دينا عبدالفتاح تكتب : .. «الاختيار»
دينا عبدالفتاح
أبدع المؤلف هانى سرحان والمخرج بيتر ميمى وكل الفنانين فى مسلسل «الاختيار 2».. ونجحوا فى إخراج عمل رائع لتوثيق مرحلة مهمة من تاريخ مصر.. والبطولات التى يقوم بها رجال الظل من أبطال الشرطة المصرية خلال فترة عصيبة للغاية.. والتضحيات التى قدموها من أجل هذا الوطن واستمرار وحدته وهويته وثقافته.
ويُعتبر اسم المسلسل بجزأيه الأول والثانى «الاختيار» بالفعل اختياراً مُبدعاً من صاحب الفكرة.. لأن كل شىء فى حياتنا اختيار.. هناك من اختار البطولة والتضحية فخلّده التاريخ وذكر اسمه بحروف من نور وافتخر به أبناؤه وأحفاده.. وهناك من اختار الخيانة ووثق التاريخ خيانته وذكره بعبارات غاية فى السوء.. واستعرّ منه أبناؤه وأحفاده.
وفلسفة الاختيار لا تحكم مسألة الوطنية فقط.. ولكنها تحكم كل شىء تقريباً، فبناء الشخص لكيانه وذاته اختيار من بين أن يكون مجرد شخص عادى يعيش وسط ملايين الشخصيات العادية أو أن يكون شخصاً مبدعاً مبتكراً مختلفاً يعيش وسط قلة فضَّلت الجهد والطموح من أجل بناء وتحقيق الذات.
كما أن هذه الفلسفة تحكم أيضاً الشكل الاقتصادى للدول، فتلك الدول التى اختارت الاستهلاك والمعونات والتعامل المُسكّن مع الأزمات ظلت، وستظل دائماً، فى قلب العالم الثالث.. فلا رفاهية.. ولا حياة آدمية.. ولا مستقبل يعد بأى شىء جميل.
بينما الدول التى اختارت طريق التقدم والازدهار ومعالجة الأزمات والقضاء عليها، وفضَّلت أن تبذل المزيد من الجهد، ورحَّب أبناؤها ببذل المزيد من التضحيات لإصلاح الأوضاع، حتماً ستصبح قوة لا يستهان بها، وسيعوَّض المواطنون فيها عما بذلوه من جهد وما تحمَّلوه من تضحيات.
ولعل ذلك ما يحدث مع مصر حالياً، فالقيادة السياسية الحالية اختارت الطريق الصعب على حساب الطريق السهل الذى سار فيه القادة السابقون، الذين اعتادوا على مدار عقود طويلة على سياسة تسكين الأزمات وتأجيل المواجهات، والابتعاد عن القرارات التى لها تأثير شعبى سلبى حتى وإن كان فيها صالح هذا الوطن وتحمل مستقبلاً واعداً لأبنائه.
والنتيجة أنه بعد 4 سنوات من التضحية من 2016 حتى 2019 بدأ الاقتصاد والمواطن معاً يحصدان نتائج التضحيات.. فالرواتب الحكومية فى زيادة مستمرة.. المعاشات فى تحسن دائم.. الخدمات الصحية والتعليمية عند مستوى جيد للغاية.. البنية التحتية من طرق وغاز وكهراء ومياه وغيرها عند مستوى جودة قياسى.. الاستثمار والعمل مفتوح للجميع.. والأرباح تدق باب كل من يفكر فى بذل الجهد وإنتاج الأفكار وتنفيذها على أرض الواقع.. والقادم أفضل بإذن الله.