إبراهيم حجازي يكتب: لا والله.. جيش مصر هو المنتصر!
إبراهيم حجازي
المشكلة التى تشغل بالهم من 72 سنة، بال الدول التى تعتبر نفسها أولياء أمر العالم، وجود إسرائيل على حدود مصر.. وهم مسئولون عن الحماية المطلقة لإسرائيل، وأهم بنود حمايتها تلك النظرية التى نسيها الزمن.. إشعال نار فى «هدوم» مصر، لأجل إلهائها واستنفاد جهدها ووقتها وفلوسها بالنار المشتعلة التى كلما أطفأت جزءاً أشعلوا أجزاء! ملف حقوق الإنسان واحد من أنواع هذه النيران! بادعاءات لا تنتهى من منظمات لا تُحصى! والذى يحدث على حدود مصر من كل الجهات جزء من هذه النيران! والذى تقوم به إثيوبيا باللعب فى الممنوع مثال لهذه النيران!
مطلوب أن تبقى مصر غارقة فى المشكلات التى يصدرونها لنا.. لأجل أن تعيش مَحْنِيَّة لا تصلب عودها، وأن تبقى هدفاً لكل أنواع الأجيال الجديدة للحروب التى سلاحها أشد فتكاً من الصواريخ!
سلاح الشائعات والفتن والكراهية وتجريف الرموز.. البشر المبدع والإنجازات العظيمة والأحداث المجيدة.. تجريفها بسلاح أسرع من الصوت ببركة السوشيال ميديا!
حرب مسمومة لم تترك إنجازاً مصرياً إلا وشككت فيه.. صحف ووكالات أنباء عالمية.. وجمعيات ومنظمات أهلية.. اخترعوها وزرعوها فى جسد الوطن العربى كله لا مصر وحدها.. وجماعة الإخوان الإرهابية خير عنوان لها ودليل عليها!
هذه الحملات تصل ذروتها كل سنة فى شهر أكتوبر الذى تحتفل فيه مصر بأعظم انتصارات الأمة حرب أكتوبر 1973! الجديد هذه السنة عن كل سنة هو التشكيك فى انتصار أكتوبر، بل والقول إن مصر انهزمت! هذا ما تقوله قنوات الإخوان التى تنفق عليها قطر مليارات الدولارات! الإخوان الذين دغدغوا مشاعر أهالينا البسطاء لأكثر من نصف قرن بأنهم ملايين على القدس رايحين يحرروها.. بكراهية جيش مصر.. يكرهون جيش مصر بدلاً من أن يكرهوا الذى يحتل القدس.. اللى رايحين لها من خمسين سنة بالملايين.. ولم يصلوها بعد!
الحملات العدائية الرهيبة من قنوات الإخوان.. الجزيرة وأخواتها فى لندن وتركيا.. أسقطت برقع الحياء.. وكشفت مخزون الكراهية الرهيب الذى تحمله الجماعة ضد جيش مصر صاحب أعظم انتصارات الأمة العربية! كراهية جعلتهم يشككون فى انتصار الوطن الذى يحملون جنسيته، ليثبتوا بما لا يدع مجالاً للشك أنهم أخلص عملاء الأجيال الجديدة للحروب وأهم سلاح فيها! الحرب التى أعلنوها على مصر بعد انتصار أكتوبر 1973، والتى بدأت والإخوان فى القلب منها، باغتيال السادات فى يوم له مغزاه.. يوم الاحتفال بذكرى الانتصارات.. يوم 6 أكتوبر 1981! اغتالوا الرجل الذى خاض أصعب حرب وحقق أعظم انتصار على من يحتلون القدس!
ومن أيام فوجئنا برئيس وزراء إسرائيل يقول ما يقوله الإخوان: إسرائيل هى التى انتصرت فى حرب أكتوبر.. وجيشها كان على مشارف القاهرة!
أنا هنا لا أرد على الإخوان ونتنياهو، لأنهم أول من يعرف الحقيقة.. لكننى أوضح الحقيقة لشبابنا، وأستشهد بما قالوه وفعلوه هم.. من خلال هذه النقاط لأجل أن تطمئن قلوبنا نحن المصريين فى اليوم والغد وكل غد.. إن مصر هى التى انتصرت فى حرب أكتوبر!
1- لو أن إسرائيل هى التى انتصرت، ما كانت لجنة أجرانات تشكلت من الأصل برياسة د. شمعون أجرانات، رئيس المحكمة العليا، ومعه أربعة أعضاء.. للوقوف على أسباب تقصير بعض قيادات الجيش الإسرائيلى فى تنفيذ مهامهم.. مما أدى إلى إلحاق أول هزيمة بالجيش الإسرائيلى منذ قيام إسرائيل! اللجنة فى نهاية تحقيقها مع القادة قالت بالحرف الواحد: اللواء إيلى زعيرا لا يستطيع أن يستمر فى منصبه رئيساً للاستخبارات بعد الآن! العميد أرييه شاليف، مساعد رئيس فرع الاستخبارات للأبحاث، لا يستطيع فى رأينا أن يستمر فى الخدمة! نرى واجباً على أنفسنا أن نوصى بإنهاء ولاية الفريق دافيد أليعازر كرئيس للأركان العامة! اللواء شموئيل جونين، قائد القيادة الجنوبية، نوصى بألا يقوم بوظيفة فعالة حتى تكمل اللجنة تحقيقها فيما يتعلق بمرحلة إيقاف العدو.. وتمت الإطاحة به فيما بعد!.
الجيش الذى تتم إقالة رئيس مخابراته ومساعده ورئيس أركانه وقائد القيادة الجنوبية التى فشلت فى صد المصريين.. يستحيل أن يكون هو الذى انتصر!
