أسئلة تلخص أزمة سد النهضة خلال 9 سنوات تفاوض
سد النهضة
لا يزال صدى قضية سد النهضة قائما منذ 9 سنوات وحتى اليوم، إذ مرّت القضية بمراحل عدة، بداية من إعلان البدء في دراسة الأمر، مرورًا بمراحل التفاوض حتى أعلنت مصر تقدمها بطلب إلى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، بشأن سد النهضة الإثيوبي، دعت فيه المجلس للتدخل لتأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث "مصر وإثيوبيا والسودان"، التفاوض بحسن نية، تنفيذا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولي، للتوصل لحل عادل ومتوازن لقضية سد النهضة الإثيوبي، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية.
10 أسئلة تلخص الأزمة منذ بدايتها حتى لجوء مصر إلى مجلس الأمن
متى بدأت أزمة سد النهضة؟
في فبراير 2011 أعلنت إثيوبيا عزمها إنشاء سد بودر على النيل الأزرق والذي يعرف أيضا بسد حداسة على بعد 20 - 40 كم من الحدود السودانية بسعة تخزينية تقدر بحوالي 16.5 مليار متر مكعب والذي تغير اسمه ليصبح "سد النهضة" الإثيوبي الكبير.
وفي الثاني من أبريل 2011، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل ميليس زيناوي البدء رسميا البدء في بناء السد وجرى وضع حجر الأساس، وفي مايو من العام ذاته أعلنت إثيوبيا أنّها ستطلع مصر على مخططات السد لدراسة مدى تأثيره على دولتي المصب مصر والسودان.
تفاقمت الأوضاع إلى أن اتفقت السلطات المصرية والإثيوبية على تشكيل لجنة دولية تدرس آثار بناء سد النهضة، وعادت المفاوضات من جديد عقب تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في يونيو 2014، وفي مارس 2015 وقَّع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي ميريام ديسيلين، في العاصمة السودانية الخرطوم وثيقة إعلان مبادئ "سد النهضة"، وتضمَّنت 10 مبادئ أساسية تتسق مع القواعد العامة في مبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، و المفاوضات في هذا الشأن ما زالت مستمرة.
ما أهم بنود وثيقة الخرطوم التي أبرمتها مصر والسودان وإثيوبيا سنة 2015؟
في 23 من شهر مارس 2015، وٌقِّع اتفاقا في الخرطوم بين جمهورية مصر العربية، جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية وجمهورية السودان، حول مشروع سد النهضة الإثيوبي، ألزمت فيه الدول الثلاث أنفسها بالمبادئ التالية بشان سد النهضة:
1- مبدأ التعاون:
- التعاون على أساس التفاهم المشترك، المنفعة المشتركة، حسن النوايا، المكاسب للجميع، ومبادئ القانون الدولي.
- التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.
2- مبدأ التنمية، التكامل الإقليمي والاستدامة:
- الغرض من سد النهضة هو توليد الطاقة، المساهمة في التنمية الاقتصادية، الترويج للتعاون عبر الحدود والتكامل الإقليمي من خلال توليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.
3- مبدأ عدم التسبب في ضرر ذي شأن:
- ستتخذ الدول الثلاث الإجراءات المناسبة لتجنب التسبب في ضرر ذي شأن خلال استخدامها للنيل الأزرق/ النهر الرئيسي.
- على الرغم من ذلك، ففي حالة حدوث ضرر ذي شأن لإحدى الدول، يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسبا.
4- مبدأ الاستخدام المنصف والمناسب:
- تستخدم الدول الثلاث مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف ومناسب.
- لضمان استخدامهم المنصف والمناسب، تأخذ الدول الثلاث في الاعتبار العناصر الاسترشادية ذات الصلة الواردة أدناه، وليس على سبيل الحصر:
أ- العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية.
ب- الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية.
جـ- السكان الذين يعتمدون على الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض.
د- تأثيرات استخدام أو استخدامات الموارد المائية في إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى.
هـ- الاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية.
و- عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن.
ز- مدى توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد.
حـ- مدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل.
طـ- امتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.
5- مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد:
- تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصي بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع.
- تستخدم الدول الثلاث، بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصي بها في تقرير لجنة الخبراء الدولية والمتفق عليها من جانب اللجنة الثلاثية للخبراء، بغرض:
* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد.
* الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر.
* إخطار دولتي المصب بأي ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.
- لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة مع خزانات دولتي المصب، تنشئ الدول الثلاث، من خلال الوزارات المعنية بالمياه، آلية تنسيقية مناسبة فيما بينهم.
- الإطار الزمني لتنفيذ العملية المشار إليها أعلاه يستغرق 15 شهرا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية.
6- مبدأ بناء الثقة:
- إعطاء دول المصب الأولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة.
7- مبدأ تبادل المعلومات والبيانات:
- توفر كل من مصر وإثيوبيا والسودان البيانات والمعلومات اللازمة لإجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.
8- مبدأ أمان السد:
- تقدر الدول الثلاث الجهود التي بذلتها إثيوبيا حتى الآن لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية المتعلقة بأمان السد.
- تستكمل أثيوبيا، بحسن نية، التنفيذ الكامل للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية.
9- مبدأ السيادة ووحدة إقليم الدولة:
- تتعاون الدول الثلاث على أساس السيادة المتساوية، وحدة إقليم الدولة، المنفعة المشتركة وحسن النوايا، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.
10- مبدأ التسوية السلمية للمنازعات:
- تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا.
إذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة.
أين وصلت مفاوضات السد بين الدول الثلاث؟
بعد تصاعد المفاوضات بين الشد والجذب بين جميع الأطراف، المفاوضات لم تحقق تقدما يذكر بسبب التعنت من الجانب الإثيوبي في الأمور الفنية والقانونية.
وبحسب البيان الأخير لوزارة الري، إثيوبيا رفضت إبرام اتفاقية ملزمة طبقًا للقانون الدولي الفني وطلبت أن تكون الاتفاقية عبارة عن قواعد ارشادية للتشغيل وتعدلها إثيوبيا بشكل منفرد وأن يكون لديها الحرية في اقانة مشروعات بشكل مطلق على اعالي النيل الازرق.
وأشار البيان إلى أنّ إثيوبيا استمرت في مواقفها المتشددة واعترضت على اقتراح إحالة الأمر لرؤساء وزراء الدول الثلاثة، ما أدى لإنهاء المفاوضات مختتمة بيانها بالإعراب عن الشكر والتقدير لمبادرة دولة السودان الأخيرة والتي استجابت لها مصر.
متى بدأت الوساطة الأمريكية في ملف سد النهضة؟
بعد سنوات من المفاوضات في الملف، ومن تاريخ 29 أكتوبر 2019، بدأت الوساطة الأمريكية في مفاوضات سد النهضة، إذ أعلن السفير سامح شكري وزير الخارجية المصري، أنّ واشنطن ستستضيف اجتماعا مصريا سودانيا إثيوبيا بشأن سد النهضة في 6 نوفمبر، يضم وزراء خارجية الدول الثلاث.
وقال السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إنّ دخول الولايات المتحدة الأمريكية كطرف رابع شيء مهم للغاية، وكان باقتراح من مصر.
عقد الاجتماع الأول في 15 و16 نوفمبر 2019 بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا الاجتماع الأول من الاجتماعات الأربعة المقرر عقدها على مستوى وزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، تم على مدار يومي 15 و16 نوفمبر 2019 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وجاء الاجتماع في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 6 نوفمبر، وبرعاية وزير الخزانة الأمريكية، وحضور رئيس البنك الدولي.
المفاوضات التي استمرت على مدار يومين في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، ناقشت مراحل تخزين سد النهضة، وفقًا لهيدروليجيا النيل الأزرق، بحيث تراعي الجفاف والجفاف الممتد، الذي يشهده الحوض خلال الفيضان السنوي.
