المستثمرون: السياسة النقدية دعمتنا بقوة في مواجهة "كورونا" وسيطرة "المركزي" على التضخم أوقفت تدهور المبيعات
إلهامي الزيات
اعتمد البنك المركزى فى الشهور الأخيرة سياسة نقدية توسعية مدفوعة بظهور جائحة كورونا فى العالم، والتى سرعت من وتيرة التوسع النقدى وتنشيط الطلب الاستهلاكى والاستثمارى ودفع الاقتصاد بعيداً عن الركود، فبعد شهر من ظهور الجائحة فى كثير من دول العالم أطلق البنك المركزى العديد من المبادرات لدعم القطاع الخاص الصناعى، التى تتيح تمويلات بقيمة 100 مليار جنيه، ومبادرة التمويل العقارى لمتوسطى الدخل التى توفر تمويلات بقيمة 50 مليار جنيه، إضافة إلى مبادرة دعم القطاع السياحى، التى تتيح تمويلات بقيمة 50 مليار جنيه، وذلك بفائدة 8% على فترات سداد تصل إلى 10 سنوات، وفيما يخص المصانع المتعثرة التى يقل أصل مديونياتها عن 10 ملايين جنيه، ألزم «المركزى» البنوك بإسقاط الفوائد المتراكمة، مستهدفة إعادة التشغيل بكفاءة لـ5184 مصنعاً بإجمالى أصل مديونية بلغ 4.38 مليار جنيه، وفوائد مهمشة بحوالى 31.3 مليار جنيه.
وفى ظل استمرار تفشى جائحة كورونا قرر البنك المركزى تخفيض أسعار الفائدة بـ300 نقطة أساس فى منتصف مارس الماضى، ليصبـح سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية عند مستوى 9.25% و10.2% و9.75% على التوالى، وسعر الائتمان والخصم عند مستوى 9.75%، ونجح هذا القرار فى رفع المعروض النقدى بنحو 54 مليار جنيه فى أقل من شهر ونصف، وبالتحديد منذ اتخاذ قرار تخفيض الفائدة فى 16 مارس الماضى وحتى نهاية أبريل 2020. وبرغم السياسة التوسعية التى انتهجها البنك المركزى منذ بداية العام الحالى فإنه تمكن من السيطرة على معدلات التضخم، ليصل معدل التضخم العام إلى 5.6% بنهاية يونيو الماضى، مقابل 7.19% فى مطلع 2020، وعلى نفس الخطى تراجع معدل التضخم الأساسى ليسجل 0.95% نهاية يونيو الماضى، مقارنة بـ2.37% مطلع العام الحالى.
ولم تكن تلك الأولى من نوعها التى استعرض فيها البنك المركزى قدراته فى السيطرة على معدلات التضخم، فمع بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، وتحريك أسعار المحروقات، ما أدى إلى زيادة الضغوط التضخمية لتصل معدلات التضخم إلى 34.2% فى يوليو 2017 والتى تعد أعلى مستوياته منذ عام 1986، وهو ما دفع البنك المركزى ليخوض معركة شرسة مع التضخم باستخدام سياسات انكماشية، حيث قرر «المركزى» فى ذلك الوقت رفع أسعار الفائدة حتى وصلت إلى 18.75% للإيداع و19.97% للإقراض، كما اتجهت البنوك الكبرى لطرح شهادات الاستثمار بعائد مرتفع يصل إلى 20% لجذب مدخرات الأفراد، كما تدخل «المركزى» كبائع للأوراق المالية فى عمليات السوق المفتوحة ليمتص السيولة الكبيرة فى السوق حينها، ما أدى لتراجع معدلات التضخم تدريجياً واستقرارها عند مستويات آمنة.
ويبرهن على نجاح سياسات البنك المركزى المتبعة فى النصف الأول من العام الحالى نمو إجمالى القروض الممنوحة من القطاع المصرفى من 1.87 تريليون جنيه مطلع 2020، لتصل إلى 2.1 تريليون جنيه بنهاية أبريل الماضى، بزيادة قدرها 220.7 مليار جنيه خلال 4 أشهر، بمعدل نمو بلغ 11.8%، كما ارتفعت نسبة توظيف الودائع فى القروض من 44.8% بداية العام الحالى، لتصل إلى 46.9% نهاية أبريل الماضى، حيث تعكس المؤشرات قدرة البنك المركزى فى الحفاظ على استقرار النشاط الاقتصادى، من خلال إقراض القطاع العائلى ونمو الطلب الاستهلاكى، الذى يدفع القطاع الخاص إلى استمرار العملية الإنتاجية والتى قد تتطلب الاقتراض من القطاع المصرفى ونمو الطلب الاستثمارى، وبذلك تستمر حركة دوران الاقتصاد عند معدلاتها المعتادة، خاصة فى ظل جائحة كورونا التى أطاحت بالعديد من اقتصاديات الدول.
إبراهيم العربى: مبادرات "المركزى" كانت خطوة استباقية حافظت على استقرار الصناعة الوطنية فى فترة عصيبة
من جانبه يرى إبراهيم العربى، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة العربى، أن مبادرات البنك المركزى لدعم القطاع الخاص كانت بمثابة خطوة استباقية حافظت على استقرار القطاعين الصناعى والتجارى بنسبة كبيرة منذ دخول جائحة كورونا إلى مصر وحتى الآن، خاصة بعدما تبعها البنك المركزى بفترة قليلة بخفض معدلات الفائدة العامة، وهو ما عزز من قدرة الاقتصاد فى مواجهة الجائحة والتصدى للأزمة.
