ما معنى «الغمام» في القرآن الكريم.. «ظاهرة شتوية من أهوال يوم القيامة»
تقرير بتناول معنى كلمة الغمام
تنوعت التفسيرات التي تتعلق بمعنى كلمة «الغمام» في القرآن الكريم ما بين كونها سحابا أم شيئا أقرب للسحاب، لكن اتفق الجميع على أن «غمام» تعني التغطية، وبالتالي فإن الغمام سمي بهذا الاسم لأنه يغطي ويحجب السماء عن الناظرين عندما يمر بها، وقد وردت الكلمة في أكثر من موضع في القرآن الكريم، والغمام قد يظهر في أي وقت في العام لكنه يعد ظاهرة لا سيما في فصل الشتاء، وذهبت بعض التفسيرات إلى اعتباره من أهوال يوم القيامة.
معنى الغمام في القرآن الكريم
وقبل استعراض معنى الغمام في القرآن الكريم فإن الكلمة وردت في قوله تعالى «وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى» كما وردت في قوله تعالى «هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ».
وبحسب تفسير ابن كثير، فإن الغمام جمع غمامة، سمي بذلك لأنه يغم السماء، أي: يواريها ويسترها، وهو السحاب الأبيض، ظللوا به في التيه ليقيهم حر الشمس، كما رواه النسائي وغيره عن ابن عباس في حديث الفتون، قال: ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام.
أهوال يوم القيامة
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي، حدثنا أبوحذيفة، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ) قال: ليس بالسحاب، هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة، ولم يكن إلا لهم، وهكذا رواه ابن جرير، عن المثنى بن إبراهيم، عن أبي حذيفة، وكذا رواه الثوري، وغيره، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، وكأنه يريد، والله أعلم، أنه ليس من زي هذا السحاب، بل أحسن منه وأطيب وأبهى منظرًا، كما قال سنيد في تفسيره عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (وظللنا عليكم الغمام) قال: غمام أبرد من هذا وأطيب، وهو الذي يأتي الله فيه في قوله: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) [ البقرة : 210 ] وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر . قال ابن عباس: وكان معهم في التيه.
كما نسب لابن كثير في تفسيره: يقول تعالى مهددًا للكافرين بمحمد صلوات الله وسلامه عليه: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ـ يعني يوم القيامة لفصل القضاء بين الأولين والآخرين، فيجزي كل عامل بعمله إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ولهذا قال تعالى: وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ـ كما قال الله تعالى: كلا إذا دكت الأرض دكًا دكًا ـ وجاء ربك والملك صفًا صفًا ـ وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى {الفجر: 21ـ 23} وقال: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك {الأنعام: 158}.
خواطر الشيخ الشعراوي
وقال فضيلة الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي في معنى كلمة الغمام التي وردت في قوله تعالى «هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» أي أن : يأتي الله بما لم يكن في حسبانكم، يأتيهم الله أي أمر الله، ظلل من الغمام مسألة غيبية فكلمة الظلل جمع ظلة تقدمت عند قوله تعالى « وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ».
وواصل الشيخ الشعراوي في خواطره حول هذه الآية قائلًا إن الغمام: غم الشيء أي مستور، والغمام يستر الشمس ويستر عنا السماء فكأن العملية ستأتي في هول، وهو أمر من الأمور الغيبية، وقضي الأمر أي لم يعد هناك مجال أن ترجع إلى الله، وما دمنا لا نعرف تحقيقها زمنًا خاصًا إذا من الأحسن أن نحتاط لوقوعها.