السيجارة الإلكترونية.. قاتل خفى ودعاية مزيفة
السيجارة الإلكترونية
«الإعلان عن أول حالة وفاة بسبب السجائر الإلكترونية فى العالم».. خبر تناقلته وسائل الإعلام ووكالات الأنباء، ليصبح حديث الناس فى أنحاء الدنيا، ويهتم به الجميع، ربما لأنه يضرب الدعاية المزيفة التى تسوق التدخين الإلكترونى، على أنه وسيلة للإقلاع عن التدخين التقليدى، لأن نيكوتينه أقل، وأضراره أقل، وبالتالى يعتبر بوابة خروج من جحيم التدخين.
حالة الوفاة التى أعلن عن حدوثها فى الولايات المتحدة الأمريكية، ستمثل جرس إنذار للدول والمؤسسات المعنية والمدخنين أيضاً، فهى تعنى أن الشركات التى تنتج السجائر الإلكترونية استطاعت أن تبيع الوهم للناس طوال 12 عاماً، منذ العام 2007، حيث حصل الاكتشاف الجديد على براءة اختراع عالمية.
منتجاتها إما مهربة أو مغشوشة وأسواقها بلا رقيب
فى هذا التحقيق تكشف «الوطن» أن سوق السجائر الإلكترونية فى مصر سوق غير شرعية، لا ضابط لها ولا رقيب عليها، وكل المنتجات التى تباع فيها، إما مهربة من الخارج، وإما مصنوعة فى مصانع «تحت بير السلم».
ومع استمرار تصاعد أدخنة تلك السجائر، سيتصاعد معها الكثير من الأسئلة، عن أعداد مستخدمى تلك المنتجات؟ وكم ننفق عليها سنوياً؟ وكيف تهرب إلى داخل البلاد؟ ومن يتحكمون فى سوقها؟ وما موقف الجهات الرسمية؟ وما رأى خبراء الصحة فيها؟ وكيف يراها المدخنون الآن، خاصة من قضوا سنوات يستخدمونها؟.
مواطنون: "أضرارها كتير.. وفوايدها لا تذكر.. والجلسرين كارثة"
لم يكن يدرك أدهم عاطف، 29 عاماً، وهو يقبل على تدخين السجائر الإلكترونية، أنه سيقع فريسة سهلة للدعاية التى روجت لها شركات استيراد وبيع منتجات التدخين الإلكترونى، التى بنيت على أن السجائر الإلكترونية تساعد المدخن على الإقلاع عن التدخين التقليدى، لأنها تحتوى على نيكوتين أقل، ولها أضرار أقل، ولا يتعلق بها مستخدمها مثلما يتعلق بالسجائر التقليدية.
"أدهم": "دمرتنى.. ومرة سخنت وفرقعت فى وشى"
يقول «عاطف»: «اكتشفت إن لها أضرار كتيرة، لأن الجلسرين الموجود فى الزيت بتاعها ده كارثة لوحده على الصدر»، ويوضح أنه قبل 5 سنوات قرر الابتعاد عن التدخين التقليدى، واشترى شيشة إلكترونية بسعر ١٥٠ جنيهاً حينها، لتساعده على الإقلاع عن السجائر، مضيفاً: «حبيت الموضوع جداً فى الأول، وقلت الحمد لله هبطل سجاير، لكن اكتشفت إنها عبء على عبء السجاير نفسها، بعد فترة لقيت نفسى عايز أرجع للسجاير تانى وبشراهة».
تحول إعجاب الشاب العشرينى بما اعتبره اختراع العصر إلى نقمة وانتقاد كبير، بعدما تعرض لمشاكل صحية أصابت الرئة، مؤكداً: «تعبت مابقتش أقدر أطلع السلم أصلاً، نفسى كان راح خالص وحاسس إن فيه فتحة فى صدرى بسببها، ده غير إنها رجعتنى تانى لشرب السجاير لدرجة إنى بقيت أشرب كل تلت ساعة سيجارة، دمرتنى حرفياً».
وبحسب كلامه فإن الشيشة الإلكترونية تتكون من بطارية متصلة بسلك، يستخدم فى شحنها كهربائياً، وهذه البطارية هى أكثر الأجزاء بها تعرضاً للتلف، خاصة أن سهولة استخدامها جعل منها «لبانة» تجبره على مضغها بحسب تعبيره.
ويضيف: «بتقعد معايا ٥ أيام، لما جبتها كنت فاهم إنى هشرب بالكتير ٣ مرات لقيت نفسى بقى عندى شراهة كبيرة وبدل ما أشرب مرة أو مرتين بقيت طول الوقت أغير فى الزيت وأجرب زيوت بنكهات جديدة». زيت الشيشة الإلكترونية، بحسب «أدهم»، عبارة عن مادة سائلة ممزوجة بطعم له مذاق خاص «موز، أو فراولة، أو تشيز كيك»، أو غيره، يتم وضعه بها حتى تمام عملية الحرق، ثم يبدأ هذا الزيت فى التبخر محدثاً دخاناً له رائحة شهية: «الناس اللى صنعت الشيشة كان هدفها تجذب الناس لها بأى شكل من الأشكال، وده خلاهم يفكروا فى إضافة طعم ومذاق كويس، أول ما حد يشمه يحب إنه يجرب، وفعلاً هى لها رائحة تجذب أى حد حتى لو كان مابيشربش سجاير أصلاً».
