انتحار
تشكل نتيجة الامتحانات الدراسية أزمة كبيرة بالنسبة للعديد من الطلاب، الأمر الذي قد يؤثر عليهم بشكل سلبي ويسبب لهم ضغطا نفسيا كبيرا، لدرجة قد تصل ببعض الطلاب للإقدام على الانتحار حتى قبل ظهور النتائج وربما أثناء الاختبارات أو بعدها، سواء خوفا من انتظار النتيجة أو لاستنتاج أنها ستكون غير جيدة لعدم إجابتهم في الامتحان.
وكانت آخر وقائع انتحار الطلبة، انتحار الطالب "أحمد. إ." في الصف الثاني الثانوي، بمحافظة أسيوط، عن طريق شنق نفسه داخل غرفته بقرية كوم أبو شيل، وبسؤال أسرته رجحوا أن يكون السبب وراء انتحاره هو عدم إجابته في الامتحانات التي تنتهي الخميس المقبل.
لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يقدم فيها طالب أو طالبة على الانتحار بسبب خوفهم من النتيجة حيث سبق وتكرر ذلك كثيرا، ففي ديسمبر العام الماضي، أقدمت الطالبة "دنيا.ا.ع" بالصف الثاني الإعدادي، على الانتحار من خلال تناولها حبة حفظ الغلال المعروفة بـ "الحبة القاتلة"، داخل منزل أسرتها بقرية شباس الشهداء التابعة لمركز كفر الشيخ.
وسبب انتحار "دنيا"، هو حدوث مشادة كلامية بينها وبين والدها بسبب المذاكرة، فأسرعت بتناول الحبة القاتلة للتخلص من حياتها ولم يستطع أهلها إنقاذها.
وفي ديسمبر الماضي أيضا، أقدمت طالبة على الانتحار قفزا من أعلى مبنى داخل مدرسة الثانوية الفنية للتعليم الصناعي بمركز منيا القمح في الشرقية، فبعد انتهاء الطلاب من أداء الامتحانات غادرت المتوفية لجنة الاختبار رفقة زميلاتها ثم أخبرتهن برغبتها في الانتحار، وبعد وقت قصير قبل مغادرتهن المدرسة تركت زميلاتها وصعدت إلى الطابق الثاني وألقت بنفسها لتسقط على الأرض وتلقى مصرعها في الحال.
وخوفا من الرسوب، انتحرت الطالبة "ندي.م.ح" بالصف الثاني الثانوي بمحافظة البحيرة، بعد تناولها قرص من حبوب حفظ الغلال القاتلة، لمرورها بضغوط نفسية عقب أدائها امتحان مادة الجغرافيا، وكان ذلك في يونيو من العام الماضي.
وانتحرت أيضا طالبة "إ. أ" بالصف الثالث الثانوي، تقيم في مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ، شنقا باستخدام "إيشارب"، لمرورها بحالة نفسية سيئة بسبب ضغوط المذاكرة المستمرة، داخل غرفة نومها، وفي يوم وفاتها عنفتها والدتها بسبب المذاكرة.
وفي يونيو العام الماضي، انتحر الطالب "شريف وليد" في الصف الثالث الثانوي، بإلقاء نفسه من الطابق الـ4 في مدرسة القرشية، بمركز السنطة، في محافظة الغربية، بعد دقائق من اطلاعه على أسئلة امتحان مادة الكيمياء، واكتشاف صعوبة الامتحان.
شرحت الدكتورة هالة حماد، استشاري الطب النفسي، لـ "الوطن"، أن السبب وراء انتحار الطلاب قبل النتيجة أو أثناء الامتحانات هو نتيجة تربية الأهل لهم على الخوف الشديد: "لا يحدث إلا لو في ضغط نفسي شديد، والخوف يوصل لمرحلة إن أنا مستعد أواجه الموت عن إني أواجه النتيجة، ده معناه وجود ضغط شديد من البيت".
وأوضحت "هالة" أن هناك بعض الأهالي سواء الأم أو الأب، يعملون على تحفيز أبنائهم بشكل خاطئ عن طريق اللوم وتأنيب الضمير، مثل: "انت عارف أنا صرفت أد إيه لتعليمك ودراستك، أمك هتموت لو مجبتش مجموع"، مضيفة: "الرعب ده بيخليه يحس بتأنيب ضمير عالي واكتئاب وخوف فينتحر".
وتابعت استشاري الطب النفسي: "يمكن يكون هو شاطر وناجح وأدى بشكل جيد في الامتحانات وقبل النتيجة يظن أنه حل بشكل سيء وخياله يصور له كده، ومن الخوف إن النتيجة هتطلع سيئة فأنا مش هستناها أنا هنتحر".
وقالت "هالة" إن الطالب الذي يمر بخوف شديد من الأهل يشعر بأنه لا يستطيع مواجهتهم أو مواجه المستقبل ويكون الأمر صعبا عليه ومرعبا، فيرى أن الأسهل الانتحار.
ووجهت الطبيبة النفسية النصيحة للأهل بأن أسلوب التحفيز والحث بالخوف هي طريقة فاشلة وتسبب المشاكل النفسية للأبناء وقد يؤدي للاكتئاب أو مرض القلق النفسي أو فقدان الثقة بالذات أو فقدان الرغبة في العمل: "لازم نحفزهم بثقتهم في نفسهم وحلمهم هما مش حلمنا احنا، وقدرتهم والأمل ومن غير لوم، وتقبل أدائهم السيء في بعض الأوقات والتسامح مع أرقام مش حلوة أو عدم المذاكرة، وفهم مرحلة المراهقة جيدا وأن هناك ضغوطات تانية غير المذاكرة عليهم".
تعليقات الفيسبوك