«سلاطين الغلابة» كتاب لصلاح هاشم يحتفي بالنيل: «يفيض يغرق جزائر»
الدكتور صلاح هاشم
صدر حديثا كتاب «سلاطين الغلابة» للدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، ومراقب دائم في الأمم المتحدة، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهو الكتاب رقم 18 في إصدارات المؤلف. ويحتفى الكتاب بالنيل ودوره في حياة المصري على مر العصور، إذ يطرح المؤلف في العمل فلسفته الخاصة عبر ألسنة الشخصيات، ويقدم رسائل عميقة من خلال حكاياتهم التى تعكس حكاياتهم في الحياة.
وقال صلاح هاشم، في تصريحات لـ«الوطن»: «سلاطين الغلابة عبارة عن 16 سلطانا يجمعهم الفقر، وجاءت هذه الحكايات في شكل مقالات قصصية نُشرت في الصحف قبل صدور الكتاب، وهم نماذج من الشخصيات المصرية أصحاب المهن التراثية، يربط بينهم نهر النيل الذي شكل وجدانهم وارتبط بثقافتهم وحياتهم، حيث يرى هؤلاء الأبطال أن النيل هو مصر أو الوطن وأنه بدون النيل تنتهى حياتهم، إذ تموت الشخصيات ميتات مختلفة لكنها تترك رسائل تحمل فلسفات عميقة وبسيطة».
والحكايات عبارة عن صور من حياة أشخاص أو لوحات مترابطة، تناقش كل لوحة إحدى قضايانا المصرية المعاصرة بعقل شخص بسيط لكنه حكيم، لا شىء يميزه سوى حكمته البالغة التي جاءت من تجربته الإنسانية الأليمة وعشقه الدفين للنيل والوطن.
ومن هذه الشخصيات «الرجل الجمّال، والولي ورجل القبور، وبائعة الدوود وضاربة الودع، والحاوي»، منوها إلى نحو 80٪ من الحكايات من الخيال، و20٪ من واقع الأشخاص، لكن البطل في المقام الأول هو النيل الذي شكل ملامح هذه الشخصيات وجعل لها جذورا ضاربة في الأرض والوجدان جعلت من الصعوبة بمكان نسيانهم.
وأشار إلى أن الحكايات منفصلة، والرابط بينهم النيل أو علاقة كل منهم بالنيل، إذ يربط المعنيون بدراسة التاريخ المصري بين فترات المجاعات الطويلة التي تعرض لها المصري ن عبر التاريخ وبين عدم وفاء النيل لدرجة أنهم جعلوا بوفاء النيل عيدا مقدسا وإذا لم يفِ النيل بمائه صلوا لأجله.
وتابع: «وفي موضوعات الكتاب، حاولت تسليط الضوء على بعض من النماذج الإنسانية الرائعة التي تحدت بالانتماء وبعزيمتها القوية الفقر والجهل والمرض، كما تحدت بسيرتها العطرة حتى الموت، لقد حاولت في موضوعات الكتاب أن أناقش أيضا كثير من قضايانا المصرية والمعاصرة بعقول وحكمة شخوص عاشوا في مرحلة تاريخية استثنائية في تاريخ هذا الوطن، للتأكيد على أن مشاكلنا قديمة وتقليدية ولا تحتاج إلى حلول لوغاريتمية بقدر حاجتها إلى بعض من الحكمة والوعي».
وأكد هاشم، أن أفراح المصريين وأحزانهم مرتبطة بالنهر، إذ نجد الفلاح في الصعيد قد ربط على مر التاريخ حياته بزيادة النهر ونقصانه، وظهر ذلك جليا في الأغاني التي يرددها الفلاح وهو ينظر إلى النيل ويجسد فيها معاناته مع النهر ويرصد مخاوفه فنجده يقول بلغة عامية بسيطة: صاحي من بدري.. والنيل يسابق خطايا.. يفيض يغرق جزائر.. يهبط أموت في حشايا» لافتا إلى أنه لم يكن فيضان النيل أو نقصانه سببا في حرمان المصريين من الغذاء فغالبا ما كان لنقصانه أثر سلبي على حركة التجارة الداخلية المعتمدة على النيل في نقل البضائع وسير السفن.