من كفر الشيخ للعباسية.. الدكتور محمود يبث الأمل في قلوب مصابي كورونا
من كفر الشيخ للعباسية.. الدكتور محمود يبث الأمل في قلوب المصابين بكورونا
لم تمر أعوام كثيرة على بداية مزاولته للطب التي يحلم فيها بمستقبل مميز، لكنه سرعان ما اصطدم بفيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، لتكون مواجتهه الأولى معه في مارس الماضي، ويبدأ رحلته المهنية، بمحاربته للمرض الغامض حتى الآن، ليختار أن يكون باعثا للأمل بين المرضى.
الدكتور محمود الجوهري، طبيب الصدر بالعناية المركزة، وابن كفر الشيخ، بعد أن تمكن من تقديم يد العون للكثير من أبناء محافظته قرر خوض تجربة جديدة بالقاهرة لينتقل إلى مستشفى الصدر في العباسية، حقق فيها نجاحا مميزا بين أقرانه، وبعد أشهر قليلة من الأوضاع المعتادة، شهدت العناية المركزة أول حالة إصابة بكورونا بين المرضى والتي كانت من الحالات الحرجة وتطلبت تحركا سريعا وقتها.
أعداد ضخمة للغاية، كانت تستقلبها المستشفى في البداية لإجراء الفحوصات والمسحات، والتي تطلبت منهم مجهودا ضخما، تضاعف مع انتقال الإصابات من المرضى للأطباء بالمستشفى، لذلك قرر ألا يحصل على الإجازة، ويشارك مع الأطقم الطبية بصدر العباسية في مواجهة الجائحة العالمية، بعد أن شهدت المستشفى مسبقا فيروسات انفلونزا الطيور والخنازير وغيرها من الأمراض الغريبة، فضلا عن خوفه من انتقال العدوى لوالده ووالدته.
بعد افتتاح وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد لعنبر رقم 6 بالمستشفى الذي يضم 160 سريرا، وقرارها بتحويل جميع المستشفيات الحكومية لمناطق عزل، خفف ذلك من وطأة الضغط على صدر العباسية، لتستقبل حاليا أقل من 500 حالة يوميا فقط، تتولى فرزهم بعد إجراء الفحوصات والأشعة المطلوبة ثم المسحة في حالة الاشتباه، قبل تحديد خضوعهم للعزل المنزليأم الرعاية الصحية أو العناية المركزة بالعباسية، إذا كان المريض يعاني من التهاب رئوي مزدوج وغير قادر على التنفس أو أصحاب الأمراض المزمنة.
يقضي الطبيب يومه في مستشفى الفرز والعزل، بين أروقة العناية المركزة، والسكن المقيم به مع غيره من الأطباء، الذين يحاولون تخفيف ضغوط العمل عنهم من خلال تبادل أطراف الحديث وتناول الطعام سويا والمزاح، قائلا: "الموضوع بيكون صعب لأن في مننا أصيبوا، وده كان متوقع لأن أي جندي في حرب وبيجري متوقع تجيله طلقة"، حيث لم تشهد المستشفى حالات وفاة للعاملين بعا سوى عامل مخزن مسن.
مواقف صعبة عديدة مرّ بها طبيب العناية المركزة خلال تلك الفترة، بين نظرات وطلبات التمني بالشفاء لأهالي المرضي بينما يدرك بعمله صعوبة نجاة الحالة، لكنه لم يملك وقتها سوى الدعاء، وأخرى لطبيب شهير أصيب بالمرض وظل يراقب عداد الأكسجين أمامه بحزن بالغ لمعرفته بتدهور حالته وقرب وفاته لحين مغادرة روحه لجسده، بينما تمكن مسنين آخرين ومصابين بأمراض الشيخوخة من استرداد عافيته بعد كورونا من جديد، لذلك اختار طريق بث الأمل بين المصابين.
"المريض كل اللي بيحتاجه هو الأمل والاطمئنان، وده بيأُثر على الشفاء، علشان كده ممكن أحيانا أقرب منهم وأمسك أيد المصاب دون قفازات في الوقت اللي أهله خايفين يقربوا منه".. هكذا يمنح الدكتور محمود المرضى شعورا بالطمأنينة والرعاية أثناء دخولهم لقسم العناية المركزة قبل أن يتولى الجهاز التنفسي أمرهم، مع اتخاذه لكل الإجراءات الوقائية، بجانب دعمهم النفسي طوال الوقت وتقديم الرعاية على أكمل وجه.
بينما لم يرصد بين المرضى حتى الآن سلالتين لفيروس كورونا، ووجه نصائح هامة للجميع، من بينها أن "كوفيد 19" يعتبر من الفيروسات الثقيلة التي بعد خروجها من الجهاز التنفسي للمصاب تسقط على الأسطح الصلبة، ومن ثم تنتقل للآخرين باللمس، لذلك يجب تعقيم اليدين باستمرار وغسلها بالماء والصابون، مع أهمية ارتداء الكمامة الطبية خارج المنزل وعدم لمسها من الأمام واتخاذ المسافات الآمنة مع الآخرين لتجنب التقاط الرذاذ المتطاير، بجانب استعمال اليد غير الأساسية في المعاملات العادية لتجنب لمس الوجه بها، موضحا أن القفازات تكون حاملة للمرض في حال لمس أكثر من شيء بها.