سينما الشارع.. متعة أطفال غزة رغم أنف الاحتلال
مبادرة سينما المخيم في غزة
في حارات وأزقة امتلأت بحطام المنازل التي قصفها طيران الاحتلال، يكسر مشهد الظلام والسكون الذي يكسوها ساعات طويلة من الليل ضحكات الأطفال على مشهد عابر لمغامرة كرتونية يتابعون أحداثها باهتمام شديد عبر شاشة عرض صغيرة، تصحبهم إلى عالم آخر يخلو من الصراعات يتناسون به ما حل بمدينتهم من خراب، فتتبدل أصوات المدافع في آذانهم، بالموسيقى التصويرية ذات الطابع الطفولي، يتشبثون بالحياة ما استطاعوا إليها سبيلاً يساعدهم على ذلك شباب متطوع اتخذ من سعادة أطفال غزة غاية يسعى لتحقيقها بشتى الوسائل المتاحة والممكنة.
شوارع غزة تكاد تخلو من أبسط وسائل المعيشة الميسرة، لا سبيل للرفاهية بها، بعد أن حال جنود الاحتلال بينهم وبين مباهج الحياة، حتى انطلقت مبادرة "سينما المخيم" المجتمعية الجديدة بواسطة متطوعين شباب في قطاع غزة، من وحي المعاناة التي يعيشها الأطفال هناك، تتلخص فكرتها، وحسب رواية الشاب فداء اللداوي أحد القائمين عليها، في وضع شاشة عرض مغطاة بقطعة قماش كبيرة لتعطي إيحاءا بأجواء السينما، متصلة بجهاز كمبيوتر محمول "لاب توب" لعرض أفلام كرتونية ترفيهية وثقافية يلتف حولها العشرات من أطفال الحارة في إنصات شديد يتضح جليا في بريق أعينهم وابتسامات مرسومة على وجوههم يشحذون بها طاقتهم للبقاء صامدين في وجه الاحتلال.
فداء: الجلوس على حصير في الأرض أو كراسي بلاستيك
شاشة العرض المثبتة بواسطة خشبتين من الجانبين يصطف يلتف أمامها عشرات الأطفال الجلوس على حصير مفروض بالأرض، تارة، أو الجلوس على كراسي بلاستيكية متراصة جنبًا إلى جنب، تارة أخرى، غير مكترثين ببشاعة المنظر من حولهم، تنعكس البهجة على ملامحهم البريئة.
وحسب رواية فداء ابن مخيم النصيرات الفلسطيني لـ"الوطن" انطلقت المبادرة بعرضها الأول في الـ14 من يناير الجاري حضره نحو 150 طفلا من أطفال المخيم، يتنقلون بين الحارات والأزقة حسب الأحوال الجوية مستهدفين تقديم عرضين في الأسبوع الواحد لتخفيف وطأة معاناة الحرب وانقطاع التيار الكهربي بأمر الاحتلال عن أطفال القطاع.
الترفيه والتسلية ليست الغاية الوحيدة التي يستهدفها الشباب المتطوع صاحب المبادرة، حيث تعزز الأفلام المعروضة على الأطفال الصغار مفاهيم هادفة كالتعاون والانتماء للوطن، لكونهم أكثر الفئات المتأثرة بالحصار والحرب الاقتصادية التي تعصف بمدينتهم، وذلك بعد أن أغلقت دور العرض السينمائي أبوابها مع بداية الانتفاضة عام 1987.