بريد الوطن.. الثعالب مقطوعة الذيل (قصة قصيرة)
بريد الوطن
فى إحدى الغابات القديمة كانت تعيش مجموعة من الثعالب مقطوعة الذيل، ولا يدرى أحد تحديداً كيف بدأ قطع ذيولها! وكلما ولد ثعلب صغير قطعوا له ذيله. فى أحد الأيام سألت ثعلبة مقطوعة الذيل أمها قائلة: «يا أمى لقد خلقنا الله فى أحسن تقويم، فلماذا تقطعون ذيولنا وتؤلموننا؟» غضبت الأم غضباً شديداً وقالت: «إنها متعة كبيرة أن تقطعى ذيلك»، تعجبت الصغيرة وقالت: «إنها عملية مؤلمة وليس فيها أى متعة بل تشويه لخلق الله عز وجل». هدأت الأم وقالت بصوت منخفض وهى تحتضن الصغيرة: «صدقينى يا بنيتى أنا لا أعرف، لقد كبرت مقطوعة الذيل حتى اعتقدت أننا نولد هكذا، وقيل لى إن قطع الذيل تأديب وتهذيب وفيه متعة كبيرة! وأنا تألمت مثلك حينما قطعوا ذيلى وأنا صغيرة، ولم أجد أى متعة بل كرهت نفسى وجسدى حتى تزوجت من أبيك ولم أجد أى متعة فى الزواج!»، أحمّر وجه الثعلبة الصغيرة وقالت: «إذاً هى مؤلمة ومضرة وتشويه لخلق الله، حين أتزوج وأنجب لن أقطع ذيل ابنتى». أسرعت الأم قائلة: «لا يا بنيتى، لا تخبرى أحداً بألمك وإلا سخروا منك واتهموك بالفجور، لا تفضحينا، إن لم تقطعى ذيل ابنتك فلن يتزوجها أحد من الثعالب!».
استمرت الثعالب فى قطع ذيولها جيلاً بعد جيل، وكل ثعلبة تخفى ألمها وحزنها، حتى أصبحت الثعالب التى لم تقطع ذيلها قليلة، لقد أصبح تشويه وبتر جزء من الجسد شيئاً عادياً مألوفاً، بل أصبحت الخلقة الطبيعية الربانية شيئاً غير عادى يتم السخرية منها والاتهام بالضرر والفجور.
د. أحمد الدمياطى
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com