سند أبوه وأخواته الخمسة.. قصة سوهاجي غرق بأحلامهم في مركب الموت بليبيا
هجرة غير شرعية
حمل همومه وأحلامه على كف، وفي الآخر شبك أصابع صديقه وابن قريته، فوق مركب صيد لا يقوى شراعها على الصمود أمام نسمة هواء صيفية، ألقت بهم ومن على ظهرها إلى قاع البحر، ووضعت همومهم جرحا في قلوب ذويهم ودفنت أحلامهم إلى الأبد.. تلك هى حكاية ابن سوهاج، الشاب المكافح جمال عمر وصديقه، بعد أن حلما بالمستقبل في إيطاليا فأصبحا من الماضي في جوف المتوسط.
لم يكن يعرف جمال عمر محمود، 23 سنة، ابن مركز المنشأة بمحافظة سوهاج، أنه على موعد مع النهاية، لكن ربما كان مستعدا لها بوجود ابن عمومته وصديقه بالقرية، وكان العهد "يا نعيش سوا يا نموت سوا"، فتحقق بالأخير، حين غرقت مركبهم قبل يومين في عرض البحر، أثناء توجههما إلى إيطاليا عبر ليبيا، في هجرة غير شرعية.
بصوت سجين وعيون ليس فيها إلا نقطة سوداء يخرج منها ضوء كلونها، روى ابن عم الشاب القصة، قائلا "ابن عمي كان يعمل في المعمار في ليبيا مع بعض شباب القرية، لكن علمنا من 4 أيام أنه توجه برفقة صديق بلدياته إلى إيطاليا على متن مركب صيد صغيرة، ومعهم حوالي 10 أفراد آخرين، حتى جاء خبر وفاته".
وأضاف الرجل الخمسيني، وطلب عدم ذكر اسمه: «ابن عمي شقيق 5 أخوات بينهم أبكم وآخر يعاني مرض مزمن ولا يستطيع العمل والباقين لا يعتمد عليهم، وكان بالنسبة لهم حلال المشاكل الذي سيحول حياتهم إلى جنة، أما والده فكان يعتبره سنده، لكن ابن عمي توفى غرقا وعرفنا الخبر من الشرطة في قريتنا».
وعن الخديعة التي تعرض لها الشباب والتلاعب بأحلامهم بالسفر إلى إيطاليا، قال «ابن عمي تعرض للنصب ووقع ضحية لسماسرة الهجرة غير الشرعية، وخدوا منه 35 ألف جنيه، وكل اللي على المركب دفعوا نفس المبلغ وهم تقريبا من 3 محافظات، لكن كانت مركبهم صيد وليست سفر».
وتابع: «المركب اللي ركبها ابن عمي وحسن بلدياتنا واللي معاهم كانت مركب صيد لا تستطيع السفر، وكلهم غرقوا وراحوا ضحية السماسرة الذين أغووهم بالسفر عشان يكونوا نفسهم ويتجوزوا».
«ابن عمي كان عاوز يكون نفسه ويتجوز والجواز عندنا غالي»، بهذه الكلمات واصل حديثه قائلا: «جمال كان يعتمد على نفسه ويعمل منذ عدة سنوات، وجمع بعض المال وعاوز يجهز نفسه خاصة وأن فى الصعيد الشاب يحتاج إلى ما بين 150 إلى 200 ألف جنيه، لتجهيز نفسه للزواج، وبعدين بلدنا كلها تعمل فى ليبيا منذ سنوات طويلة، والشاب منهم يظل يعمل سنوات وعندما يعود يقوم ببناء منزل ويتزوج، ويفتح مشروع بعد العودة إلى القرية».
وكان مركب هجرة غير شرعية غرق في البحر المتوسط وعلى متنه مجموعة من الشباب المصريين، ما أدى إلى وفاة 7 أشخاص، 6 من الصعيد بالفيوم وسوهاج وواحد من البحيرة.
والجثامين لـ4 من محافظة سوهاج، وواحد من محافظة البحيرة، و2 من الفيوم، هم: رفيع سيد احمد 19 سنة من قرية الشوالة وحسن حمدى حسن 18 سنة، من قرية كوم بدار بمحافظة سوهاج ، وشعبان محمد صادق 60 سنة من قرية مينا الحيط، بمركز اطسا وإبراهيم سعيد محمد 16 سنة وهما من محافظة الفيوم، وجمال عمر محمود 23 سنة من المنشآة، وحسن محمود بخيت، من البادية بمحافظة سوهاج، وأحمد عبدالسلام سعد 59 سنة من مركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة.