"جملة يا باشا".. كلمة يسمعها أهالي المنصورة بمحافظة الدقهلية كلما عبروا من شارع الجمهورية، وتحديدًا منطقة قصر الشناوي، تصدر من رجل سبعيني، يهتم بمظهره، ويرفع بكلتا يديه "ليفة غسيل مواعين"، وبجواره جوال ممتلئ بما يبيعه، ولا يتحرك من مكانه أبدًا.
يبدأ رجب أحمد القناوي، 70 سنة، عمله يوميًا من الساعة الواحدة ظهرًا، ويستمر حتى التاسعة مساءً، عبر 8 ساعات متصلة، يقف خلالها واقفًا عليه رجليه، وينادي علي زبائنه، وعندما يرق قلب أحد علي حاله، يرفض تلقي أي مساعدة إلا في حال أخذ المواطن مقابل ما يدفعه له.
"15 سنة وأنا واقف علي رجلي الوقفة دي"، هكذا تحدث رجب أحمد القناوي وشهرته "أبو أحمد"، ويمزح " أنادي وأقول جملة، لحد ما بقيت أنا جملة"، وقال "ورايا 3 بيوت مفتوحة، بيتي واثنين من أبنائي، رغم أنهما في منتصف العمر إلا أنهما لا يعملان، وكل واحد منهم مطلوب منه إيجار شقة شهريًا ومصاريف، ومن يريد أن يساعدني يشتري مني".
وعن حكايته، قال "أنا كنت شغال في إصلاح كاوتش سيارات، ولدينا محل في أكبر شوارع المنصورة، وفوجئت أن أخي باع المحل وسافر لبنان، ومن بعدها وأنا كرهت شغلتي، وقلت لنفسي هاشتغل أي حاجة حتى لو وقفت أبيع ليف غسيل مواعين".
"أنا أحب الضحك وأكره الزعل"، هكذا يصف "أبو أحمد" ضحكته التي لا تفارقه، مشيرًا إلى أنه يعمل بكرامة، ولا يحب من يتكبر عليه، بل يرفض البيع له، "كل أهالي المنصورة الذين يترددون علي شارع الجمهورية وطلاب الجامعة عارفني، وبعضهم يطلب يتصور معايا".
ووصف نفسه بأنه قدوة للشباب، خاصة أنه يقف بالقرب من جامعة المنصورة، وذكر "عارف إني قدوة لهؤلاء الشباب، وبعضهم يفتح معايا حوارات ويتكلم معايا، وبافتح صدري لأي إنسان طيب، فعمري ما كرهت حد، وسأظل أعمل حتي آخر يوم في عمري، فأنا حاربت في حرب 1967، وقطع خلالها أصبع السبابة بيدي اليمنى".
ويتمني "أبو أحمد" أن يكون له مصدر دخل ثابت يكفيه هو وأسرته "أنا أقبض معاش 450 جنيه في الشهر، ولا يكفي قيمة الإيجار، ووعدني أحد المسئولين بعمل كشك لي من خلال محافظ الدقهلية، ولكنني لم أره بعد هذا الوعد، وكان هذا الكشك يقيني حر الصيف، فأنا أقف في الشارع دون كرسي أو شمسية، وبمواعيد ثابتة".
تعليقات الفيسبوك