وبعيداً عن أضرار السيجارة على صحة «أدهم»، فقد تسببت له فى حادث يتذكره دائماً: «فرقعت فى وشى لما سخنت جامد، ومن وقتها وأنا بقلل منها على قد ما أقدر، لكن للأسف رجعت أدخن سجاير تانى».
محمد خالد، ٣٣ عاماً، مهندس، يقول: «الموضوع ده بقى منتشر جداً بين الشباب، خصوصاً إن شكلها حلو، وسهلة الاستخدام، وده بيخلى كل الشباب، خصوصاً المتعلمين، بيقبلوا عليها، لأنهم شايفين فيها شكل اجتماعى كويس، تكاد تقترب من أهمية العربية عند كل شاب، وكمان علشان يثبت لنفسه إنه مختلف عن باقى أصحابه وإنه بيدخن حاجة جديدة ومختلفة»،
"خالد": قطعت نفسى وأصابتنى بمياه على الصدر
وعن تأثير الأدخنة المتصاعدة من السيجارة الإلكترونية يضيف «خالد»: «الدخان مضر جداً يمكن أكتر من ضرر السجاير نفسها، لأنها بتعتمد على الشفط وده بيدخل أكبر نسبة ممكنة من الدخان على الصدر، هى لحد دلوقتى مفيهاش نيكوتين لكن الزيت بتاعها مخلوط بجلسرين، وده اللى عرفته عنه إنه خطير جداً على الصدر». ويتابع: «فيها نظام بيسمح بزيادة الدخان، المؤشر بيكون عند ٤٠ فى العادى، لكن مع الوقت بتوصل الشراهة فى التدخين لـ٧٠ على المؤشر، وطبعاً لما المؤشر بيزيد ده بيهلك البطارية، وبيزود من خطورتها لأنها سهل تتكسر فى أى وقت لأننا بنستخدمها بشكل سيئ طول اليوم تقريباً».
عانى «خالد»، بحسب كلامه، من مرض صدرى، فأصبح لا يطيق الجلوس فى الأماكن المغلقة، وقرر الذهاب إلى طبيبه الخاص الذى أكد له أنه مصاب بـ«مياه على الصدر»، موضحاً: «مش لاقى مبرر للميّه اللى على صدرى غير إنها بسببها ودى منطقى جداً، خصوصاً إنى بدخن فى اليوم علبة زيت كاملة ودى تمنها ٦٠ جنيه، يعنى السجاير أوفر منها، ولما بزهق من الطعم، بجيب أكتر من علبة زيت وأخلطهم على بعض، علشان أحس بطعمها». ويضيف: «بتقصر النفس بطريقة سريعة جداً، وعلى طول مرهق ومفيش طلوع سلم أصلاً، ولأنى بحتاج أحس بالنيكوتين فبدأت أشرب شيشة معسل علشان أحس بطعمها، أنا مش بعتبرها بديل، أنا يعتبرها وباء وفلوس بتترمى فى الأرض بدون أى فايدة تذكر».
"يحيى": "ماكنتش بدخن وجربتها فدخنت بشراهة"
ويقول محمد يحيى، ٢٨ عاماً، موظف: «بشرب السجاير الإلكترونية من ٣ سنين، ماكنتش بدخن أصلاً، وفى البداية ماكانتش مسببة ليا أى مشاكل، لكن بعد فترة بدأت أحس بضيق فى نفسى، ففكرت إنى أعمل الزيت بنفسى». طريقة جديدة ابتكرها الشاب العشرينى، حتى يتمكن من صناعة الزيت الخاص به بشكل آمن، حسب قوله: «بعمل الزيت بنفسى وأوقات كنت بحط عليه نيكوتين علشان، مافكرش أشرب سجاير، فى العادى الناس بتبطل سجاير علشان النيكوتين، لكن فجأة بيكون فيه شغف فى التدخين بطريقة رهيبة».
وعن مكونات الشيشة يوضح «يحيى» أنها تتكون من بطارية تمدها بالطاقة، وتتحول هذه الطاقة عبر سلك موجود بداخلها إلى حرارة تذيب الزيت الموجود فى الفتحة العليا بها، حتى يتصاعد الدخان الممزوج بخليط من الجلسرين النباتى والروائح التى يختارها المدخن بنفسه: «كنت بخلط الحاجات دى مع بعضها وبنسب بحددها أنا بنفسى، كنت بجيب النيكوتين خام وأخلطه معاهم، وكان ده بيوفر فلوس ووقت لأنها فى جيبى طول الوقت». ويؤكد أنها مكلفة نظراً لارتفاع أسعار الزيوت المستخدمة فيها.
ويقول أحمد خالد، ٢٥ عاماً، إنه قرر استخدام السجائر الإلكترونية منذ ٣ سنوات عندما نصحه صديقه بشرائها: «ملهاش علاقة أصلاً بالإقلاع عن التدخين، لأنها بتزود شراهة التدخين، بعتبرها ظاهرة مش أكتر، لأن التدخين عادة سيئة ليس إلا»، ويضيف: «مكونات الشيشة طبيعية مفيهاش مكونات صناعية، لكن الشيشة دى لوحدها كارثة بسبب الجلسرين»، ويتابع: «بالنسبة لى هى عادة مش أكتر وأقدر أبطلها فى أى وقت».
أقرا إيضا
مصادر: السجائر الإلكترونية تنتجها مصانع "بير السلم" ولا نعرف عدد مدخنيها
خبراء الصحة: السجائر والشيشة الإلكترونية "خدعة" لجذب المراهقين