"العالم يصطف أمام كورونا".. ماذا قدم أثرياء مصر "وقت الأزمة"؟!
أثرياء العالم يعلنون عن "دعم عابر للقارات" لمواجهة انتشار الفيروس
مليارديرات العالم يعلنون الحرب ضد «كورونا»
فى أوقات الأزمات.. تتغير كل القواعد.. تعلن حالات الطوارئ.. فلا صوت يعلو فوق صوت الأزمة.. الجميع يتكاتف وراء الدولة.. وراء قيادتها.. حكومتها.. لا مجال للخلاف أو الاختلاف.. الجميع فى مركب واحد.. إما أن تمر لتصل.. أو تتعثر فيتعثر الجميع!
شهدت الأيام الماضية تعاملاً غير مسبوق مع الأزمات فى مصر.. شعر الجميع بمدى قوة الدولة.. وقدرتها على تحمل الصدمات.. وبفلسفة لم نعهدها فى السابق.. الدولة تتعامل بشكل استباقى مع كل المتغيرات.. ولم تنتظر حتى يناشدها أحد بالتحرك.. أو يخرج الخبراء والمتفلسفون ليحددوا مواطن القوة المطلوب دعمها.. ومواطن الضعف المطلوب تلاشيها.
ملياردير صينى يسيّر طائرات لأفريقيا وأمريكا وأوروبا
عالمياً.. خرج الأثرياء والمليارديرات ليعلنوا بوضوح الدعم لأوطانهم.. بل وللعالم أجمع.. حيث أعلن الملياردير الصينى «جاك ما»، مؤسس موقع «على بابا» للتسوق الإلكترونى تبرعه بملايين الأجهزة لاختبار الفيروس، وأقنعة الوجه للولايات المتحدة وأوروبا وأفريقيا على أن تحملها الطائرات لهذه الأماكن.. وليس للصين فقط! وأعلن الملياردير الأمريكى إيلون ماسك، الرئيس التنفيذى لشركة «تسلا» وشركة «سبيس إكس»، تبرعه بألف جهاز تنفس صناعى لمسئولين فى لوس أنجلوس وسط تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، بينما كشف الملياردير الأمريكى، بيل جيتس، مؤسس مجموعة «مايكروسوفت»، عن عزمه التبرع بمبلغ 100 مليون دولار، لبرنامج منظمة الصحة العالمية لعلاج فيروس كورونا المستجد.
أما الملياردير الإيطالى أندريا أنييلى، مالك نادى يوفنتوس، فقد تبرع بـ10 ملايين يورو للمساهمة فى جهود مكافحة فيروس كورونا المستجد فى إيطاليا، بينما أكد جورجيو أرمانى مصمم الأزياء الشهير أنه سيستمر فى دعم إيطاليا فى مواجهة هذا الوباء حتى إذا نفدت ثروته، وذلك خلال إعلانه التبرع لمجموعة من المستشفيات الإيطالية المتكدسة بالمصابين.
وكشف «لى كا شينغ»، أغنى رجل أعمال فى هونج كونج، عن تبرعه بـ13 مليون دولار، للعاملين فى القطاع الطبى بمدينة ووهان مصدر انتشار الفيروس القاتل.
وفى مصر كان اتجاه الدعم مرتبطاً بشكل أكثر بالمؤسسات خاصة المؤسسات الوطنية المملوكة للدولة، وظهر ذلك بقوة فى القطاع المصرفى المصرى، حيث أعلن بنك القاهرة عن تكفله بـ 10 آلاف أسرة من المتضررين من إجراءات الوقاية التى فرضتها الحكومة، بينما أعلن بنكا الأهلى ومصر طرح شهادات بعائد 15% لحماية أموال المودعين الذين يعيشون على أرباح أو فوائد مدخراتهم فى البنوك، بالرغم من أن هذه الشهادات ستمثل عبئاً على أرباح البنكين خلال العام الحالى، بالإضافة لانضمام عدد كبير من البنوك وتبرعها بملايين الجنيهات لصالح المبادرة التى أطلقها اتحاد بنوك مصر لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد على مصر.
