أول الغيث قطرة
د. مجدى حسن
كثيراً ما يشاع عن العمل التطوعى أنه دون جدوى ويجعل صاحبه فى مرمى سهام النقد والاتهامات، بل قد يصل أحياناً إلى حد التشكيك فى الضمائر والنوايا باتهام كل من يتقدم للعمل التطوعى بالسعى لتحقيق مصالح شخصية وليس الصالح العام كما يدعى.
والحق يقال بأن العمل العام التطوعى لا يجلب لصاحبه سوى المتاعب، خاصة أنك مهما بذلت من جهد وتحملت من عناء ومشقة فى سبيله لن تستطيع إرضاء الجميع. ومن هذا المنطلق ومن واقع مسئوليتى الأدبية كونى من أوائل المستثمرين الذين ساهموا فى بناء صناعة وطنية عملاقة يرتكز عليها الأمن الغذائى المصرى فى توفير احتياجات السوق المحلية من البروتين رخيص الثمن، وتعد من أهم مصادر الدخل القومى «ألا وهى صناعة الدواجن». وأمام حالة الانهيار التى تشهدها الصناعة وتداعياتها على الصناعات المكملة لها والقائمة عليها وحجم الخسائر الفادحة التى تلحق باستثمارات تجاوزت 90 مليار جنيه، هذا بخلاف أكثر من 7 ملايين عمالة مباشرة وغير مباشرة مهددين بفقد مصدر رزقهم الوحيد، فكان لزاماً علىّ أن أتقدم وأتحمل مسئوليتى تجاه الصناعة، التى أتشرف بالانتماء إليها متسلحاً برؤى وأفكار وخطط من شأنها إعادة صناعة الدواجن لسابق عهدها.
وكان سبيلى فى تحقيق ما أصبو إليه للصناعة هو التقدم للعمل التطوعى العام، من خلال خوض انتخابات الاتحاد العام لمنتجى الدواجن على مقعد نائب رئيس الاتحاد، وشاء القدر أن يصل لإدارة صناعة الدواجن اتحاد يضم بين طياته نخبة من رواد صناعة الدواجن فى مصر لا تنقصهم العزيمة والإدارة لإصلاح حال الصناعة والنهوض بها، ويمتلكون من الخبرات والمهارات الإدارية والإمكانات والعلاقات العامة بجميع عناصر الصناعة وجهات صنع القرار ما يؤهلهم للقيام بهذا الدور على أكمل وجه، ومنذ أن وطئت أقدامنا الاتحاد وشغلنا الشاغل إصلاح حال الصناعة ووقف نزيف خسائرها ودعم عناصرها، خاصة المربين وإعادتها إلى سابق عهدها صناعة وطنية مربحة، وعكفنا على وضع خطط عمل وتصورات من شأنها حماية الصناعة من المخاطر التى تواجهها وإيجاد حلول جذرية للمشكلات المزمنة التى يعانى منها جميع عناصرها، ووضع آلية فاعلة للتواصل بالجهات المعنية بالدولة والتنسيق فيما بينها وبين الاتحاد، خاصة فى القرارات التى تصدر منها بشكل عشوائى وغير مدروس تضر بالصناعة واستثماراتها، وأولى ثمار هذا التنسيق الاجتماع الذى تم بين الاتحاد واللجنة الوزارية الخاصة بالموافقات الاستيرادية بالدواجن المجمدة وأجزائها المصنعة والذى شرفت بحضوره بصفتى نائب رئيس الاتحاد مع قيادات الزراعة والتموين والداخلية وجهات سيادية معنية بالأمر، ومما زادنى فخراً وسعادة أن جميع الجهات المشاركة فى الاجتماع السيادية منها والرقابية والتنفيذية أبدوا رغبتهم فى ضرورة دعم صناعة الدواجن وحمايتها والعمل على النهوض بها.. ومن هذا المنطلق دعموا موقف الاتحاد بشكل كامل وصريح بضرورة وقف استيراد أى كميات من الدواجن وأجزائها المصنعة، وقد أسفر هذا الاجتماع عن صدور قرارات طالما انتظرتها الصناعة وتتمثل فى:
- أصدر المهندس مصطفى الصياد نائب وزير الزراعة قرار وقف جميع الموافقات الاستيرادية لحماية صناعة الدواجن وحاز هذا القرار على دعم كامل أعضاء اللجنة.
- قصر الاستيراد على الجهات السيادية بكميات معلومة للاتحاد وبالتنسيق مع وزارة الزراعة، مع عدم طرحها فى الأسواق للمستهلك العادى.
- استمرار استيراد القطاع الخاص مع تطبيق 30% جمارك ولكن بكميات يتفق عليها مع وزارة الزراعة، حسب وضع السوق من زيادة أو نقص فى المعروض.
- وقف استيراد المجزآت والمصنعات بشكل نهائى، والتوريد لوزارة التموين مع دعم سعر التوريد من خلال صندوق التعويضات وجار بلورة هذا المقترح لدخوله حيز التنفيذ.
- توريد التموين أو الجيش بنسبة 100% من صغار المربين، وعودة صغار المربين للانضمام إلى الاتحاد مع عمل شعبة خاصة بهم تسمى شعبة صغار المربين.
- إنشاء كيان قانونى يستطيع من خلاله صغار المربين توصيل مطالبهم للمسئولين وإنشاء بورصة لهم بشكل عملى وأكثر فاعلية.
وقد أوصت اللجنة رفيعة المستوى بنقل خالص تحياتهم وكامل دعمهم لصغار المربين وتشجيعهم على الاستمرار والتوسع فى الصناعة، ولا يسعنى فى هذا المقام سوى أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير للسادة أعضاء اللجنة ومعالى وزير الزراعة والسيد المهندس مصطفى الصياد نائب الوزير والدكتور طارق سليمان لوقوفهم جميعاً مع الاتحاد والمربين لدعم الصناعة وحمايتها والنهوض بها.
وأخيراً وليس آخراً يتقدم الاتحاد العام لمنتجى الدواجن بخالص الشكر لجميع عناصر الصناعة على ما تحملوه من مصاعب وعناء فى سبيل استمرار الصناعة، بالرغم من التحديات الجمة التى واجهوها والظروف القاسية التى يعملون فيها والخسائر التى يتعرضون لها، وكل هذا لم يثنهم عن القيام بدورهم الوطنى تجاه بلدنا الحبيب فى الاستمرار بإمداد السوق باحتياجاته من البروتين رخيص الثمن، وأؤكد لشرفاء الصناعة أن ما تم ما هو إلا قطرة من غيث، لأن غايتنا إنشاء منظومة متكاملة لحماية جميع عناصر الصناعة من الأضرار التى يتعرضون لها، مع تقديم كامل دعم الاتحاد لهم بما يساعدهم على التوسع فى الاستثمارات وزيادة حجم الإنتاج، ولن يتسنى لنا فعل ذلك بمفردنا دون دعمكم لنا وثقتكم فى كافة القرارات التى تصدر من الاتحاد لأنها تصب جميعها فى صالح الصناعة، لأننا جزء من منظومة كبيرة وعريقة ونحتاج للتكاتف معاً والعمل من أجل النهوض بالصناعة، وإنا على ذلك لقادرون بإذن الله بدعمكم.