شجرة الميلاد تنطفىء مبكرًا.. سكان بيت لحم: كورونا خطفت راحة قلب سنوية
صخب قوي مفعم بالروحانيات والترنيمات وأجراس الكنيسة التي لا تتوقفن مع الأضواء الزاهية المبهجة لشجرة الميلاد التي تتوسط ساحة المهد، في بيت لحم الفلسطينية، قبلة المسيحيون بأعياد الميلاد لحضور القداس، والتي يبدو أن تلك الأجواء ستختفي عنها هذا العام بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد.
مع الاستعداد لاحتفالات عيد الميلاد ببيت لحم الفلسطينية، وجهت مديرية صحة بيت لحم الجهات المسؤولة في المحافظة بعدة توصيات، على رأسهم إلغاء كل الاحتفالات والاقتصار على الطقوس الدينية والمراسم الرسمية لفترة أعياد الميلاد، والحد من توافد المواطنين من المحافظات الأخرى إلى بيت لحم، بالإضافة لإطفاء شجرة الميلاد تمام الساعة الثامنة مساء ومنع التجمهر حولها، وقصر مراسم اضاءة الشجرة على حضور عدد معين من الأشخاص مما لا يزيد عن 50 شخصا إلا باتباع إجراءات السلامة والوقاية وعمل الفحص قبل يوم واحد.
كما أوصت أيضا بإغلاق المطاعم والمنشآت الترفيهية من الساعة التاسعة مساء، ومشاركة الفرق الكشفية المحلية فقط لاستقبال المدبر الرسولي والطارقة بعدد لا يزيد عن 50 مشاركا وعدم مشاركة أي فرق خارج المحافظة، مع اشتراط عمل فحوصات كورونا للكشافة والمشاركين قبل يوم واحد من الاستقبالات الرسمية، ومنع دخول الأحباش إلى بيت لحم خلال فترة عيد الميلاد، وفرض إغلاقات في مناطق الاحتفالات ومنع دخول غير المسيحيين وكبار السن في مناطق الاحتفال والكشافة وذلك لتجنب الاكتظاظ والتدافع بين المواطنين.
انعكست تلك التوصيات بحزن بالغ على المواطنين في بيت لحم، الذين يرفض أغلبهم تنفيذها ما يعني غياب احتفالات وقداس الميلاد، ومن بينهم ماريا شحام، الطالبة بكلية الحقوق، التي ترى أنه في حال تأكيد إلغاء الاحتفالات، ستسود حالة من الحزن والاحباط بين المواطنين بشدة، قائلة: "لأنه بيكونوا يستنوا الأعياد عشان ينسوا تعب السنة وخصوصا هاي السنه كانت جدا صعبة".
ورغم ذلك الحزن، إلا أن ماريا بتقبل جزئي تجاه الأمر لمواجهة انتشار كورونا المتزايد بالمحافظة، مضيفة" والناس تمرض بس ضد التسكير الكلي اللي رح يصير لانه راح يصير توقيف كل الحياه مش بس للأعياد بس مع إلغاء الزيارات العائلية الكبيرة اللي بتصير سنويا عشان نقلل من احتمالات الإصابة".
أما عن البدائل الأخرى، لم تتوقع انتشارا مكثفا لها ببيت لحم لأن وضع البلاد معروف دائما بالإغلاق بسبب مشاكل التنقل، لذلك ترجح طالبة الحقوق أن تنتقل الاحتفالات إلى البيوت، وزيادة الالتزام بالإجراءات الوقائية بشدة.
سائد الشوملي، مواطن مسيحي آخر في بيت لحم، أبدى ضيقه البالغ من إمكانية وقف الاحتفالات هذا العام لأول مرة بهذا الشكل، حيث كانت بلا احتفالات خارجية فقط خلال اجتياح الكنيسة عام 2002 و2014 و2016، فضلا عن أوقات اعتداءات قوات الاحتلال وارتقاء الشهداء.
منذ بداية ديسمبر، كانت تتحول الأوضاع تماما في بيت لحم، وفقا للشوملي، حيث كانت تشهد المدينة توافدا من المسيحيون بجميع أنحاء العالم وفلسطين لتصل الفنادق إلى التعبئة الكاملة، وتضاء شجرة الميلاد يوم 24 من الشهر على يد رئيس الوزراء، بينما يتجول سانتا كلوز لتوزيع الهدايا على المنازل، وتقام الصلوات يوميا، بجانب المسيرات الحاشدة للدعاء لفك الاحتلال ورد المعتقلين، كما تزين جميع الشوارع بالأجراس والألوان والأعلام.
وأردف أنه رغم ارتفاع الإصابات إلا أن المواطنين لن يتقبلوا منع الاحتفالات هذا العام، موضحا أنه يجرى حاليا تجهيز شجرة الميلاد وتزيينها لإضاءتها بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
بينما من ناحيته، أكد عبد المهدي غريب، مسؤول الإسعاف والطوارئ بجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية في المحافظة، أن بيت لحم تسجل إصابات عالية بكورونا، والتي كانت بداية انتشار الفيروس في البلاد بسبب حركة السياحة الضخمة بها.
وأضاف غريب أنه يتوقع الالتزام بتلك التوصيات هذا العام وغياب المراسم الاحتفالية، وأن تقتر على الشعائر الدينية فقط مع إتباع إجراءات الوقاية والأمان في الطوارئ، مثل الأعياد الإسلامية السابقة وتجنب الزيارات الاجتماعية، وإضاءة الأشجار في المنازل.
وتابع أن إغلاق مدينة بيت لحم ومنع أي أحد من الدخول إليها خلال فترة الأعياد وقصرها على السكان في المحافظة فقط، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم تصدر تعليمات نهائية رسمية.
تعليقات الفيسبوك