«فاطمة» مات زوجها بالسرطان.. فذاقت المرار على «إيد القريب قبل الغريب»
شقيقها أحرق محلها لبيع الكاوتش وأهل الخير ساعدوها لتربية أبنائها
فاطمة مات زوجها بالسرطان.. وعملت في تجارة "الكاوتش" فأحرق شقيقها محلها
قصة كفاح تمتد إلى ما يقرب من 8 سنوات، بدأت «فاطمة مصطفى أحمد المراكبي» فصولها مع إعلان الأطباء إصابة زوجها بمرض السرطان، بينما كان في أوائل الثلاثينيات من عمره، ومنذ تلك اللحظة لم تعرف طعماً للراحة، وذاقت الأمرين على يد القريب قبل الغريب.
وبعد 3 سنوات من المرض، الذي التهم كل مدخرات الأسرة، التي كان الزوج يدبرها من محل لبيع الإطارات وبطاريات السيارات في مدينة الفيوم، توفى «ممدوح الجرداوي»، تاركاً لزجته 3 أطفال، أكبرهم «محمد» 11 سنة، و«حبيبة» 7 سنوات، و«حنين» 4 سنوات.
بعد أسبوع واحد من وفاة زوجها، لم تجد «فاطمة» مفراً من إعادة فتح محل زوجها، حتى تتمكن من الإنفاق على أبنائها، واضطرت للنزول للعمل، وبدأت تتواصل مع التجار، وتتعلم كل شيء حول تجارتها الجديدة، حتى أصبحت من أشهر تجار الإطارات والبطاريات بالفيوم، يقصدها الزبائن ويطلبونها بـالاسم، فازدهرت تجارتها سريعاَ، وحققت أرباحاً ساعدتها على الاهتمام بتعليم أبنائها، وتنقلهم إلى مدارس جيدة، ولم تحرمهم من شيء، سعياً منها لتعويض غياب الأب.
على مدار 5 سنوات، كانت شهرة «فاطمة المراكبي» وأرباحها تزداد كل يوم عن سابقه، ورغم ذلك لم تقصر في حق أبنائها ولو لحظة، تحرص على الاستيقاظ مبكراً، لتُعد وجبة الإفطار، ثم تنظف شقتها، التي تبعد لأمتار قليلة عن المحل، ثم تنزل لتدير تجارتها حتى العصر، قبل أن تصعد إلى الشقة في الرابعة مساءً، لإعداد الغداء لأبنائها، ثم تنزل إلى المحل مرة أخرى، حتى 11 مساءً.
تحدثت «فاطمة» لـ«الوطن» قائلةً إن ظروفها القهرية، ووفاة زوجها وهو في سن صغير، وكونها أم لثلاثة أبناء، لم يعطها الفرصة لتحزن، أو حتى لترتاح من المجهود الذي بذلته خلال مرض زوجها، على مدار 3 سنوات، ولم يكن هناك مفر من العمل، فاضطرت للنزول لتفتح محل زوجها وتمارس التجارة وسط الرجال.
وأضافت أنّها تعلّمت كل شئ بالتدريج، وعرفت أنواع السيارات، ومقاس كاوتش كل السيارات، مشيرةً إلى أنّ عملها في تجارة خاصة بالرجال، لم يزدها إلا صلابة وقوة، وجميع الرجال من حولها يتعاملون معها كأخت لهم، ويرسلون لها الزبائن، حتى أصبحت معروفة بين جميع «الصنايعية» بأنها «ست بميت راجل»، بل ويعتبرونها واحداً منهم.
وفجأة، تحولت حياة «فاطمة» إلى «جحيم» مرة أخرى، عندما استيقظت على وقع طرق شديد على باب شقتها، في حوالي الساعة الثانية والربع بعد منتصف الليل، يوم 5 ديسمبر الماضي، واتصالات متكررة على هاتفها، لإبلاغها باندلاع حريق داخل المحل، فهرعت مسرعة، برفقة عدد من جيرانها، الذين استدعوا المطافي، وحاولوا السيطرة على الحريق، قبل أن تمتد النيران إلى 10 شقق في باقي أدوار «العمارة»، وسط حالة من الذعر نظراً لوجود شبكة للغاز الطبيعي بالعقار.
وتابعت بقولها: «شوفت النار بتاكل بضاعتي قدام عيني، ومعرفتش أعمل حاجة، كنا بنحاول نطفي النار كلنا والجيران، وكله اتلم، ولولا ستر ربنا والمطافي اللي جات بسرعة، كان زمان العمارة كلها انفجرت، علشان فيها غاز طبيعي»، وبينما أكدت أنه «مفيش عداوة بيني وبين حد تخليه يعمل فيها كدة»، فقد اعتبرت أن الحريق كان بسبب «غيرة منافس»، مشيرةً إلى أنه ليس أي منافس، وإنما شقيقها.
وأوضحت أنّ شقيقها يعمل في نفس تجارتها، وتشاجر معها عدة مرات لإغلاق المحل، وطلب منها العمل في بيع وشراء الملابس، ولكنها رفضت لأنّها تريد الحفاظ على تجارة زوجها حتى يكبر ابنها، ويكمل مسيرة والده في عمله.
وأضافت أنّه بعد الحريق بأسبوعين، أعادت فتح محلها مرة أخرى، دون أن تنكسر أو تستسلم، مشيرةً إلى صاحب العمارة ساعدها في ترميم المحل على نفقته الخاصة، كما قام عدد من التجار بإرسال بضاعة لها، بما يقرب من 80 ألف جنيه، دون أن يحصلوا على أي أموال منها، على أن تقوم بسداد ثمنها بعد أن تزدهر تجارتها وتعوض خسارتها.