الطيب: الاعتدال والوسطية داعم رئيسي لبناء الحضارة الإسلامية
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إنّ منهج الاعتدال والوسطية داعم رئيسي لبناء الحضارة الإسلامية بشكل خاص والإنسانية بشكل عام.
وأوضح الطيب، خلال كلمته بالملتقي الدولي الذي يعقد بمناسبة افتتاح مركز الإمام الماتريدي الدولي للبحوث العلمية بجمهورية أوزبكستان، بعنوان «الخطط المستقبلية»، وذلك عبر برنامج زووم، وألقاها عنه الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أنّ الملتقى يأتي في وقت الإنسانية فيه عامة بحاجة ماسة إلى أمثال هؤلاء الأعلام الأفذاذ، الذين وقفوا حياتهم لخدمة دينهم وأوطانهم، وفق مناهج تراعي الكرامة الإنسانية، وتحفظ للآدمية حقوقها.
وثمّن رؤية المركز ورسالته التي تتعلق بشخصية الإمام الماتريدي، للتعريف به، وللكشف عن منهجه، ودوره في خدمة الإنسانية جمعاء، والكشف عن رجال خدموا العلم بقلوبهم وعقولهم، وفهموا الدين وفق مراد ربهم، وعملوا على مناقشة خصومهم وفق منهجية وأدوات بحثية تحقق المقصود، وتوصل إليه دون شطط، أو تحريف، أو خروج عن روح الدين الإسلامي.
وأضاف أنّ الإعلان عن المركز جاء في وقته وحينه، خاصة وأنّ هذه المدرسة تعد رمز الوسطية في الفكر الإسلامي، ومن هنا يكون الكشف عنها وعن دورها في الإسهام الحضاري الإنساني ضرورة لا بد منها لوضع الأمور في نصابها، فيما يتعلق بالإسلام وعلومه ومنتسبيه، خاصة وأنّ العالم أجمع، والعالم الإسلامي خاصة -في هذا الزمان- يموج بكثير من الاتجاهات الفكرية، والمذاهب العقدية التي يوصف بعضها بالشطط والغاو، ويوصف بعضها الآخر بالتساهل والخروج عن المألوف، مع أنّ الواقع يؤكد أنّ الإنسانية اليوم بحاجة ماسة إلى مذهب عقدي يزكي النفس، ويسمو بها، وفي الوقت ذاته يدفعها إلى التدافع الحضاري.
وأكد الإمام الأكبر، أنّ الإمام أبومنصور الماتريدي لا يقل في نظرنا شأنا عن الإمام أبي الحسن الأشعري رحمه الله الذي ظهر في هذا العصر بالذات، وأكد العلماء والمفكرون أنّ للإمامين دور بارز في خدمة الإسلام ونصرة السنة النبوية، غير أنّ الإمام الماتريدي نهض بالأقاليم الشرقية من العالم الإسلامي، ونهض الإمام أبو الحسن الأشعري في الأقاليم المتوسطة لمجابهة ذوي الأفكار المتطرفة، مضيفا: «هذا الاجتماع يمثل القيام بحق الواجب نحو الإنسانية بشكل عام، والعالم الإسلامي بشكل خاص يبرز ذلك بوضوح من خلال الفكر الصحيح والرؤى الواضحة والمنهج المستقيم الذي تبناه الإمام الماتريدي وأتباع مدرسته من بعده».
وأشار الطيب، إلى أنّ منهج الاعتدال والفهم الوسطي للإسلام يسهمان بشكل رئيسي في بناء الحضارة الإسلامية بشكل خاص والإنسانية بشكل عام، ولا يخفى على أحد ما قامت به جماعات الغلو والتطرف في إلحاق الأضرار البالغة بالإسلام والمسلمين على مر التاريخ، وقد تميز الإمام الماتريدي بهذا المنهج في فهم الإسلام في الوقت الذي انتشرت فيه أفكار التشيع والرفض والاعتزال والغلو بين أوساط المسلمين آنذاك، حتى صار هذا الفهم علما عليه، فكان يلقب بـ«إمام الهدى».
وأكد الطيب خلال كلمته، على بعض المقترحات التي تسهم في تطوير البحوث العلمية بمركز الإمام الماتريدي الدولي للبحوث العلمية، وأهمها: ضرورة وأهمية التعاون مع الأزهر الشريف في إعداد هذه البحوث؛ حتى تخرج وفق المنهج الأزهري الوسطي الذي يوازن بين المنقول والمعقول، كما يجب أن تتضمن هذه البحوث وتلك الدراسات الخطط المستقبلية لنشر فكر الإمام الماتريدي رحمه الله، ووضع المناهج المثلى لترسيخ مبادئ الإمام الماتريدي في فهم العقيدة الإسلامية، وأن تتنوع الدراسات العلمية بهذا المركز حتى تبرز دور وجهود الإمام الماتريدي رحمه الله وأتباعه من بعده في خدمة قضايا الفكر الإسلامي عبر العصور، مع عقد اللقاءات والمؤتمرات والندوات المتكررة التي تتناول حياة الإمام الماتريدي رحمه الله وتوضح جهوده في خدمة الفكر الإسلامي وقضاياه المتعددة، والاهتمام بتراث الإمام الماتريدي رحمه الله وأتباعه من بعده وتحقيق هذا التراث تحقيقا علميا جادا وطباعته ونشره حتى يستفيد منه المسلمون في الشرق والغرب، ويمكن التعاون مع المؤسسة الأزهرية في هذا الجانب، ومواكبة الدراسات والبحوث العلمية - الصادرة عن المركز - للواقع المعاصر تقدم حلولا جادة ومتميزة لمشكلات المسلمين الفكرية والمجتمعية في الشرق والغرب.