مساعد وزير الداخلية السابق: مواقع التواصل وراء تضخيم الجرائم الجنائية
اللواء عادل عبدالعظيم
قال اللواء عادل عبدالعظيم، مساعد وزير الداخلية السابق، إن هناك كثيراً من الجرائم الجنائية التى تناقلتها الشائعات وتحولت إلى موقف سياسى ناتج عنه تبرير موقف لإثارة الرأى العام وتسييسها بغرض تحقيق أهداف أخرى، لافتاً إلى أن جريمة قتل محمود البنا «شهيد الشهامة»، ليست الجريمة الأولى التى أثارت الرأى العام، بل سبقتها حادثة مقتل طفلى ميت سلسيل بالدقهلية، التى كان غرضها إبعاد التهمة عن الجانى «والد الطفلين». أضاف «عبدالعظيم» فى حوار لـ«الوطن» أن الهدف من إظهار تلك الجرائم الضرب فى مصداقية الدولة والتشكيك فى الإجراءات التى تقوم بها الأجهزة الأمنية، وهذا يعتبر شكلاً من أشكال محاربة الدولة والسعى إلى إسقاطها عبر تداول الشائعات والمعلومات المغلوطة، ومحاولة إظهار انعدام الأمن داخل المجتمع المصرى، مؤكداً أن الدولة متقدمة فى الكشف عن الجرائم الجنائية ويجرى التعامل معها بشكل سريع فور الإبلاغ عنها. إلى نص الحوار:
اللواء عادل عبدالعظيم لـ" الوطن": أهالى الجناة يسعون لتبرئة المتهم بفبركة الأحداث وإحداث حالة من اللغط للتأثير على التحريات والتحقيقات
بداية.. كيف تتحول جرائم القتل الجنائية إلى ميادين السياسة والرأى العام؟
- تمر عملية تحويل الجريمة الجنائية البحتة إلى قضايا «رأى عام» بطرق عدة، تبدأ أولاً منذ لحظة وقوعها، ثم التشكيك فيها داخل أسرة الجانى، ثم تصعيد الجريمة على المواقع الإلكترونية والسوشيال ميديا، ومحاولة لإظهار بأن هناك أطرافاً كبيرة داخل الجريمة وعلى علاقة بالجانى، وعليه تصبح القضية لها تأثير كبير على المواطنين، وتقوم القنوات التى تبث من الخارج باستغلال الجريمة الجنائية لترويج الشائعات والأكاذيب والإساءة لمصر، وهذا ما رأيناه فى جريمة القتل البشعة التى تعرض لها الشاب «محمود البنا»، عندما تحولت جريمة قتل واضحة رصدتها كاميرات المراقبة إلى قضية مسيّسة ومثيرة للرأى العام بغرض تحقيق أهداف أخرى، بخلاف تحقيق العدالة ومحاسبة الجانى.
وقبل تلك الجريمة كان هناك حادث قتل طفلى ميت سلسيل بالدقهلية، العام الماضى، واستبق أهالى الجانى، تحقيقات الشرطة والمباحث الجنائية والنيابة، وجرى تهويل القضية والنفخ فيها على مدار أشهر طويلة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، وفى النهاية كل هذا كان هدفه إظهار أن الجريمة فى طريقها للتسييس واتخاذها ذريعة لمحاولة ضرب استقرار الوطن بالشائعات عن الفوضى والتفكك الاجتماعى.
يجب تشديد عقوبة "ترويج الأكاذيب والشائعات" إلى السجن المؤبد وعلى الإعلام التصدى لها والرد عليها بسرعة حتى نستطيع السيطرة عليها
وكيف تؤثر «السوشيال ميديا» فى تطور الجرائم اليوم؟
- تعمل السوشيال ميديا على تضخيم الجرائم وإثارة الفزع داخل المجتمع، خاصة أن لها تأثير كبير على النشء والشباب، كما أن كل فرد فى الأسرة أصبح يعيش فى عالم يختلف عن الآخر، رغم جلوس كل منهم بجانب الآخر، لكنهم مشغولون بالعالم الافتراضى وقضاء أوقاتهم من خلاله بما يشهده من ترويج للشائعات وإثارة البلبلة، ومحاولة تصدير حوادث فجَّة تشكك المواطنين فى الدولة.
هناك الكثير من الدوافع وراء ذلك، أبرزها أولاً: ضرب الدولة وتصدير صورة بأن الأمر ليس مجرد جريمة قتل، وهذا شكل من أشكال محاربة الدولة وإسقاطها، وتوجيه الرأى العام عبر السوشيال ميديا، رغم أن الجريمة قام بها شباب لم ينضجوا بعد، ثانياً إظهار انعدام الأمن داخل المجتمع، فالجماعات الإرهابية تقوم على تعظيم أى فعل صغير يوصف بأنه جنائى بحت، وتحويله لعمل سياسى.
كما أن الدافع أيضاً قد يرجع إلى محاولة تبرئة الجانى الحقيقى فى القضية، فيقوم أقارب الجانى بإحداث حالة من اللغط حول الجريمة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى بصورة مغايرة للحقيقة للتأثير على تحريات أجهزة الأمن والمباحث وتحقيقات النيابة، فى محاولة لنسف القضية، ولهذا فإن الأمن يعتمد على الأدلة والبراهين لإثبات التهمة على الجانى، فضلاً عن الاعتماد على كاميرات المراقبة التى تثبت مرتكب الجريمة.
كيف يتم التصدى لظاهرة تسييس الجريمة وتضليل الرأى العام؟
- الجماعة الإرهابية لديها كوادر كبيرة وتقنية عالية فى متابعة الأحداث أولاً بأول، كما أنها سباقة فى تصدير المشهد الذى تريده للقنوات والسوشيال ميديا، واستغلال ذلك كعنصر مؤثر على المجتمع والرأى العام، ولأجل التصدى لتلك الجرائم الجنائية التى طفت على سطح المشهد السياسى، يجب العمل على نقل المعلومة الصحيحة للمواطنين منعاً لنقل الشائعات، إضافة إلى تحديد الفئة التى تستحق بالتعامل على مواقع التواصل الاجتماعى، عبر فرض رسوم وهذا من شأنه تجاوز سوء استخدام السوشيال ميديا، ومنع نقل الشائعات واستخدام المواقع بشكل سلبى وتناقل أخبار كاذبة، هدفها التشكيك فى مؤسسات الدولة، بجانب التوعية من الأسرة ومراقبة أطفالهم وشبابهم فى مراحل عمرية حرجة والعمل على حُسن تأهيلهم، وتوعية المواطنين بأساليب تزييف الحقائق، التى يتبعها البعض، نتيجة التطور التكنولوجى، ضمن حروب الجيل الرابع، والطرق التى يستخدمها بعض المحترفين فى تزييف الحقائق، إضافة إلى أنه يجب تغليظ العقوبة ضد من يروج الأكاذيب والشائعات وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعى لتصل إلى السجن المؤبد، وضرورة رصد الشائعات والرد عليها، وتفعيل العقوبات بقانون جرائم الإنترنت، وتغليظها، لمواجهة هذه الجرائم، كما أنه على وسائل الإعلام ألا تترك تلك الأكاذيب دون الرد عليها ودحضها بسرعة.