انفراجة محدودة شهدتها بعدها مفاوضات سد النهضة خلال الاجتماع الأول الذي شهدته أديس أبابا، وفقا للمتفق عليه في اجتماعات واشنطن، إذ أعلنت وزارة الري السودانية أنّ مناقشات ملء بحيرة سد النهضة شهدت تقدما، وقد تصل إلى 7 سنوات وفق هيدرولوجية نهر النيل الأزرق، وشملت المفاوضات وفق البيان، التشغيل الدائم لسد النهضة، وتأثيراته على منظومة السدود في السودان ومصر.
2 ديسمبر 2019.. الاجتماع الثاني للمفاوضات بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة، وانطلق على مستوى وزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وعلى مدار يومين، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، لاستكمال المباحثات بشأن قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.
وجاء الاجتماع في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 6 نوفمبر الماضي، برعاية وزير الخزانة الأمريكية وبحضور رئيس البنك الدولي، في ضوء الاتفاق على عقد 4 اجتماعات.
وأكد وزير الري المصري، خلال الاجتماع الثاني، التزام مصر بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن بشأن ملء وتشغيل السد، تأكيدا لما اتفقت عليه القيادة السياسية في مصر، وجرى تدوينه في اتفاقية إعلان المبادئ عام 2015.
وفي 9 ديسمبر 2019 اجتمع وزراء الموارد المائية والري لمصر والسودان وإثيوبيا في واشنطن، لتقييم نتائج الاجتماعين الأول والثاني، وما جرى إحرازه في موقف في المفاوضات بين الدول الثلاثة.
الاجتماع الوزاري الخاص بمناقشة أزمة سد النهضة، اختتم أعماله بالاتفاق على استمرار المشاورات والمناقشات الفنية، حول المسائل الخلافية، خلال الاجتماع الثالث، والمقرر عقده في الخرطوم في الفترة (21-22) ديسمبر 2019.
على مدار يومي 21- 22 ديسمبر الماضي، عُقد الاجتماع الثالث لمفاوضات سد النهضة في الخرطوم، لوزراء الموارد المائية والوفود الفنية من الدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا) وبمشاركة ممثلي وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، لاستكمال المباحثات بخصوص قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.
وجاء الاجتماع في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 6 نوفمبر الماضي، وبرعاية وزير الخزانة الأمريكية وحضور رئيس البنك الدولي.
وخلال الاجتماع الثالث، جرى التشاور على الوصول لاتفاقية حول ملء وتشغيل السد بطريقة لا تسبب ضررًا لمصر، وتمد إثيوبيا في الوقت ذاته بالكهرباء اللازمة لها.
وذكرت وزارة الخارجية، أنّ البيان الصادر عن نظيرتها الإثيوبية بشأن الاجتماع الوزاري حول سد النهضة الذي عُقد يومي 8-9 يناير الماضي 2020 في أديس أبابا، تضمن العديد من المغالطات المرفوضة جملة وتفصيلا، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق، وقدّم صورة منافية تماما لمسار المفاوضات ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية.
في 13 يناير بدأت جولة مفاوضات جديدة بين الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، في العاصمة الأمريكية واشنطن، ودعت الولايات المتحدة مصر وإثيوبيا والسودان؛ لبحث ما جرى التوصل إليه في مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، بمشاركة ممثلين عن البنك الدولي والولايات المتحدة الأمريكية ووزراء الخارجية والري بالدول الثلاثة.
وبعد انتهاء الجولة، قال سامح شكري وزير الخارجية، إنّ مفاوضات سد النهضة وصلت إلى نقطة الحسم.
وبعدها اتجّه، وزير الخارجية سامح شكري، إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية والموارد المائية لمصر والسودان وإثيوبيا، حول سد النهضة، الذي تستضيفه الإدارة الأمريكية، بحضور البنك الدولي.
