مسحاً لأبرز 5 معوقات تواجه العملاء عند تعاملهم مع البنوك، والتى تمثلت فى محدودية انتشار ماكينات الـATM فى الريف والمناطق الحدودية، التى تعتبر أحد أكثر العناصر دعماً للشمول المالى، لما توفره للعملاء من إجراء المعاملات المالية فى الأماكن العامة كبديل عن الحاجة إلى موظف البنك، ويبلغ عدد الماكينات فى مصر 12٫2 ألف ماكينة ATM، تتركز أغلبها فى القاهرة والإسكندرية، بينما تعانى محافظات الصعيد، والمحافظات الحدودية من محدودية انتشارها. ويتمثل العائق الثانى فى تركز فروع البنوك فى المدن والمناطق الحضرية، مما يعيق نشر الثقافة المصرفية، فرغم ارتفاع إجمالى عدد فروع البنوك إلى 4220 فرعاً بنهاية ديسمبر الماضى، فإن عدد فروع القرى يبلغ 1016 فرعاً فقط، مما يدفع الكثير من المواطنين إلى العزوف عن التعامل مع البنوك. فيما تعتبر كثرة المستندات التى تطلبها البنوك من العملاء «سواء لفتح حساب أو الحصول على قرض»، أحد العوائق التى تُحد من تعامل المواطنين مع البنوك، والتى تؤدى فى أغلب الأحيان إلى توجه العميل لشركات التمويل الاستهلاكى، لتوفير الوقت والجهد، أو اللجوء إلى الاقتراض من أحد التجار دون شروط أو مستندات، ما يُفقد القطاع المصرفى جزءاً من التعاملات المالية للمواطنين ويُحد من نشر الشمول المالى.
ويتمثل العائق الرابع الذى يواجه العملاء، فى المشكلات التقنية للخدمات الإلكترونية التى تقدّمها البنوك، نظراً لحاجة البنوك إلى تطوير البنى التحتية التكنولوجية لأنظمتها.
حسام عبدالوهاب: 60 مليون جنيه ميزانية تدريب العاملين ببنك مصر.. وزيادة ماكينات الـATM تزامناً مع إصدار "ميزة"
لذا تعمل البنوك حالياً على تخصيص ميزانيات لدعم البنية التحتية التكنولوجية لديها، فضلاً عن جهود البنك المركزى فى تحسين البيئة التكنولوجية، حيث أعلن البنك منذ أيام عن إطلاق أول بوابة إلكترونية للتكنولوجيا المالية فى مصر، كما أطلق قواعد خاصة لمقدمى الخدمات التكنولوجية للمدفوعات وميسرى عمليات الدفع الإلكترونى، إلى جانب إصدار قواعد منظمة لتقديم خدمات الدفع باستخدام الهاتف المحمول.
كما تمثّل خدمات التعهيد أو «out source» أيضاً أحد التحديات التى تواجه العملاء عند التعامل مع البنوك، حيث يفتقد موظفو هذه الخدمات فى البنوك إلى الكفاءة اللازمة للتعامل مع العملاء، فضلاً عن عدم المرونة فى التعامل، مقارنة بموظفى الكول سنتر فى شركات الاتصالات التى تتميز بالمرونة وعدم التعقيد. ورصدت «الوطن الاقتصادى» آراء قيادات القطاع المصرفى المصرى حول التحديات التى يواجهها العمل لبحث سُبل حل هذه المشكلات، حيث قال طارق الخولى رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لبنك الشركة المصرفية العربية الدولية «SAIB»، إن التوزيع الجغرافى لماكينات الصراف الآلى يتركز فى القاهرة، الجيزة، المناطق الساحلية، والدلتا، بينما تعانى المناطق الحدودية وبعض مناطق الصعيد والريف من انخفاض فى عدد الماكينات، خاصة أن عدد فروع البنوك فى تلك المناطق منخفض للغاية، بخلاف وجود طفيف للبنوك الحكومية.
باسم قمر: البنية التكنولوجية فى مصر تتطور باستمرار.. و"تثقيف المواطنين" المرحلة الأصعب
وأوضح أن انخفاض ماكينات الصراف الآلى فى بعض المناطق يؤدى إلى رفع معدلات استخدام الكاش، مضيفاً أن على البنوك فى المرحلة القادمة التوسّع فى عدد ماكينات الـATM على مستوى الجمهورية، وعدم اقتران وجود الماكينات بإنشاء فروع للبنك. واستكمل أن البنك المركزى يحث البنوك باستمرار على فتح فروع بالمناطق المهمّشة، وزيادة عدد ماكينات الصراف الآلى بها، إضافة إلى زيادة التوعية لأهمية وسهولة التعامل مع الماكينات، وما توفره من وقت وجهد.
وشدّد «الخولى» على ضرورة اهتمام البنوك بموقعها الإلكترونى وعرض كل الخدمات والمنتجات المصرفية للبنوك من خلاله، وذلك لتوفير حرية الاختيار والمفاضلة للعملاء بين البنوك وبعضها، وتحديد مقدار العائد الذى سيحققه، ومقدار العمولات التى سيتحمّلها عند التعامل مع القطاع.
