القصة الكاملة لمهمة عمل تحولت لمأساة.. وفاة موظف وإصابة زميله بكورونا
ابن المتوفى: والدي لم نجد له سرير عناية والمستشفى أهمل في حالته
وكيل وزارة الصحة
لم يعلم الاثنان أن مهمة عمل كلفا بها ستكون سببا يوما في وفاة أحدهم وإصابة الثاني بفيروس كورونا، وكعادتهما يوميا ذهبا لعملهما بقطاع كهرباء دمياط ما بين رؤساء قطاعات ومهندسين فإذا بأمر إداري يصدر من مدير القطاع بتشكيل لجنة تفتيشية على الإدارات الهندسية خاصة وأن لجنة وزارية أوشكت على القدوم من القاهرة للتفتيش فاستجاب الاثنان وتوجها مع زملائهما للتفتيش على الإدارات الهندسية بمركزي الزرقا وفارسكور وجنوب دمياط حيث شكلت لجنتين الأولى تكونت من 4 أفراد وقامت بالتفتيش على هندسات الزرقا وفارسكور وجنوب دمياط فيما قامت اللجنة الثانية بالتفتيش على هندستي عزبة البرج وكفر سعد لتظهر إصابتين بفيروس كورونا خلال عمل اللجنة الأولى مما أودى بحياة أحدهما ليصبح أول وفاة بـ قطاع كهرباء دمياط بفيروس كورونا فيما يخضع الثاني للعزل المنزلي وتتوقف أعمال اللجنة بعد الإصابات بالجملة التي ظهرت بها.
يروي ناصر بدوي 56 عاما، محاسب، يشغل منصب مدير إدارة المصالح الحكومية بقطاع كهرباء دمياط لـ"الوطن"، التفاصيل كاملة قائلا: أعمل بقطاع الكهرباء منذ 32 عاما فوجئت بقرار وكيل الوزارة بتشكيل لجان تفتيشية تمهيدا للجان الوزارية القادمة للتفتيش على هندسات دمياط كل لجنة مكونة من 4 أفراد لجنة تجارية فنية.
وتابع بدوي قائلا: لجنتي شكلت مني والمهندس شريف الدهشان ومجدي العزب والمرحوم عوض عاشور وذهبنا إلى هندسات " الزرقا وفارسكور وجنوب دمياط " فيما توجهت لجنة ثانية لمباشرة عملها بهندسات" عزبة البرج وكفر سعد " وظللنا نقوم بالتفتيش على مدار 6 أيام متتالية.
وتابع بدوي قائلا: ظهرت أعراض الإصابة عليا في اليوم السادس ولم أذهب للعمل حيث أصبت بـ"سخونية وتكسير في العظام" فقمت بإجراء أشعة مقطعية على الرئة بناء على طلب الطبيب فجاءت النتيجة لتكشف إصابتي بفيروس كورونا نتيجة التهاب رئوي مزدوج لأدخل في عزل منزلي منذ ما يزيد عن 8 أيام فمع ظهور الأعراض لم أذهب لمباشرة أعمال اللجنة في اليوم السادس أما زميلي المرحوم عوض عاشور مدير إدارة التحصيل والجرد بقطاع كهرباء دمياط والبالغ من العمر 57 عاما، فكانت قد ظهرت عليه الأعراض منذ اليوم الثالث لأعمال اللجنة حيث ظهرت عليه سخونية والتهاب رئوي ثم تدهورت حالته ليصاب بجلطة رئوية حيث لم يذهب هو الآخر للعمل منذ ثالث أيام عمل اللجنة وليحجز بعزل مستشفى الحميات ويتوفي متأثرا بإصابته بينما أنا رفضت العزل في المستشفى وقررت العزل المنزلي.
وتابع بدوي قائلا: بالطبع حينما كلفنا بتشكيل لجان تفتيشية في وقت جائحة كورونا ونحن من أصحاب الأمراض المزمنة تضايقنا من هذا القرار الذي لم يراعِ ظروفنا الصحية والعمرية ويتطلب جهدا كبيرا واختلاط بعدد كبير من المواطنين في أماكن تفتقر للتهوية الجيدة وعلمنا بعد ذلك عقب إصابتنا أن هندسة الزرقا كانت قد ظهرت فيها إصابات بكورونا قبل توجهنا لها متابعا اضطررنا للقيام بأعمال اللجنة خشية تحويلنا للتحقيق ومعاقبتنا حال رفضنا.