وجاء هذا الاجتماع، في إطار ما اتفقت عليه الأطراف المعنية خلال جولة المفاوضات الأخيرة المنعقدة بواشنطن، خلال الفترة من 28 إلى 31 يناير 2020، من معاودة وزراء الخارجية والموارد المائية للدول الثلاث، الاجتماع بالعاصمة الأمريكية، يومي 12 و13 فبراير الحالي، بهدف إقرار الصيغة النهائية، لاتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.
وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية بيانًا أعلنت فيه التوافق بين وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا على استمرار المفاوضات حول سد النهضة حتى الوصول إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية فبراير الماضي، بعدما التقى الوزراء الثلاثة مع كل من وزير الخزانة الأمريكي، ورئيس البنك الدولي.
كيف كان تدخل البنك الدولي في أزمة سد النهضة؟ ولماذا؟
قال محمد محمود عبدالرحيم، باحث بكلية الدراسات العليا الأفريقية، إنّ مصر تسير وفقا لخطوات محسوبة ومتدرجة، إذ ترى القاهرة أنّه يجب أولا العمل على مسار المفاوضات حتى آخر لحظة في إطار القانون الدولي والمؤسسات الدولية، ثم التفكير في حلول أخرى، ومصر لديها من القدرات الكافية لحماية الأمن القومي المصري سواء في داخل الحدود أو خارجها، ةيمكن القول إنّه سبق ورفضت إثيوبيا دعوة مصرية لتحكيم البنك الدولي في أزمة سد النهضة مطلع 2018، إذ مصر ترى أنّ البنك الدولي مؤسسة دولية محايدة ولديها من الخبرات الفنية ما يكفي لتقديم حلول في الأزمة، كما حضر رئيس البنك الدولي.
وتابع أنّه إضافة لوزير الخزانة الأمريكي المفاوضات التي عقدت في نوفمبر 2019 استمرت حتى فبراير 2020، حيث استضافت الولايات المتحدة مفاوضات للخروج بحلول وفشلت المفاوضات.
وزاد أنّ المفاوضات خرجت بتوافق مبدئي على بنود كان أبرزها بالنسبة لمصر، تنظيم ملء السد خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد، وأكدت الخارجية المصرية في أكثر من مناسبة أنّ الاتفاق الذي بلورته الولايات المتحدة الأمريكية والبنك الدولي في واشنطن يومي 27 و28 فبراير الماضي، هو اتفاق عادل ومتوازن ومرضي لحد كبير للجانب المصري، لكن ما حدث أنّ إثيوبيا والسودان قاطعت الجولة وحضرت مصر بمفردها، وهو أمر وضع الولايات المتحدة في حرج بالغ كما كشف للعالم النوايا غير الجادة، إذ إنّ إثيوبيا تسعى بكل الطرق أن تكسب مزيد من الوقت وأن تضع مصر في سياسة الأمر الواقع وتملأ السد في خطوة أحادية.
وأوضح أنّه من هنا نجد أنّ البنك كان طرفا من أطراف المفاوضات التي عقدت بين مصر والسودان، إضاقة إلى أنّ الحكومة المصرية تمتلك نموذجا ناجحا للتعاون مع البنك الدولي في برنامج الإصلاح الاقتصادي، ويرى البنك الدولي أنّ برنامج مصر في الإصلاح الاقتصادي قد يكون نموذج يحتذي به لدول الاتحاد الأفريقي، وطرح البنك الدولي شرطا فنيا بصورة مبدئية بتوحيد سعر الصرف في إثيوبيا، كما اشترط ووفقا للقانون والعرف الدولي أن يكون هناك تقاسم ومشاركة عادلة للمياه مع الدول المجاورة وهو ما لم يحدث.
ولفت إلى أنّه يصدر من الجانب الإثيوبي تصريحات عدائية وتصعيدية غير مبررة،ـووصل تعنت إثيوبيا إلى حد الحصول على حق مطلق في إقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق، كما رفصت أن يتضمن اتفاق سد النهضة آلية قانونية ملزمة لفض النزاعاتـ وهو ما يتعارض بشده مع مبادئ البنك الدولي.
