دينا عبدالفتاح تكتب : استثمر في "الحياة السهلة"!
دينا عبدالفتاح
كل شىء فى حياتنا له دور.. ودور التكنولوجيا أن تجعل حياتنا أكثر سهولة وليس أكثر تعقيداً، من خلال مساهمتها فى تحسين نوعية الخدمات وبساطة تقديمها.. فتطبيقات التوصيل المنزلى أتاحت لنا شراء أى شىء دون التقيد بوجود عامل توصيل لدى المحل من عدمه.. وتطبيقات النقل مكنتنا من استقدام سيارات الأجرة إلى باب المنزل أو العمل.. وتطبيقات الشراء عبر الإنترنت مكنتنا من القيام بعملية تسوق كاملة من المنزل دون عناء التنقل بين المحال التجارية والمولات المختلفة.. وغيرها الكثير من تقنيات الذكاء الاصطناعى التى بسطت حياتنا بنسبة كبيرة.
ولكن هل هذا كافٍ؟.. هل قدمت التكنولوجيا كل ما لديها؟.. هل وصل الابتكار التكنولوجى إلى قمته؟
جميع هذه التساؤلات لها إجابة صريحة واحدة وهى «لا».. لأن التكنولوجيا هى بمثابة عقل صناعى.. والعقول عامة لا يوجد حدود لابتكارها ولا معلوماتها سواء كانت بشرية أو صناعية.. وبالتالى فكلما اطلعنا أكثر وقرأنا أكثر يمكننا الخروج بأفكار جديدة من خلال العقل البشرى.. كذلك بالنسبة للتكنولوجيا كلما ركزنا أكثر وبحثنا أكثر يمكننا تقديم أشياء جديدة للغاية لعالمنا الجديد.
وبالتالى لا سقف للابتكار.. لا سقف للطموح.. لا سقف للتكنولوجيا، وتعتبر المرحلة الحالية هى فرصة ذهبية لكل شخص يريد أن يصنع الفارق فى حياته بل حياتنا جميعاً.. فاليوم أصبح يمكنك من خلال «مجرد فكرة» أن تصبح مليارديراً أو أن تكون أحد مشاهير هذا العصر.. ويمكنك من خلال موقع إلكترونى تقضى ساعات فى برمجته على المنصات الشهيرة لبرمجة المواقع أن تجنى أرباحاً يومية تفوق دخول عشرات بل مئات الموظفين.. وفى كل الحالات أنت ربحت باعتبارك المستثمر.. ونحن أيضاً باعتبارنا مستهلكين لخدمة ستجعل حياتنا أسهل.
ولكل المبتكرين الجدد أو الشباب الذين يفكرون فى شىء خارج المألوف أو عكس التقليدى أقول لهم: طبق مبدأ لاعب الكرة المتميز وهو «إلعب السهلة!».. فكر فى السهل.. ليس من الضرورة لكى تصبح مبتكراً أن تقدم شيئاً أكثر تعقيداً يحتاج لجيش من العاملين والموظفين.. ولكن العكس صحيح تماماً جميع الأفكار التكنولوجية الرائدة حالياً بدأت بتجارب سهلة للغاية يمكن لشخص واحد أو شخصين إدارتها وتشغيلها.. لأن سهولة إدارتها وتشغيلها ستؤكد سهولة استخدامها من قبل المستهلكين!
وهذا هو المبدأ الذى نجح به كل من لاعبى الكرة ومقدمى الخدمات التكنولوجية معاً.
وهناك بعض الأمور التى يجب أن يلتفت إليها المبتكر الجديد أو الشاب المقبل على فكرة استثمارية فى قطاع التكنولوجيا.
أولاً: عليك أن تبدأ بفكرة لها دور فى حل مشكلة معينة أو أداء خدمة جديدة لم تكن موجودة من قبل.
ثانياً: ركز جهودك التسويقية على الشريحة المستهدفة وكلما ضيقت نطاق الشريحة المستهدفة من العملاء كانت استجابتهم لحملتك التسويقية أكبر، خاصة وأنت تبدأ بميزانية مالية محدودة لن تمكنك من الوصول لكل الناس.
ثالثاً: تأكد أن مشروعك فى أول 3 أو 6 أشهر لن يحقق النجاح بنسبة كبيرة، وذلك لأن الناس يحتاجون إلى فترة ما بين السماع عن خدمة تكنولوجية معينة والبدء فى استخدامها.
وللتأكد من ذلك اسأل نفسك.. متى سمعت عن تطبيقات النقل التشاركى ووجودها حولك، ومتى بدأت فى طلب أول رحلة؟.. متى سمعت عن تطبيقات التوصيل للمنازل ومتى طلبت أول أمر توصيل؟.. متى سمعت عن خدمات حجز الأطباء عبر الإنترنت ومتى حجزت أول زيارة من خلالها؟.. لذا ستجد فارقاً فى الوقت بين العلم بوجود الخدمة والبدء فى استهلاكها.. واستمرار الخدمة فى السوق لأطول فترة ممكنة هو المحفز الأول لطلبها من قبل المستهلكين المختلفين.
رابعاً: عليك أن تطيل العمر المخطط للمشروع إلى أقصى حد ممكن.. فى ضوء الميزانية المحددة له.
خامساً: لا تيأس لو لم تنجح فكرتك أو مشروعك الأول.. فأغلب إن لم يكن جميع رواد الأعمال لديهم تجارب غير ناجحة أصقلتهم بالخبرات التى أهلتهم لما هم فيه الآن.. فانطلقوا...