2- الجنرال بوفر، أحد أهم خبراء الاستراتيجية فى العالم، قال: حرب أكتوبر بدّلت المواقف تماماً فى الشرق الأوسط.. رأينا حرباً محدودة فى المكان والزمان.. لكنها حققت هدفاً سياسياً مهماً!
المواقف التى تبدّلت.. سقوط نظرية الحدود الآمنة بعد اقتحام الجيش المصرى للقناة وتخطيه الساتر الترابى واحتلاله خط بارليف بأكمله عدا نقطة غير مؤثرة.. وتقدمه فى سيناء من 15 إلى 18 كيلومتراً بمواجهة 170 كيلو وتقهقر العدو إلى المضايق!. الحدود الآمنة اتنسفت وأقوى خط دفاعى سقط واستسلم.. والهجوم المضاد فشل.. والقوات المصرية فى الشرق لم تتراجع متراً واحداً من لحظة تحقيق المهمة المباشرة يوم 9 أكتوبر وإلى أن انتهت الحرب.. عندما استولت على خط دفاعى يحتوى على أعلى هيئات المنطقة من السويس حتى بورفؤاد! هذا الأمر انتصار ساحق.. حققه جيش مصر وحافظ عليه إلى نهاية الحرب!
3- نتنياهو قال إن قواته وصلت مشارف القاهرة.. لكنه لم يكمل! هل بقيت هذه القوات على الأرض التى وصلتها على مشارف القاهرة؟
أسأل لأن الانتصار هو أن تتقدم وعدوك يتقهقر وتحافظ على كل شبر تقدمت فيه! لو أن المسائل تُحسب وفقاً لنظرية نتنياهو فإن الجيش المصرى يكون هو الذى انتصر فى حرب 1967!. انتصر لأن قوات من الصاعقة بقيادة المقدم جلال هريدى والمقدم أحمد حلمى يوم 5 يونيو 1967 توغلت داخل إسرائيل وكانت على مشارف تل أبيب! ولأن الملازم أول أحمد رجائى عطية والملازم أول محمود محرم كانت مهمتهما والقوة التى يقودانها ضرب مطار اللد الذى وصلوا إلى مشارفه وجاءهم أمر الانسحاب.. وفى عودتهم اشتبكوا مع حراس إحدى المستعمرات وألحقوا بهم خسائر عديدة.. وعادت القوة المصرية سالمة إلى الأردن! فهل توغل الصاعقة داخل المستعمرات الإسرائيلية ووصولهم إلى مشارف تل أبيب يجعلنا نقول إننا انتصرنا فى يونيو 1967؟
4- حرب أكتوبر 64 معركة.. انتصرنا فى 80٪ منها، والعدو فى 20٪. نجاح العدو فى الاختراق والوصول إلى غرب القناة فيما عُرف بالثغرة.. واحدة من المعارك التى انتصر فيها.. ولكن! هل الأرض التى احتلها فى الثغرة غيّرت موازين الحرب وأجبرت المصريين على الانسحاب من الشرق وقبول إملاءات العدو؟ لم يحدث هذا، والعكس هو ما حدث!
أمريكا من صور أقمارها الصناعية اكتشفت أن القوات الإسرائيلية فى الثغرة باتت فى قبضة المصريين الذين أطبقوا عليها الحصار.. وأطالوا أمد الحرب وخلقوا حرب استنزاف ثانية (80 يوماً) ومن الآخر.. استئناف القتال معناه ضياع جيش إسرائيل الموجود فى الثغرة! أمريكا هددت علناً بدخولها الحرب فيما لو قررت مصر تصفية الثغرة.. فماذا حدث؟
الصهاينة الذين لم ينسحبوا يوماً من متر أرض احتلوه.. استسلموا لشروطنا وانسحبوا من الثغرة بل كل سيناء.. مقابل ألا يستأنف جيش مصر الذى يحاصر الثغرة القتال! انسحبوا لأن الجيش المنتصر هو من يُملى والمنهزم ينفذ! لو كانت الثغرة انتصاراً ما انسحبوا من شبر واحد منها! الثغرة كانت أكبر ورطة شهدها جيش فى حرب.. وبالدليل!
5- المؤرخ العسكرى البريطانى إدجار أوبلانس قال: هناك من وصف ثغرة الدفرسوار غرب قناة السويس بأنها معركة تليفزيونية.. وفى رأيى أنه وصف دقيق وإن كنت أفضّل وصف معركة دعائية!
6- المؤرخ العسكرى الإسرائيلى أورى ميلشتاين فى حوار معه بإذاعة أورشليم الجديدة فى أكتوبر 2009 قال: الثغرة خطوة عسكرية استعراضية لم تغير من نتيجة الهزيمة الإسرائيلية.. كما أنها لم تقلل شيئاً من الانتصار المصرى!
7- تريفور ديبوى، رئيس مؤسسة هيرو للتقييم العلمى للمعارك التاريخية بواشنطن، قال: ليس هناك شك من الوجهة الاستراتيجية والسياسية فى أن مصر كسبت الحرب.
8- أهارون ياريف، مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق، فى ندوة عن حرب أكتوبر بالقدس فى 16 سبتمبر 1974 قال: لا شك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء.. وحينما سألوا السادات: هل انتصرت فى الحرب؟ أجاب: انظروا إلى ما يجرى فى إسرائيل بعد الحرب وأنتم تعرفون الإجابة عن هذا السؤال!
المساحة انتهت.. وتتبقى وثائق ومذكرات وأقوال خبراء تملأ مجلدات.. و«ما فى» حرف بكلمة فى جملة على سطر منها فيه شبهة تلميح أو تلقيح إلى أن جيش إسرائيل انتصر فى حرب أكتوبر!
ما رأى السيد نتنياهو وحلفائه «اللى» رايحين على القدس ملايين؟.