ناصر كامل: مصر ملتزمة بتعهداتها الوطنية والدولية في قضية تغير المناخ
السفير ناصر كامل أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط
قال السفير ناصر كامل أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، اليوم، إن مصر في طليعة الدول التي تتعاطى مع ظاهرة تغير المناخ بشكل شامل، وواعية بآثار تلك القضية سواء على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد الداخلي، وملتزمة تماما بتعهداتها الوطنية والدولية في هذا الملف.
وأكد كامل، في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط بمناسبة أسبوع المناخ لعام 2020 الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط لبحث قضايا المناخ الرئيسية وآثار جائحة كورونا المستجد "كوفيد 19" على المنطقة، أن الاتحاد تابع باهتمام كبير تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي حول تحديث أسطول السيارات في مصر ليكون أقل تلويثا للبيئة وتحويل السيارات بشكل تدريجي للعمل بالغاز الطبيعي ما سيؤدي إلى تخفيض استهلاك المحروقات، فضلا عن سعي مصر للتوسع في استخدام السيارات الكهربائية.
وسلط السفير كامل، الضوء على السياسات المصرية في مجال الطاقة، واصفا "بالجدية" كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية من أجل التكيف مع ظاهرة التغير المناخي ما يؤكد أن الدولة المصرية مدركة تماما لأهمية الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم.
وأضاف أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط: "وحتى في إطار الآليات الموضوعة للتعامل مع آثار جائحة (كوفيد-19) على الاقتصاد المصري نجد أن الإجراءات الاقتصادية المتبعة لإعادة تنشيط وإنعاش حركة الاقتصاد الوطني تركز على فكرة الاقتصاد المستدام وشاهدنا ذلك في خطط وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والبيئة المصرية لجعل النمو القادم مبنيا على أسس الاستدامة والاقتصاد الدائري "الذي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد" والاقتصاد الأزرق "الذي يهدف إلى استغلال البيئة البحرية والحفاظ عليها" والاقتصاد الأخضر "الذي يهدف إلى الحد من المخاطر البيئية والى تحقيق التنمية المستدامة".
وأوضح السفير كامل، أن مصر، وقبل حتى أزمة كوفيد-19، وضعت أهدافا في إطار استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة، وانخرطت بالفعل في مشروعات عملاقة، منوها في هذا الصدد بمحطة بنبان للطاقة الشمسية في أسوان، والتي تعد واحدة من أكبر محطات الطاقة شمسية بالعالم إن لم تكن الأكبر على الإطلاق، بجانب توسعها الكبير في استخدام طاقة الرياح، "ما يؤكد أن مصر أوفت بالتزاماتها ولديها وعي بأهمية توجيه استثماراتها وأنشطتها الاقتصادية نحو مصادر نظيفة ومتجددة للطاقة".
وأشار كامل، إلى البرامج الطموحة التي تنفذها الحكومة المصرية للحفاظ على السواحل من التأثيرات الضارة وهو ما يسمى "بإجراءات التكييف"، حيث خصصت مصر ميزانية لحماية الشواطئ من التآكل الناتج عن ارتفاع منسوب مياه البحر المتوسط، فضلا عن حماية المدن الساحلية الرئيسية، وعلى رأسها مدينة الإسكندرية، من التأثيرات المستقبلية لظاهرة الاحتباس الحراري.
السفير كامل: مصر في مقدمة الدول المطالبة بالمزيد من الإجراءات الداعمة للتحول إلى التنمية الاقتصادية المستدامة
أما في المحافل الدولية، شدد كامل، على أن مصر في مقدمة الدول المطالبة بالمزيد من الإجراءات الداعمة للتحول إلى التنمية الاقتصادية المستدامة من أجل الحفاظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي، مؤكدا ريادة مصر في هذا النهج وما تمثله من نقطة مضيئة في جنوب المتوسط.
ورأى كامل، أنه على الجهة المقابلة لجنوب المتوسط، فإن دول الاتحاد الأوروبي، وبالرغم من الضائقة المالية والاقتصادية الناتجة عن أزمة كورونا المستجد، تعمل على أن يكون التعافي الاقتصادي بعد انتهاء الجائحة مبنيا أيضا على أسس الاستدامة، وعلى خفض نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى صفر بحلول عام 2050، مذكرا كذلك بسعي مصر لتقليص نسبة الانبعاثات في الهواء بمعدل 5% عام 2020 ضمن رؤية مصر 2030.
وأوضح الأمين العام، أن دور الاتحاد من أجل المتوسط هو التأكيد للأطراف سواء جنوبا أو شمالا أن قضية المناخ لا تعترف بالحدود الجغرافية، مشددا على ضرورة ألا يقتصر أي استثمار أوروبي ضخم في مجال المناخ على حدود القارة الأوروبية بل لابد أن يمتد ليشمل دول الجوار.
وأشار كامل، إلى أن أوروبا تراهن على التزامها الصريح بالمضي قدما في تنفيذ هذه الالتزامات ولكن إذا ما أرادت تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية المستدامة بحلول 2050 فعليها أن توجه جزء من استثماراتها في هذا المجال إلى جنوب المتوسط و دول الجوار أي إلى بلدان شرق أوروبا.
