قصة مصري أنقذ عشرات الأسر في إيطاليا من الموت: «ملاك كان بيطفي معايا»
جانب من أحد التكريمات للبطل المصري علي الذي أنقذ أسر من الموت في إيطاليا
الساعة تجاوزت السابعة صباحا يوم السبت الماضي، يوم إجازة تخف فيه أقدام المارة، وعلى أحد طرقات مدينة ميلانو بالقرب من ميدان «ليديا» وقف «علي» متكأ على سيارته يتحدث مع زميل له، فجأة سمع المصري المقيم في إيطاليا صوت انفجار كبير أزاحت قوته سيارته من مكانها، فما كان منه إلا أن حزم قراره وهرع إلى موقع الانفجار لعله يكون هناك أشخاص علق مصيرهم بانتظار من ينقذهم.
«أنا مش بطل، ملاك من عند ربنا هو اللي كان بيعمل معايا».. بتلك الكلمات استهل «علي» صاحب الـ62 عاما، حديثه مع «الوطن» منكرا لذاته، فيروي لحظات من الرعب سادات مكان الانفجار الذي وقع في إحدى البنايات الذي سمع على بعد 7 كيلومترات، سيارات ومركبات قذفها الهواء الناتج عن قوة الانفجار، زجاج متناثر في كل مكان من موقع الانفجار أو البنايات المجاورة، شقق سكنية تقريبا فتحت على بعضها بعد تدمير الحوائط بينهم، وسبق كل ذلك قوة من اللهب والنار.
شاب يصرخ يستغيث والنار قد أمسكت به
يضيف «علي»: «سمعت شاب يصرخ من إحدى شقق البناية، رأيته كان يتحرك يسارا ويمينا وللخلف والأمام لا يعرف ما الذي يحدث أو لا يعرف إلى أين يذهب والنار ممسكة به، وعلى الفور طلبت من زميلي الذي كان يقف معي أن يأتي بـ(كوفيرتتين) من سيارته، ليأخذ واحدة ويبلها بالماء ويغطي بها الشاب الذي أمسكت به النيران واستخدم هو الأخرى لحماية نفسه».
يقول «علي»: «يصفوني الآن أنني بطلا، وأنا لست بطلا، بل الله هو الذي كان معي لإنقاذ هؤلاء، كان هناك ملاك يقوم معي بذلك، والله على ما أقول شهيد»، مضيفا: «وجدت النيران لا تزال ممسكة بالشاب، فاضطررت لتجريده من ملابسه حتى رفعته من أسفل الذراعين وأخرجته خارج المبنى».
يروي «علي» مزيدا عما رآه، فيقول: «لم أدخل إلى الشقة من باب أو شباب، وإنما دخلت إليها من حائط، لأن قوة الانفجار دمرت الحوائط، ورأيت ماسورة مياه ذات ضغط عال قمت باستخدامها لإطفاء الحريق».
سرعة بديهة تنقذ البناية من انفجار ثان مدمر
حمل «علي» الشاب بعد إنقاذه، يقول: «المفارقة أنني كنت أصرخ ليأتي أحد يحمل معي الشاب، لكن من يقفون فقط اكتفوا بالتصوير بالهواتف، فظللت أصرخ فيهم حتى أتى شخص وساعدني في نقل الشاب الإيطالي المصاب»، متابعا: «أتت وسائل الإعلام والكل رأى هذا المشهد، بينما أنا أقوم بإطفاء الحريق كان الناس مكتفين فقط بالتصوير».