ووسط كل هذه الأجواء، لم يعلن مليارديرات مصر دعمهم للدولة فى هذه الأزمة، حتى ولو كان دعماً معنوياً باستعدادهم للقيام بشىء من أجل هذا الوطن الذى ربحوا من خلاله وكوّنوا ثرواتهم بداخله، باستثناء عائلة ساويرس التى أعلنت مؤخراً تبرعها بـ100 مليون جنيه، الأمر الذى أثار تساؤلات وانتقادات العديد من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أن الدولة نفسها لم تنتظر أن تشتد الأزمة على هؤلاء الأثرياء ومشروعاتهم، وأعلنت عن حزمة من القرارات التى تستهدف تحسين مناخ الاستثمار، وتضييق حدود التأثير السلبى على أرباح الشركات، سواء من خلال تخفيض أسعار الطاقة أو تخفيض الفائدة على الاقتراض بواقع 300 نقطة أساس، أو التسهيلات الضريبية ورفع الحجوزات الإدارية على كافة الممولين، وإرجاء سداد الضريبة العقارية على المصانع والمنشآت السياحية وغيرها من الإجراءات التى تضمنتها سياسات الحكومة لمواجهة الأزمة، حتى تحفز أصحاب الشركات على عدم اتخاذ أى إجراءات قد تضر بالعمالة أو الإنتاج فى وقت الأزمة.
رجال أعمال مصريون: نقدم الدعم دائماً ولسنا فى حاجة للإلعان عنه
ورغم أن الدولة المصرية تقف على أرض صلبة فى مواجهة هذه الأزمة نتيجة نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته الحكومة منذ نوفمبر 2016، والذى نتج عنه تعزيز معدلات النمو الاقتصادى وارتفاع مركز مصر إلى المرتبة الثالثة بين الاقتصاديات الأسرع نمواً فى العالم بعد كل من الصين والهند، وارتفاع الاحتياطى النقدى الأجنبى إلى 45.5 مليار دولار بنهاية فبراير، وهو ما يكفى لتغطية 9 أشهر تقريباً من الواردات، مقارنة بتغطية 3 أشهر وفق مؤشرات أمان الاحتياطى العالمية، فضلاً عن امتلاك مخزون استراتيجى آمن لا يقل عن تغطية 4 أشهر من احتياجات السوق المصرية من السلع الغذائية الأساسية، إلا أن الكثيرين كانوا ينتظرون خروج رجال الأعمال ليعلنوا دعمهم المباشر للدولة فى وقت الأزمة، ووقوفهم خلف القيادة السياسية التى تحركت لتحمى الجميع فى مصر من تداعيات هذه الأزمة سواء من العاملين أو أصحاب الأعمال!
أستاذ علم الاجتماع: الأزمة الحالية تفرض تغيير القاعدة!
وكشفت مجموعة من رجال الأعمال أنهم ليسوا فى حاجة للإعلان عن دعمهم للدولة، مؤكدين أنهم يقدمون هذا الدعم دون الإعلان عنه، فيما أكدت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن إعلان كبار رجال الأعمال عن دعمهم للدولة فى وقت الأزمة أمر فى غاية الأهمية لأنه يحفز صغار المستثمرين على اتخاذ نفس النهج، وتقديم الدعم للدولة، وللعمالة وللأسر المتضررة من قرارات مواجهة انتشار الفيروس.
وأشارت إلى أن رجال الأعمال لو اعتادوا فى السابق عدم الإعلان عن دعمهم للدولة، فإن هذا التوقيت يحتاج إلى بناء قدوة أمام الجميع، ولا يجوز الاحتفاظ بالدعم، حتى يتسع الدعم المعنوى للدولة والقيادة السياسية فى هذه المرحلة الصعبة التى يمر بها العالم أجمع. وانتقدت الدكتورة سامية خضر اتجاه أحد كبار رجال الأعمال إلى الإعلان عن أن القطاع الخاص سيجبر على تسريح جزء من عمالته خلال الفترة المقبلة، قائلةً «حتى لو أن هذا ما يفرضه المنطق الاقتصادى وما سيتم الاضطرار إليه، فكان يجب عدم الإعلان عن ذلك، لعدم إثارة الذعر بين العاملين بالقطاع الخاص، وعدم بناء مبررات لصغار المستثمرين للفتك بعمالتهم فى هذا التوقيت العصيب».