موروثات.. "المقعد" وأصول كرم الضيافة عند القبائل البدوية بجنوب سيناء
تناول القهوة
إكرام الضيف من أهم الصفات التي تتميز بها القبائل البدوية، ويعد المقعد من أهم مكونات المنزل البدوي، ويكون منفصلا تمامًا عن المنزل مراعاة لحرمته، وعندما يحط البدو رحالهم في مكان ما يبادرون بإنشاء المقعد بشكل بسيط، كأن يكون بجانب أو تحت شجرة من أشجار السيال أو بجانب صخرة كبيرة أو تل صغير، ثم يجمعون بعض الأحجار ويرصونها لتشكل نصف دائرة ارتفاعها لا يزيد عن المتر، ولكن إذا استقر بهم المقام في هذا المكان وأصبح شبه دائم، يقومون بإنشاء "العريشة" من الأحجار وتنشق بجريد النخيل وتتميز بالاتساع وليس لها أبواب.
وفي ذات السياق قال الشيخ خليل الحويطي، أحد مشايخ قبيلة الأحويطات، إن أبناء التجمع البدوي يتعاونون في تزويد المقعد بأدوات ولوازم الشاي والقهوة ويوفرون حولها الحطب والماء، كما يجتمعون فيه صباحًا ومساءً لاستقبال ضيوفهم أو أي عابر سبيل، ويستطيع الضيف أن يخدم نفسه إذا لم يجد أحد بالمقعد، بالإضافة إلى راحته من السفر إلى أن ينتبه إليه أهل التجمع البدوي، وتستطيع المرأة البدوية أن تقوم بواجب الضيافة بنفسها أو ترسل أحد أبنائها بالماء والطعام إلى الضيف.
وأوضح الشيخ خليل، أن الضيوف مرحب بهم في أي وقت، ويقوم أهل التجمع بإحضار مزيدًا من الفرش والمياه والحطب، كما يتم إشعال النار وتحميص البن الأخضر، ثم وضعه في الهاون المصنوع من النحاس، ويتم دق البن ويوضع في البكرج ويضاف إلى المياه بعد غليها، ثم يضاف إليه الحبهان.
وتابع: إذا شعر أهل التجمع أن ضيوفهم في حاجة إلى وجبة سريعة فيصنعون لهم "اللبة"، ومن عادتهم الأصيلة أنهم لا يسألون ضيوفهم ولا يتحدثون إليهم كثيرًا قبل تقديم المشروب، مضيفًا أن تقديم القهوة له أصول يجب مراعتها، حيث يقوم أحد أهل التجمع واقفا ممسكًا البكرج بيده اليسرى ومجموعة الفناجين بيده اليمنى، ويوزع القهوة على الضيوف بداية من جهة اليمين ومن أمثالهم "أصرف على اليمين لو كان أبوزيد على شمالك"، ويأخذ الضيف فنجان القهوة بيده اليمنى، والقهوة البدوية سادة بدون سكر وتصب بكمية قليلة في الفنجان، ويقدم للضيف في العادة ما لا يزيد عن 3 فناجين.
وأوضح "خليل"، أن الشباب يتعلمون أصول الضيافة في المقعد من الكبار، ويأخذون عادتهم وتقاليدهم في استقبال الضيوف، وطريقة صنع القهوة وأصول توزيعها.