وأضاف بدوي قائلا أصيب ابني وزوجتي بالفيروس نتيجة مخالطتهم لى ولكن كانوا أقل حدة حيث فقدوا الشم والتذوق ولكن تحسنت حالتهم مع العلاج والحمد لله ولكن نظرا لأنني من أصحاب الأمراض المزمنة مريض بالضغط فلم يتم التعافي بعد.
واختتم بدوي قائلا: لو شاء القدر وتعافيت فلن أنزل أي هندسات بعد يكفي ما أعانيه من تعب شديد نتيجة إصابتي بكورونا حتى لو سيتم تحويلي للتحقيق فأنا بين يد الله حاليا ولا أعلم هل سأنعم بالتعافي أم لا.
"والدي كان داخل المستشفى مصاب بفيروس كورونا لكن كانت علاماته الحيوية على ما يرام بعد دخوله مستشفى العزل فوجئنا بتدهور حالته تدريجيا حتى وصلت نسبة الأكسجين إلى 50% ورغم حاجته الملحة لدخول العناية المركزة لم يدخلها وتدهورت حالته حتى توفي نظرا لعدم وجود سرير عناية أنا والدي مات بسبب إهمال المستشفى التي لم توفر له سرير رعاية مركزة تركنا القلب الطيب الذي كان لا يكل ولا يمل ليرانا سعداء قدر المستطاع ليترك وراءه زوجة و4 أبناء"، بتلك الكلمات لخص أحمد عاشور طاهر ما حدث لوالده مدير قطاع بكهرباء دمياط لـ"الوطن".
يستطرد عاشور: والدي البالغ من العمر 55 عاما كان يعمل مدير بقطاع الكهرباء حيث كان يعاني من مرض السكر ما نعلمه أن قبل إصابة والدي بفيروس كورونا ذهب لمهمة عمل بنطاق الزرقا وفارسكور وبصحبته ثلاثة آخرين من زملائه من بينهم من أصيب أيضا بفيروس كورونا كوفيد -19
يردف أحمد قائلا والدي كانت حالته الصحية ظهرت بعض الأعراض عليه فدخل في عزل منزلي ثم توجه لعمل أشعة مقطعية بمستشفى الحميات فتبين الاشتباه بإصابته بكورونا ثم تم احتجازه بالمستشفى وظل محتجزا نحو أسبوع وبعد أيام بدأت تسوء حالته الصحية رغم أنه كانت حالته ليست سيئة أول دخوله وكنت أذهب للاطمئنان عليه وإدخال الطعام له.
يردف الابن الأكبر قائلا: اتصل والدي بوالدتي ليقول لها يوم وفاته إلحقوني أنا بموت وكان ذلك في الساعة الواحدة صباحا يوم السبت الموافق 28 نوفمبر 2020م حيث انخفضت نسبة الأكسجين بالدم لـ50% ورغم حاجته الملحة لدخول غرفة عناية مركزة لم يدخل و ظل حتى الـ6:30 مساء إلى أن توفاه الله تعالى وكانت حجتهم مفيش عندنا سرير عناية مركزة فاضي وحاولنا خلال تلك الساعات إيجاد سرير عناية بمستشفى خاص وحينما وجدنا كان السر الإلهي طلع وصعدت روح والدي إلى بارئها.
واختتم أحمد طالب الفرقة الثالثة بكلية الحقوق: للأسف العاملين بالمستشفى لم يكونوا على قدر المسؤولية تركوا مريض يصارع الموت دون أن يوفروا له سرير عناية مركزة، مطالبا بمحاسبة المسؤولين عن وفاة والده متابعا إزاي مستشفى عزل حميات مفيش فيها سرير عناية مركزة فاضي حسبنا الله ونعم الوكيل والدي ترك خلفه 4 أبناء أنا أكبرهم ولي بنتين وولد أشقاء ووالدتي.
في المقابل يقول الدكتور سيد عبد الجواد وكيل وزارة الصحة في دمياط في تصريح لـ"الوطن" إن المريض تم عمل الخدمات المطلوبة ولا صحة لأقوال ذويه حول الإهمال في حالته حيث تم وضعه على الأجهزة اللازمة وفقا لنسبة الأكسجين في الدم كما أنه من المعلوم أن كورونا قد تسبب جلطات وهناك حالات وفاة لمصابين لم يتم التعرف بعد عن سببها.
في المقابل حاولت "الوطن" التواصل مع المهندس أحمد أبو العطا وكيل وزارة الكهرباء في محافظة دمياط عدة مرات دون رد فيما نفى أحد العاملين بهندسة كهرباء الزرقا ظهور إصابات بين العاملين على حد قوله، رافضا الإفصاح عن اسمه.