وأتمّ أنّ الخلاصة أنّ تعطيش 100 مليون نسمة أمر غير مقبول ولا يتحمله الاقتصاد العالمي، وإن كانت إثيوبيا تسعى للتنمية فالشعب المصري يبحث عن الحياة وله كل الحق في ذلك.
خطوات خاطئة اتخذتها إثيوبيا منذ بداية أزمة سد النهضة
قال الدكتور نادر نور الدين استاذ الموارد المائية والري، إنّ إثيوبيا لا تعطي أرقاما محددة وتصر على أنّه نهر إثيوبي يحق لها ممارسة السيادة عليه، وأخذ ما تشاء وترك ما تشاء، علما بأنّ النيل الأزرق ينبع من بحيرة تانا التي تضم نحو 55 مليار متر مكعب، وبالتالي هي تأخذ حقها من النيل الأزرق مضاعفة أكثر من أي دولة، وتولد منها الكهرباء وتعطيها 100 ألف طن من الأسماء سنويا ولها كنائس تاريخية تجذب السائحين.
وتابع: "كما أنّها تأخذ حقها من نهر عطبرة بإقامة سد يمتلئ بـ9 مليارات متر مكعب من المياه من إجمالي 12 مليار هي كل تدفقاته، إذ إنّ نصيب المواطن الإثيوبي من المياه تبلغ 1650 مترا مكعبا، بينما نصيب الفرد في مصر 500 متر مكعب".
ولفت إلى أنّ كل الخلافات منصبة في عدد سنوات ملء السد، وإثيوبيا كانت مصرة أن يكون الملء خلال 3 سنوات فقط بمعدل 25 مليار متر مكعب كل عام، وهو رقم كبير جدا على نهر صغير مثل النيل الأزرق الذي يعد كل تدفقه والذي تبلغ تدفقاتها السنوية المائية 49 مليار متر مكعب كل عام، وبالتالي عدد سنوات ملء السد على 3 سنوات يعني مصادرة نصف مياه النيل الأزرق، بينما تصر مصر على ألا تقل عن 7 سنوات.
وأوضح أنّ النقطة الثانية هي التوافق على كمية المياه في كل عام، والكمية التي تحتجزها في كل عام، وهي نسب متغيرة بالنسبة لإثيوبيا، فهذا العام طلبت 6 مليار، والعام المقبل تطلب 15 مليار.
وتابع أنّ البند الثالث هو توافق على حد أدنى من مياه النيل الأزرق يتم ضخها من سد النهضة سنويا، وتعني أنّه يتم صرفها من سعة سد النهضة، إذ يأتي النيل الأزرق لمصر والسودان في كل عام 49 مليار متر مكعب، ووافقت مصر أن تضحي بنحو 10 مليارات على أن تصل حصة مصر من المياه لـ90 مليار متر مكعب، لكن إثيوبيا تصر على 32 مليار ثم تغير في الأرقام دون أن تعطي رقما صحيحا لمصر والسودان لبناء خطط اقتصادية بناء على ما تعطيه.
ما نسبة الخطر الحالية على دول الأزمة الثلاث بعد الخطوات التي اتخذتها إثيوبيا في سد النهضة؟
أكد الدكتور ضياء القوصي، مستشار وزير الري الأسبق، أنّه لا توجد حاليا خطورة من السد، لكنه في حالة انهياره سيتجه نحو السودان وليس إثيوبيا، نظرا لكون أديس أبابا واحدة من أكبر الصدوع بالمنطقة، لذلك ستنهمر المياه لأسفل، ما يسبب مخاطر بالغة على جنوب السودان والخرطوم.
وأضاف القوصي أنّه لا توجد خطورة له حتى الآن على الإطلاق بالنسبة لمصر، فهو مجرد بناء لم يكتمل، لكن الخطورة ستظهر لاحقا، ومن المحتمل الإضرار بأديس أبابا ذاتها، فضلا عن كونه سيضر بحصة مصر من مياه نهر النيل والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وفقا لاتفاقية تقسيم مياه النيل لعام 1959.