وبينما كانت النار تعلو أكثر فأكثر نتيجة انفجار الغاز، أبلغت أحدى السيدات «علي» بأن زوجة الشاب الإيطالي وابنته داخل المنزل، فقرر العودة مرة أخرى، ليستخدم مواسير المياه ذات التي في العمارة، إذ يقول: «لكي استطيع الوصول إلى الأم وطفلتها، الدخان كثيف ولا أدري ماذا يحدث، كان علي أولا أن أفتح ممرا آمنا وسط النيران التي تتعالى لأصل لهما، فقمت بكسر ماسورة المياه وأطفأت النيران وفتحت ممر لي، لكن لم أجد أحدا بالداخل، فقمت بإغلاق الكهرباء وفتحت المياه على مواسير الغاز الطبيعي ليتم تبريدها، ولولا فتح المياه على مواسير الغاز لحدث انفجار ثان كان سيتسبب في تدير العمارة بالكامل والتي بها عشرات الأسر».
خرج «علي» من العمارة بعد ذلك وقد نجح في تجنيب قاطني البناية موتا محققا، لكنه وبينما كان خارجا وجد السكان يتسارعون للخروج من العمارة حفاة، كانوا يريدون النجاة، «لما وجدتهم هكذا يهرعون للخروج مزعورين، فقمت على الفور بعمل ممر لهم من خلال تنظيف الزجاج المتناثر وبعض حطام الحوائط حتى لا يصابون بأذى، إلى أن وصلت سيارات الدفاع المدني وكانت بأعداد كبيرة».
«كانت ملابسي ممزقة، بي بعض الإصابات والجروح، خرجت وعلى جانب من الطريق جلست أضع إلى خدي، كأني كنت في حلم وبدأ استيقظ»، هكذا وصف «علي» حالته بعد أن أنهى مهمته بنجاح وحضرت سيارات الإطفاء، «التفت حولي وسائل الإعلام والصحف، يشيدون بما قمت به، كلها كانت تقول البطل المصري وهذا أمر جيد لكل المصريين، وصفوني بالبطل لكن ما أفتنع به أن الله قد أرسل معي ملاك لننقذ هؤلاء، لم أقم بشيء ولكن الله هو من فعل كل شيء».
الشرطة الإيطالية تشك في عمل إرهابي
لم تنتهي قصة «علي» عند ذلك، فمفارقة أخرى واجهها الرجل الستيني المصري الذي قام بفعل ربما أحد في سنه ما كان يستطيع القيام به، إذ أنه لما حضرت الشرطة ووجدت مصري عربي في مكان الحادث، شكت الشرطة ومن قوة الانفجار الذي حدث أنه ربما كنت أدبر لعمل إرهابي أو تخريبي، يقول: «أخذوا يسألوني وطلبوا تفتيش سيارتي، كانوا يفتشون ويخشون لو كانت هناك قنبلة بالسيارة».
ويضيف: «هنا حضر الناس وأخبروهم أني من قمت بإطفاء الحريق وأنقذت هؤلاء، وهذا أمر أسعدني للغاية، أدركت عناصر الشرطة ما جرى، وبدأوا التعامل معي بلطف يشكروني على ما قمت به، لتقف معي مختلف وسائل الإعلامۑ».
تكريم للبطل المصري
في إجراء طبيعي تم التحقيق مع «علي» في 3 جهات مختلفة في إيطاليا في المركز الرئيسي للشرطة وفي الدفاع المدني ليعرفوا ماذا حدث، والثالثة في محاكم شمال إيطاليا، مضيفا: «في كل مرة ينتهي الكلام بأنهم يقولوا لي كبرت وعظمت مقام مصر».
بعد الحادث، تحول «علي» إلى حديث الشارع ليتم تكريمه تقريبا 3 مرات على الأقل، فتم تكريمه من قبل القنصلية المصرية، ومن بلدية ميلانو من قبل رئيس البلدية، وتم تكريمه من مدير الدفاع المدني، وتم تكريمه كذلك من رئيس مستشاري شمال إيطاليا.
اللقطة التي كانت بارزة في تكريم البطل المصري كانت من قبل سكان العمارة الذين قاموا كذلك بتكريمه، فيقول «علي» مبتسما: «رفضت أي مكافآت مالية، لكن سكان العمارة جمعوا مبلغ مالي فيما بينهم وأحضروا هاتفيا محمولا هدية لي».