مواطنون يبحثون عن حلول للأضحية في ظل أزمة كورونا: عاوزين نفرح
عادل: لغيت التجمعات والذبح هيقتصر على الجزار بس
محمد رأفت
الحلول البديلة كانت هي كل ما يشغل بال الكثيرين خلال هذه الأيام وكلما اقترب عيد الأضحى يبحث البعض عن حل يكلفهم "أقل الخسائر" في ظل ظروف يخشى الجميع عواقب عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية فيها في ظل أزمة كورونا.
ويقول محمد رأفت، البالغ من العمر 29 عامًا، ويملك شركة للتسويق عبر الإنترنت، إن طقوس الأضحية في عيد الأضحى بالنسبة لأسرته على مر سنوات طويلة مضت، كانت واحدة لم تتغير مهما كانت الظروف ومهما كان انشغال أفراد الأسرة، وهو الأمر الذي يشهده منذ أن كان طفلا، مضيفا: "الأضحية في عيد الأضحى بالنسبة لنا في أسرتي شيء أساسي من سنين كتير، وعادة لا يمكن نعرف نتنازل عنها أيًا كانت الظروف لأن العيد الكبير بالنسبة لنا هو الأضحية والدبح ولمة الأسرة وهي بتشوف الدبيحة، بعدها العيد يعتبر بيكون خلص بالنسبة لنا كلنا".
لم يغب عن بال "رأفت" وأسرته خطورة التجمعات هذه الفترة، فالتباعد الاجتماعي يعد واحدًا من أهم الإجراءات الاحترازية التي يجب الالتزام بها تفاديًا للإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، إلا أن الحلول البديلة المطروحة كلها أمامه وأمام أسرته لم يكن من بينها التنازل عن الذبح هذا العام: "فكرنا كتير ازاي ممكن نتفادى الأزمة الموجودة دلوقتي بسبب فيروس كورونا بس كل أفكارنا كانت بعيدة عن إننا منضحيش، وفكرنا في إننا نعمل صك لكن لقينا إن ده مش هيخلينا نحس بأي فرحة للعيد وهنحس إننا انقطعنا عن سنة وعادة هما الأجمل في السنة كلها من بين حاجات كتير بنعملها".
عدم اللجوء لجزار هي الوسيلة التي رأى "رأفت" وأسرته أنها قد تكون الحل لتفادي قدر كبير من مخاطر الأمر، ومن ثم سيقومون هم أنفسهم بعملية الذبح، الأمر الذي سيجعلهم بعيدين عن مخالطة "أي غريب" قد يكون مصابًا وهم لا يعرفون، ليعبرعن ذلك قائلا: "كانت الفكرة إننا ندبح بنفسنا، أنا ووالدي بنعرف ندبح، وبدل ما نجيب جزار ويدخل علينا في البيت بعدته والمساعدين بتوعه ومش هنبقى عارفين هل هو واخد احتياطاته ولا لأ، قررنا إننا ندبح بنفسنا، وبكده هنكون منعنا جزء كبير من احتمالية انتقال الفيروس لينا، لأن كده كده كل اللي هيبقوا موجودين وقت الدبح أسرتي بس واللي إحنا أصلا عايشين مع بعض وبالتالي مش هنبقى قلقانين من حاجة".
إلى جانب الاستغناء عن الجزار، قررت أسرة "رأفت" هذا العام تغيير مكان شراء الذبيحة، ليبحثوا عن شخص لا يمثل خطورة كبيرة بالنسبة لهم بحسب قوله: "أنا عايش في القاهرة بس ليا أصول في المنوفية، عشان كده كمان حبينا نجيب الأضحية من هناك من ناس إحنا نعرفهم وقرايبنا بحيث برضه نكون ضيقنا دايرة التعامل مع ناس غريبة ما نعرفش هم مصابين ولا لأ، وفعلا جبناها ومستنيين العيد عشان ندبحها".
ويقول أحمد عبد الرحمن، محاسب يبلغ من العمر 42 عامًا، إن سُنة الذبح في عيد الأضحى واحدة من أكثر السُنن المحببة إلى قلبه، وهي العادة التي لم ينقطع عنها منذ نحو 20 عامًا، اختلفت أنواع الأضحية نفسها على مر هذه الأعوام، إلا أنها كانت موجودة: "بقالي سنين كتير بنشترك إحنا ومجموعة من معارفنا في عجل كبير، متعودين ندبح بعد صلاة العيد على طول، ودي حاجة بتمثل لنا فرحة خاصة وكبيرة لأننا بنكون كلنا ملمومين في اليوم ده وبنكون واقفين مع بعض".
آثار "كورونا" طالت "أحمد" مثل غيره في أمور كثيرة على رأسها النواحي الاقتصادية، وهذه كانت العقبة الأولى بالنسبة له، فتكلفة الأضحية بنفس الطريقة التي تعود عليها أصبحت في غير استطاعته هذا العام، في حين كانت العقبة الثانية خوفه من أن يصاب هو أو أحد أقاربه بفيروس كورونا المستجد، الأمر الذي دفعه إلى التنازل عن عادة الذبح واللجوء إلى حل آخر: "اتفقنا كلنا إننا مش هنضحي بنفسنا السنة دي وهنعديها السنة دي من غير دبيح وأنا عن نفسي مع أسرتي قررنا إننا نشارك بصك عشان نعدي بيه السنة دي، وإن شاء الله السنة الجاية تكون الدنيا بقت أفضل والوباء يكون انتهى ونقدر نرجع نضحي تاني بنفس الطريقة تاني".
ويقول الثلاثيني عادل أحمد، مهندس كمبيوتر، إن طبيعة الظروف القائمة هذا العام أجبرت الجميع على تغيير نمط الذبح الذي تعود عليه كل عام، وهو الأمر الذي جرى معه هو أيضًا، حيث تنازل "عادل" عن التجمع السنوي الأشهر في عائلته حول الأضحية أثناء ذبحها، في مقابل عدم التنازل عن التضحية من الأساس: "السنة دي الوضع مختلف ومخلي ناس كتير خايفة من التجمع وقت دبح الأضحية، وفيه ناس كمان خايفين من الضحية نفسها بس طبعا ده مفيش داعي للخوف منه لأن الفيروس مبيتنقلش عن طريق اللحوم بحسب معرفتي وأنا عن نفسي قررت السنة دي مش هوقف حد على الدبيح نهائي، ومش هيكون فيه تجمعات زي كل سنة ما بتحصل، الموضوع هيقتصر على الجزار بس".
يرى "عادل" ضرورة أن يلتزم الجميع بهذا الأمر منعًا لزيادة تفشي الفيروس بصورة أكبر بعد انتهاء أيام العيد، وهو الأمر الذي يراه سهلا إذا ما أراد الجميع تطبيقه: "الموضوع بسيط ولازم كل واحد ياخد باله، حتى وهم بيشتروا الدبيحة نفسها، يعني أنا كل سنة كنت أنا اللي بجيب الأضحية بنفسي، كنت دايما بسافر أشتريها بنفسي من المحافظات، بعكس السنة دي مرضيتش أسافر منعًا للاختلاط أو الاحتكاك بناس كتير وخليت الجزار هو اللي هيجيبها لي".