وأضاف أن البنك المركزى يحث البنوك دائماً على تيسير الأوراق التى تتطلبها من العملاء، وأن تتسم بالوضوح والشفافية، مشيراً إلى أن هناك بعض الخدمات المصرفية تتطلب استيفاء كثير من المستندات، ولا يمكن للبنك العزوف عنها.
وفى ما يخص خدمات التعهيد والكول سنتر، قال «إن الأزمة الحقيقية فى «كول سنتر» البنوك تكمن فى انخفاض عدد العاملين، حيث تقسم البنوك العالمية 50% من موظفى البنك لخدمة «الكول سنتر» فقط، ضماناً للتواصل مع جميع العملاء على عكس البنوك المحلية، كما يجب تقديم التدريب الكافى للموظفين للرد على جميع استفسارات العملاء».
من جانبه، قال يحيى أبوالفتوح نائب رئيس البنك الأهلى المصرى، إن البنك يعمل جاهداً للتوسّع فى ماكينات الصراف الآلى لتيسير الوصول لكل عملاء البنك، مشيراً إلى أن عدد ماكينات البنك تصل إلى 4000 ماكينة، منهم نحو 1350 ماكينة قابلة للسحب والإيداع، ومن المستهدف إنشاء 1000 ماكينة جديدة خلال العام المالى 2019/ 2020.
وأشار «أبوالفتوح» إلى أن البنك يعمل على تغذية الماكينات بشكل كبير، موضحاً أنه خلال أيام عيد الفطر قام البنك بتغذية ماكينات الصراف الآلى 12 مليون مرة، بقيمة 10 مليارات جنيه.
واستكمل أن البنك يستهدف التوسّع فى الفروع وماكينات الصراف الآلى المتنقلة للوصول إلى المواطنين فى المناطق النائية والمهمّشة، التى يصعب على البنوك الوجود بها باستمرار، نظراً لارتفاع تكلفة إنشاء فروع جديدة فى جميع المناطق.
من جانبه، قال حسام عبدالوهاب نائب رئيس بنك مصر، إن البنوك تحرص بشكل كبير على استقطاب كوادر مؤهلة على كيفية التعامل مع العملاء، سواء من خلال «الكول سنتر» أو فى مختلف قطاعات البنك الأخرى. وفى ما يخص بنك مصر، أوضح أن البنك يبحث دائماً عن الكفاءات من الشباب، ليكونوا أكثر مواكبة للتطورات التكنولوجية الجارية، كما يقدم البنك تدريبات للعاملين باستمرار على كل ما هو جديد، خاصة «الكول سنتر»، حيث يخصّص البنك ميزانية لتدريب العاملين تتخطى 60 مليون جنيه سنوياً. وتابع أن الإدارة الداخلية للبنك تعمل وفقاً لمعايير أداء تتم متابعتها بشكل يومى لكل العاملين بالبنك، ضماناً لتقديم أفضل خدمة للعملاء.
وأوضح أنه فى الفترة المقبلة لا بد من زيادة كبيرة فى عدد ماكينات الصراف الآلى، تماشياً مع إصدار بطاقات «ميزة» الوطنية، مشيراً إلى أن إصدار البطاقات وحدها لا تكفى لدعم الشمول المالى والتحول نحو مجتمع لانقدى.
وأضاف أن البنك يمتلك نحو 2800 ماكينة صراف آلى موزعة على كل محافظات الجمهورية، متابعاً أن البنك يستهدف زيادة كبيرة فى عدد الماكينات خلال العام المالى القادم.
وتابع أن البنوك تمتلك خططاً طموحة للتوسّع جغرافياً واستقطاب شرائح جديدة من المواطنين للقطاع المصرفى، موضحاً أن بنك مصر يمتلك أكبر شبكة فروع بنحو 640 فرعاً فى جميع أنحاء الجمهورية، ويسعى البنك فى خططه المستقبلية للتوسع جغرافياً وعدم التركز فى المناطق الحضرية فقط. فى سياق متصل، عقّب باسم قمر، كبير الاقتصاديين لمنطقة جنوب وشرق المتوسط بالبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، بأن البنية التحتية التكنولوجية تطورت فى مصر بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، مشيراً إلى أن البنوك بدأت فى مسيرتها نحو التوسّع فى تقديم الخدمات المصرفية إلكترونياً، بينما ما زالت البنية التحتية بحاجة إلى دعم كبير من البنوك، لتكون أكثر قوة وتتحمل المعاملات المالية بمختلف أنواعها.
وشدد على ضرورة اهتمام القطاع المصرفى بتبنى مبادرات ومؤتمرات، وتدشين حملات توعية ممنهجة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى حول أهمية الشمول المالى، والتعامل المصرفى، وكيفية تأثير التكنولوجيا على تيسير المعاملات المالية.