وأبرز كامل، سعي الاتحاد لمساعدة الدول الأعضاء على إعادة صياغة خططها البيئية وجعل مشروعاتها في هذا المجال جاذبة للاستثمار الخاص قبل أن تكون جاذبة للاستثمار العام الموجود بالفعل، مضيفا أنه جاري العمل على إنشاء نموذج اقتصادي مربح في أنشطة اقتصادية مستدامة وغير ملوثة وذات عائد يشجع رأس المال الخاص على المسرح الدولي للانخراط في مثل هذه الاستثمارات.
وأكد أن هذه الجهود بدأت تؤتي بثمارها حيث نجد توجه العديد من صناديق الاستثمار الدولية في العالم إلى تخصيص نسبة من استثماراتها"المباشرة" في مشروعات من شأنها التكيف مع ظاهرة المناخ، منبها إلى أنه من دون التعاون بين القطاع العام والخاص وتوجيه الاستثمارات وجعل نموذج التنمية المستدام مربحا، فسيصعب المضي قدما في منطقة أورمتوسطية غير ملوثة و متكيفة مع ظاهرة التغير المناخي وغير منتجة لثاني أكسيد الكربون وغير مساهمة في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري على الصعيد الدولي.
وأضاف أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط، "أننا نعيش اليوم ما يسمى "بحالة الطوارئ المناخية"، حيث أن تسارع معدلات تغير المناخ أوصلت العالم إلى مرحلة حرجة بعد أن تم تجاوز معدلات ارتفاع درجة الحرارة"1.5 درجة" التي نصت عليها اتفاقية باريس حول المناخ، محذرا من أن استمرار ظاهرة الاحتباس الحراري في الازدياد ينذر بآثار وخيمة على المناخ وعلى البيئة من منظور التنوع البيولوجي وكذلك على الصحة العامة بجانب الأثار الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بذلك.
وأشار السفير ناصر كامل، إلى أن الدراسة الكبرى حول تأثير ظاهرة التغير المناخي على المنطقة الأورومتوسطية و التي قام بها الاتحاد بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشارك في إعدادها 80 من العلماء المتخصصين جاءت مؤشراتها الأولية لتدق ناقوس الخطر فيما يتصل بمنطقة حوض البحر المتوسط، حيث أشارت الدراسة إلى أن "معدل الاحتباس الحراري يزيد في منطقتنا بنسبة 20% عن كل مناطق العالم وذلك بعد منطقة (أركتيك) وهي المنطقة المحيطة بأرض القطب الشمالي غير مأهولة بالسكان، إلا أن المنطقة الأورومتوسطية هي أكثر منطقة مأهولة بالسكان تعاني من التغير المناخي".
وتابع أن الدراسة تنبه أيضا إلى أنه إذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة للحد من ظاهرة تغير المناخ سواء من خلال التكيف أو التخفيف، فإن المنطقة مرشحة لمزيد من ارتفاع درجات الحرارة و منسوب مياه البحر الذي قد يتجاوز 40 سم، فضلا عن أن أكثر مدن العالم التي ستتعرض لآثار سلبية نتيجة لهذه الظاهرة هي مدن متوسطية، موضحا: "وبالتالي فإن القضية عاجلة عندما يتصل الأمر بحوض البحر الأبيض المتوسط".
وأشار كامل، إلى أن "الاتحاد من أجل المتوسط يعمل على نشر الوعي البيئي في المنطقة من خلال التركيز على نتائج هذه الدراسة وإيصالها إلى الرأي العام ومتخذي القرار في دولنا، ويسعى كذلك إلى توحيد الجهود بين دول المنطقة من خلال طرح هذه الإشكالية في اجتماعات كبار المسؤولين المعنية بقضية تغير المناخ".
وكشف السفير كامل، أن قضية التغير المناخي ستكون على قمة أولويات جدول أعمال اجتماع وزراء البيئة لدول الاتحاد من أجل المتوسط الذي ستستضيفه مصر في ديسمبر من العام الحالي.
ناصر كامل: ملف المناخ يحظى بتوافق بين كل دول الاتحاد من أجل المتوسط جنوبا وشمالا
وشدد الأمين العام، على أن ملف المناخ يحظى بتوافق بين كل دول الاتحاد من أجل المتوسط جنوبا وشمالا، "وهذا في حد ذاته أمر إيجابي لأنه في إطار المفاوضات المناخية نلاحظ بعض التباين بين مواقف الدول إلا أنه في منطقتنا تحديدا هناك اتفاق ما بين الدول على أهمية الانخراط في تنفيذ ما يسمى (بالالتزامات الوطنية)"، موضحا في هذا الصدد أن مخرجات قمة باريس حول المناخ تحظى بقدر من التوافق بين دول المنطقة، وحددت عددا من الالتزامات، المنوط بكل دولة على حدة تنفيذها وتطبيقها وقد أوفت بها بلدان الاتحاد.