"نبيع ولا نشتري"..كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على أسعار الذهب؟
"نبيع ولا نشتري"..كيف تؤثر الانتخابات الأمريكية على أسعار الذهب؟
مع احتدام المنافسة وسخونة أجواء ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه أنظار الكثيرين إلي صناديق الاقتراع وعمليات الفرز المستمرة ترقبا لحسم نتائج الانتخابات الاستثنائية بين المرشحين الديمقراطي جون بايدن، والجمهوري دونالد ترامب، لكن في الجهة المقابلة تتجه أنظار كبار المستثمرين وصغارهم، ومن بعدهم أصحاب المدخرات إلي تقلبات الأسواق وأسعار الأسهم والمنتجات الأساسية لتحديد وجهتهم الاستثمارية، وفي مقدمة تلك الأسواق، سوق المعدن الأصفر "الذهب".
في مصر، يمكن القول بأن ما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن أن ينعكس بشكل كبير على أسعار الذهب التي شهدت زيادة بنحو 6 جنيهات مقارنة بأمس، كما ينعكس على قرار أصحاب المدخرات البسيطة والمتوسطة الذين قرروا سحب أموالهم من البنوك بعد خفض سعر الفائدة خلال الفترة الماضية، وإلغاء شهادات الاستثمار التي كانت تدر عائدا يصل إلي 15% سنويا في بعض البنوك.
وساهم خفض البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة على الجنيه إلى 8.75% للإيداع و9.75% للإقراض، إلي إعادة الكثير من المدخرين التفكير بشأن أوعية جديدة ذات عائد أفضل نسبيا من البنوك، والتي كان الذهب على رأسها، وهو ما يطرح تساؤلا لدى الكثير من المصريين بشأن القرار الأفضل في الوقت الحالي تجاه المعدن النفيس، وهل يكون بالبيع أم شراء الذهب؟.
بحسب تقارير الأسواق العالمية فقد سيطر الاتجاه الصعودي على أسعار الذهب، وإن كانت الارتفاعات في حدود طفيفة، منذ أمس الأول 3 نوفمبر وحتى اليوم، وتشير بيانات التداول إلي أن سعر الأوقية (تعادل نحو 31 جرام ذهب)، سجل 1920 دولارا في تعاملات اليوم، مقارنة بنحو 1890 كمتوسط في تعاملات أول أمس.ولا تعد الارتفاعات الحالية في سوق الذهب مؤشرا على إمكانية تحقيق قفزات سعرية، لكن هناك عوامل معقدة ومتشابكة ستؤدي إلي تركز الأنظار على المعدن الثمين، باعتباره الملاذ الأكثر أمنا حال اضطراب الأسواق العالمية وزيادة معدلات التضخم.
على رأس تلك العوامل، وبكل تأكيد، الانتخابات الأمريكية، التي تشهد صراعا شرسا، وتقدما واضحا - حتى الآن - للمرشح الديقراطي جون بايدن، إذ يعتقد مراقبون للأسواق أنه حال فوز بايدن، فمن المرجح أن يتم إقرار حزمة تحفيز لمساعدة الاقتصاد على تجاوز آثار الوباء، وتنشيط الطلب، وهو ما يعني طباعة المزيد من الدولار الأمريكي، وبالتالي زيادة معدلات التضخم، وانخفاض قيمة الدولار، حيث يرتبط الدولار بعلاقة عكسية مع الذهب، إذ عادة ما يلجأ المستثمرون إلي المعدن الأصفر لحماية أموالهم من تراجع قيمتها.
بعيدا عن الانتخابات الأمريكية، فإن العامل الثاني الذي يعزز من إمكانية صعود أسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، هو تزايد الخوف من الموجة الثانية لانتشار فيروس "كورونا"، خاصة بعدما لجأ الكثير من الدول في أوروبا إلي العودة للإغلاق في مواجهة تلك الموجة، وفي تلك الحالة تتجه الأموال نحو الذهب لحين اتضاح الرؤية بشأن الاقتصاد العالمي وأسواق المال.
أما العامل الثالث يتمثل في خطوة تعد هي الأولى من نوعها منذ عشر سنوات، وتمثلت في قيام بعض البنوك المركزية ببيع الذهب في الربع الثالث من العام الجاري، وفقا لوكالة "بلومبرج"، وهى الخطوة التي تخالف توجهات كافة البنوك المركزية منذ اندلاع أزمة كورونا، حيث كانت البنوك ضمن الكيانات الأكثر شراءً للذهب من أجل التحوط ضد التقلبات الاقتصادية بعد "كورونا".
ويعتقد رفيق عباسي رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات أن الإجابة على تساؤل "إلي أين تتجه أسعار الذهب"؟، أمرا صعبا في الوقت الحالي نتيجة لتشابك العوامل المحركة للأسواق، صعودا وهبوطا. وقال عباسي لـ"الوطن" إن اتجاه بعض البنوك المركزية لا يعد مؤشرا على اتجاه أسعار الذهب للانخفاض، بقدر ما يمثل أزمة لدى بعض الدول في تدبير قدر من الأموال اللازمة لاقتصاداتها، لكنه أكد أن استمرار المخاوف بشأن نتيجة الانتخابات الأمريكية، والموجة الثانية لفيروس "كورونا"، يعزز من استمرار زيادة الأسعار خلال الفترة المقبلة.
وحول ما إذا كان الوقت الحالي هو الأنسب بالنسبة لأصحاب المدخرات لشراء الذهب، أو بيعه، قال "عباسي" إن الاستثمار في الذهب حاليا مناسب لمن يبحثون عن الاستثمار متوسط وطويل الأجل، وليس عن المضاربة، مضيفا: الوقت الحالي مناسب للشراء لمن يريد الاحتفاظ بمدخراته لفترة تتراوح بين عام إلي 3 أعوام، لكن المضاربة على الذهب حاليا تحمل قدر كبير جدا من المخاطرة، نتيجة عدم وضوح الرؤية.
ويتفق معه نادي نجيب سكرتير عام شعبة الذهب باتحاد الغرف التجارية، الذي قال لـ"الوطن" إن الاتجاه العام للذهب هو الصعود، وليس الهبوط، موضحا أنه على الرغم من كون الارتفاع الأخير في سعر الذهب "طفيفا"، لكنه يشير إلي استمرار الصعود في ظل حالة اللايقين المسيطرة على الأسواق.