تلاميذ عاشوا تحت حصار المطر.. و"مشرفات": خففنا عنهم بـ"الأغاني"
سوء الأحوال الجوية تسبب فى تكدس مرورى فى شوارع القاهرة
انتهى اليوم الدراسى بلا مشاكل، واستقل التلاميذ الأوتوبيس المدرسى للعودة إلى منازلهم، وفجأت اختلفت تفاصيل المشهد عن كل الأيام السابقة؛ الأمطار الغزيرة أغرقت الشوارع وحولتها إلى بحيرات من المياه فشهدت شللاً مرورياً بعد تكدس السيارات والأوتوبيسات بها، صوت البرق زرع الخوف فى نفوس التلاميذ الصغار، فحدثت حالة من الهرج والمرج داخل أوتوبيس المدرسة، فكان اليوم عصيباً على الجميع، ويمكن رصده فى مشهدين: الأول مشرفات أوتوبيسات التلاميذ، والثانى حالة القلق التى سيطرت على أولياء الأمور بعد انقطاع السبل بأبنائهم وصعوبة عودتهم لمنازلهم.
المشهد الأول: حاولت فيه مشرفات الأوتوبيس السيطرة على الوضع وتهدئة الصغار فاستبدلن ثوب الوظيفة بثوب الأمومة لمساعدة التلاميذ فى العودة إلى منازلهم.
الوضع فى البداية كان هادئاً فسقوط الأمطار لم يكن غزيراً وظل التلاميذ يلتقطون الصور للأمطار حتى حل الوضع الكارثى فى شارع الخليفة المأمون لأن المياه كانت فوق الرصيف و«مغطية كل حاجة»، هكذا بدأت هناء لمعى، مشرفة أوتوبيس مدرسة كلية رمسيس للبنات، حديثها عن معاناة أمس الأول خلال رحلتها إلى مصر الجديدة، أكثر المناطق المتضررة من سقوط الأمطار.
"هناء": قُلت للتلاميذ "اللى مارحش مصيف المصيف اهوه جاله هنا"
الأوتوبيس شهد حالة من الهرج والمرج، وحاولت «هناء» السيطرة على الموقف بطريقة كوميدية: «فضلت أهزر معاهم وأقول لهم اللى مارحش مصيف المصيف جاله عنده»، وكلما سار السائق فى طريقه كان الوضع يزداد سوءًا وتأخر الأوتوبيس كثيراً فى الطريق بسبب الزحام الشديد، وهو الأمر الذى استدعى اتصال الأهالى بها للاطمئنان على أبنائهم، وأضافت: «كلمونى وكنت بهدّيهم وأقول لهم إحنا هنوصّلهم لحد عندكم». نزول أول التلاميذ من الأوتوبيس كان مهمة صعبة جداً واجهتها «هناء» فى رحلتها الشاقة، لأنها كانت طفلة فى مرحلة رياض الأطفال وشقيقتها من ذوى الاحتياجات الخاصة، وعن هذه التجربة قالت: «باباهم كان واقف على الرصيف والمياه كانت عالية جداً، حاول يعدّى وسط المياه وخد الطفلة الصغيرة، وفى راجل ساعده وجه شال البنت اللى من ذوى الاحتياجات الخاصة للناحية التانية».
بذلت «هناء» ومعها سائق الأوتوبيس جهوداً كبيرة للسيطرة على التلاميذ فى رحلة العودة، حتى وصلت إلى ميدان الحجاز، الذى ازداد الوضع فيه سوءًا، فالطريق أصابه الشلل التام وتوقف «الباص» لأكثر من ساعة: «الوضع كان صعب جداً وكنا بنساعد الأهالى ياخدوا عيالهم».
الوضع داخل الأوتوبيس الذى تشرف عليه أحلام فؤاد مشرفة في مدرسة كلية رمسيس للبنات، لم يختلف كثيراً، فمنذ مغادرة السائق فى رحلة كل يوم ووصوله إلى شارع صلاح سالم، حلت الكارثة من بداية الطريق، «كان باين من الأول أن الوضع مش طبيعى وبرك المياه كانت منتشرة»، هكذا قالت المشرفة الخمسينية، وكان قرارها الذى اتخذته هو النزول إلى أحد المحال لشراء حلوى للأطفال.
لم تتوقف محاولات «أحلام» عند هذا الحد، واتجهت لمساعدة الأطفال فى قضاء حاجتهم، وكانت تستأذن أصحاب الكافيهات الخاصة لدخول الأطفال لاستخدام الحمامات.
