بريد الوطن.. البخل والمال مع الحديد (قصة قصيرة)
البخل
يحكى قديماً أنه كان هناك رجل شديد البخل، كان يحرم نفسه ويحرم أهله وأولاده من أبسط سُبل الحياة فى سبيل شهوة البخل وجمع الأموال والحرص الكبير عليها، حتى صدقة أمواله كان لا يخرجها ولا يكرم الضيف ويقسو على الفقير والمسكين وعابرى السبيل، وخطرت له فكرة غير مطروحة على الإطلاق، وهى كيف له أن يخبئ المال الذى يدّخره ويكون بعيداً عن كل نظرات الأعين، فقد كان هناك عمود كهربائى أمام منزله المكون من طابقين، وكان هذا العمود على شكل ماسورة من الحديد مجوفاً من الداخل، فعندما كان يرجع من عمله فى الليل، وبعد أن ينام كل من فى البيت يصعد إلى شرفة منزله ويسقط المال فى داخل العمود، واستمر على هذا المنوال سنين وسنين، لكن تكوّن الصدأ على جسم العمود وأصبح كل من يلمسه، سواء أطفال أو نساء أو رجال، فالماس الكهربائى ينتظره، ومن ثم يلتهمه، فقام الأهل الذين يقطنون الشارع بالإبلاغ عنه، فجاء المسئولون باقتلاع هذا العمود وصهره فى مصانع تسييح الحديد وأكلت النار الحديد وما بداخله من نقود، والذى كان قريباً أن يمتلئ عن آخره من الأموال، قابلته زوجته بالفرح وأخبرته لقد وضع المسئولون عموداً جديداً عليه مادة عازلة، ولا خوف منه الآن على أطفالنا وأطفال جيراننا، لكن الرجل جنّ جنونه وصرخ صرخة مدوية، لقد ضاع كل شىء وانتهى، وتعرّض لصدمه أوقعته قعيداً، لا حول ولا قوة، وأخذ يردد ويقول يا ليتنى.
سامى جابر الشيخ
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com