كيف يقبض ملك الموت أرواح كثير من البشر في وقت واحد رغم اختلاف أماكنهم؟
دار الافتاء
ردت أمانة الفتوى بدار الافتاء المصرية على سؤال حول: كيف يقبض ملك الموت أرواح الكثير من البشر في وقت واحد رغم اختلاف أماكنهم؟، وذلك بالفتوى رقم 3888، والمنشورة على الموقع الإلكتروني للدار على شبكة الإنترنت.
وقالت أمانة الفتوى في الإجابة على هذا السؤال، إن الموت في اللغة: ضد الحياة، وفي الاصطلاح: مفارقة الروح للجسد، ومعنى مفارقتها للجسد: انقطاع تصرفها عن الجسد، بخروج الأخير عن طاعتها.
الإفتاء: الله خلق أعوانا لملك الموت من الملائكة
وأضافت أمانة الفتوى: «المتوفِّي على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى؛ حيث أسند الله التوفِّي إليه سبحانه، ثم خلق ملك الموت وجعله الملك الموكل بقبض الأرواح؛ وخلق الله أعوانًا لملك الموت من الملائكة؛ يقول تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ﴾ [الأنعام: 61]، ويقول تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ [محمد: 27]، ويقول تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: 93]».
وأخرج عبدالرزاق، وأحمد في «الزهد»، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ في «العظمة»، وأبو نعيم في «الحلية» عن مجاهد، قال: «جعلت الأرض لملك الموت مثل الطست يتناول من حيث شاء، وجعل له أعوان يتوفون الأنفس ثم يقبضها منهم».
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس: أنه سئل عن ملك الموت: هل هو وحده الذي يقبض الأرواح؟ قال: «هو الذي يلي أمر الأرواح، وله أعوان على ذلك، غير أن ملك الموت هو الرئيس، وكل خطوة منه من المشرق إلى المغرب».
وأخرج عَبْدُ بن حُمَيْدٍ، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في «التفسير»، عن إبراهيم النخعي، في قوله تعالى: ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ [الأنعام: 61] قال: «الملائكة تقبض الأنفس، ثم يقبضها منهم ملك الموت بعد».
الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: «إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم، فإذا توفوا النفس دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب -يعني العشار- الذي يؤدي إليه من تحته».
واختتمت أمانه الفتوى إجابتها بالقول: «إن التوفي في الحقيقة يحصل بقدرة الله تعالى، وهو في عالم الظاهر مفوض إلى ملك الموت، وهو الرئيس المطلق في هذا الباب، وله أعوان وخدم وأنصار، فحسنت إضافة التوفي إلى هذه الثلاثة بحسب الاعتبارات الثلاثة».
وبناءً عليه: فإن ملك الموت موكَّل بقبض الأرواح، وله أعوان - كما سبق بيانه-؛ فلا يصعب حينئذٍ تصور قبضه لأرواح متعددة في زمن واحد بواسطة أولئك الأعوان من الملائكة.