وذكر العربى أن سياسة البنك المركزى التوسعية مرضية تماماً لكثير من القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال، خاصة فى ظل قدرة «المركزى» على السيطرة على معدلات التضخم واستقرارها عند مستويات آمنة، مما قد يدفع «المركزى» لاستكمال سياسته التوسعية فى الفترة المقبلة لتشجيع المستثمرين على زيادة الإنتاج وانخفاض تكلفته، إلى جانب رفع معدلات التوظيف. وأشاد العربى بقدرة البنك المركزى وحنكته فى استخدام السياسات النقدية، حيث تمكن من اتباع سياسة توسعية حافظت على الاقتصاد من تداعيات كورونا، وبرغم ذلك لم ترتفع معدلات التضخم بل على النقيض فقد شهدت تراجعاً خلال الفترة الأخيرة.
حسين صبور: التوسع النقدى حفز الشركات على الاستثمار والأفراد على الطلب العقارى.. والقادم أفضل
فيما قال المهندس حسين صبور، رئيس مجلس إدارة شركة الأهلى صبور، إن الشهور الماضية أثبتت أهمية سياسة البنك المركزى التوسعية فى الحفاظ على دوران عجلة النمو الاقتصادى والمحافظة على أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة فى ظل وباء كورونا. وأضاف أن قطاع العقارات بالتأكيد تأثر بالأزمة، حيث تراجع بعض الأفراد عن رغبتهم فى الشراء العقارى للحفاظ على مدخراتهم تخوفاً من تفاقم جائحة كورونا فى المستقبل، بينما فضل البعض الآخر توجيه مدخراتهم للودائع البنكية مرتفعة العائد، لافتاً إلى أنه مع سياسة البنك المركزى التوسعية سيكون الاستثمار العقارى بديلاً أفضل لهم. وأضاف أن خفض معدلات الفائدة سيحد من تكلفة الاقتراض لدى مستثمرى القطاع العقارى، كما أنه سيحفز الأفراد على الاقتراض بهدف الشراء مما سيزيد من الطلب على العقارات.
أشرف الجزايرلى: نجاح الحكومة فى تطبيق سياسة توسعية والسيطرة على التضخم "إنجاز"
فيما يرى أشرف الجزايرلى، رئيس مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، أن حزمة المبادرات الداعمة للقطاع الصناعى وما تلاها من خفض معدلات الفائدة حافظت بالتأكيد على استمرار نمو الصناعة المحلية بنسبة كبيرة مع تفشى وباء كورونا، ولولا زحف كورونا إلى السوق المحلية لشهدت الصناعة طفرة فى معدلات نموها فى النصف الأول من العام الحالى 2020 بشكل كبير. وأشار إلى أنه بخلاف خفض معدلات الفائدة من خلال المبادرات أو خفض الفائدة العامة، كان لمبادرة إعادة تشغيل المصانع المتعثرة أهمية كبيرة فى الشهور الماضية، لأنها عملت على إعادة استغلال الطاقات الإنتاجية المعطلة لدى كثير من المصانع والشركات العاملة فى السوق المحلية فى الفترة الماضية، التى يعد لها الأولوية فى دخول سوق العمل، لما تمتلكه من عوامل إنتاج جاهزة ودراسات دقيقة للسوق كل فى مجاله، مقارنة بتأسيس مصنع أو شركة جديدة والتى تحتاج لبعض الوقت والخبرة للاندماج فى سوق العمل. وأضاف أن البنك المركزى تمكن من تحقيق معادلة صعبة بقدرته على الموازنة بين تطبيق سياسة توسعية وضخ المزيد من رؤوس الأموال للسوق المحلية، والمحافظة على التضخم عند مستويات آمنة.
إلهامى الزيات: دعم القطاع المصرفى للسياحة حجّم أضرار الأزمة خلال الفترة السابقة
كما أشاد إلهامى الزيات، رئيس مجلس إدارة شركة إمكو للخدمات السياحية والفنادق، ورئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية سابقاً، بمبادرة البنك المركزى لدعم قطاع السياحة وما تبعها من خفض فى معدلات الفائدة، التى كان من المفترض أن تحسن من أداء القطاع فى النصف الأول من العام الحالى 2020، إلا أن جائحة كورونا كان لها مهام أخرى أطاحت بالقطاع بأكمله ليس محلياً فقط بل انهارت السياحة العالمية بأكملها. وأشار الزيات إلى أنه على الرغم من جهود البنك المركزى المرضية تماماً للقطاع السياحى، إلا أن «المركزى» يشترط للاستفادة من مبادرة السياحة الحفاظ على معدلات التوظيف، ففى ظل تلك الأزمة قد يصعب على كثير من الشركات التمسك بكامل موظفيها وإلا ستعلن تلك الشركات إفلاسها فى الأجل القريب، وهو الأمر الذى قد يحجم من استفادة بعض الشركات من هذه المبادرة، قائلاً «وبرغم ذلك لا بد من الإشادة بدور البنك المركزى مراراً وتكراراً ووصفه بالعمود الفقرى للدولة الذى أصبح يسابق الأزمات ويحجز مكانه فى المنطقة الآمنة بعيداً عنها».