"أحلام": كنت بأحضنهم لما يقولوا عايزين ماما.. وعدت إلى منزلى بعد منتصف الليل
حالة الخوف التى سيطرت على الأطفال واجهتها المشرفة الخمسينية بالأغانى، واحتضان الأطفال: «كانوا بيناموا ويصحوا يقولوا لى عاوزين ماما.. كنت بحضنهم»، وبعد يوم شاق ومرهق عادت «أحلام» إلى منزلها فى الواحدة من منتصف الليل، بعد يوم كارثى.
أكثر من 6 ساعات قضتها رانيا على، مشرفة أحد الأوتوبيسات الخاصة، لمساعدتهم فى العودة إلى منازلهم، بعد يوم شاق عاشته معهم، وعن هذا اليوم قالت: «أول ما ركبنا الأوتوبيس قفلت الشبابيك وكنت خايفة على الأطفال لأن الشوارع كلها غرقانة ومقفولة، وكنت باكلم أولياء الأمور قبل ما نوصل عشان ينزلوا ياخدوهم، وكانوا بيشيلوهم ويعدّوا بيهم الشارع»
أولياء الأمور: "عشنا يوم صعب"
المشهد الثانى من أزمة اليوم المطير يتضمن حال أولياء الأمور على مدار 6 ساعات قضوها فى قلق رعب على أبنائهم بعد تأخرهم فى الوصول إلى المنازل نتيجة تساقط الأمطار الغزيرة وخصوصاً فى مدينة نصر ومصر الجديدة، ما دفع بعضهم للبحث عن وسائل بديلة حتى يتمكنوا من الوصول إلى أبنائهم وإرجاعهم للمنازل.
«بنتى بترجع كل يوم الساعة 3 وبسبب المطر توقعت إنها هترجع متأخر زى ما حصل السنة اللى فاتت، لكن إمبارح ماكنش يوم طبيعى، فضلت فى الباص لحد 9 بالليل مش عارفين يتحركوا ولا إحنا عارفين نوصلهم»، هكذا تحدثت هبه محمد، ولى أمر تلميذة فى الصف الخامس تدرس فى التجمع الخامس، تفاصيل الـ6 ساعات التى قضتها ابنتها داخل الأوتوبيس بعد تعطله فى منطقة مدينة نصر.
"هبة": كنت مرعوبة على بنتى وأبوها راح جابها بموتوسيكل
وتابعت «هبة» أن ابنتها «مريم» كانت على تواصل دائم معها من هاتفها المحمول، وكانت تحاول طمأنتها، ولكن مع غروب الشمس وتساقط الأمطار بشدة زاد قلقها وخوفها، «البنت كانت بتكلمنى فى الأول وبتضحك لكن بعد كده بقت تقول لى إنها خايفة والموبايل قرب يفصل، فكنت مرعوبة عليها ومافيش فى إيدى حاجة أعملها».
وأثنت «هبة» على ما قامت به مشرفة الباص لتخفيف الوقت على الأطفال داخل الأوتوبيس، بعدما قامت بشراء حلوى ومياه معدنية لهم، ومساعدتهم فى الذهاب لأقرب مسجد بالمنطقة لدخول الحمامات.
والد «مريم» لم يجد أمامه سوى التوجه إلى مكان الأوتوبيس على موتوسيكل خاص بأحد أصدقائه حتى يتمكن من إرجاعها إلى المنزل بعدما أبلغتها المشرفة أن الأوتوبيس من الصعب أن يتحرك، وأضافت: «الساعة عدت 9 والبنت ماكانتش رجعت، فماكانش قدامنا حل غير إننا نحاول نجيبها بنفسنا، فوالدها راح لها وفضلوا فى الطريق أكتر من ساعة لحد ما وصلت البيت».
"سمر": أبنائى اعتادوا العودة الساعة 3 يومياً لكنهم تأخروا بسبب ما حدث لمدة وصلت إلى 6 ساعات
«إمبارح كان مأساة لينا ولأولادنا»، هكذا بدأت سمر سمير، ولى أمر 3 طلاب بمراحل تعليمية مختلفة، حديثها، مشيرة إلى أن أبناءها اعتادوا الرجوع الساعة 3 يومياً لكن بسبب المطر وتعطل حركة المرور عاد ابنها الأكبر، بعد 6 ساعات، فيما عاد الآخران فى تمام السادسة مساءً: «ابنى اللى فى كى جى كان بيكلمنى وبيعيط، وما قدرتش أروح له لأن الطريق كان واقف خالص وفضل فى الباص 3 ساعات، والكبير كنت بتابعه بالتليفون لحد ما رجع البيت».