مفتي الجمهورية: المذهبية الفقهية احتوت الجميع عبر العصور
الدكتور شوقي علام
طالب الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، الشباب والأمة الإسلامية باللجوء إلى المتخصصين من العلماء للحصول على المعرفة، فهم الذين حصلوا العلوم ولديهم المنهجية وتدربوا على تطبيقها، وهو أمر يحتاج إلى تدرج وزمن.
علام: المنهجية العلمية للشرع الشريف مأخوذة من القرآن
وأضاف «علام»، خلال لقاء مع الإعلامي حمدي رزق، ببرنامج «نظرة» المذاع على قناة صدى البلد، أن المنهجية العلمية للشرع الشريف والمأخوذة من القرآن والسنة عمل العلماء على ترسيخها عبر العصور، ومن بين سماتها التواضع واحترام رأي الآخرين وعدم المصادرة على أقوالهم، وهي تصب في صالح التدين الصحيح، وتحقِّق الأمن المجتمعي، الذي به تستقر المجتمعات، وهو منهج الرسول صلى الله عليه وسلم كما نرى ذلك جليًا في سيرته العطرة؛ وهذه المنهجية أثبتها الشافعي حين قال: «رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب».
عند غياب المنهجية تتوارى مقاصد الشريعة
وتابع المفتي أنه عند غياب هذه المنهجيَّة العلمية في دراسة الشرع الشريف، وغياب التَّكامل، وافتقاد الأدوات العلمية، فإنَّ مقاصد الشريعة تتوارى، ويتسلَّط الناس بأوهامهم على نصوص القرآن والحديث الشريف، ويستنبطون منهما معاني في غاية البعد والغرابة؛ فإذا بهم يُنتجون المفاهيم المشوَّشة، والأحكام المضطربة، التي تغيب معها أنوار الشريعة تمامًا، ويتحَل صاحب هذا المنهج المضطرب المختل إلى إنسان تتلاعب به أهواؤه ومشاعره، ويظنُّ في نفسه أنه الحكم المسلط على عقائد العباد وأديانهم، ويتعالى على عباد الله بما يظنه في نفسه من العلم، ويستبد بالفهم فلا يسمح لغيره أن يفهم من الشريعة الواسعة الرحيمة ما يخالف فهمه، وهو يظن في نفسه حينئذ أنه حامل الحقيقة وحده، يحتكرها لنفسه؛ وسبب ذلك كله غياب العلم، وعدم تكامله، والقفز إلى الإفتاء والاستنباط مع افتقاد الأدوات والمفاتيح.
ولفت إلى أن المسيرة الفقهية لأصحاب المذاهب هي حلقات متصلة، حيث إن الفصل الدقيق لا يكون مفيدًا إلا ببيان المنهجيات المميزة لكل مذهب، فمن المعروف أن بعض أصحاب هذه المذاهب قد تتلمذ على يد غيره.
وأضاف: «أن المذهبية الفقهية استطاعت عبر العصور أن تحتوي الجميع، وأن تصبغهم بصبغتها الوسطية الرافعة للحرج عن الأمة، الآخذة بيدها نحو كل ما هو يسير وسهل بفضل مسيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي نقلت لنا عن طريق الصحابة ثم التابعين في انسياب تام وتعاون ملموس».
المفتي: حياة الإمام الشافعي تدعوا للانبهار
وأشار المفتي إلى حياة الإمام الشافعي العلمية تلميذًا وعالمًا والتي تدعو للانبهار، فقد كانت رحلته في تعلم وتعليم العلم رحلة طويلة ومثمرة، فترك بصمة ظاهرة وواضحة في كلِّ مكان وصل إليه، وقد كان مرجعًا لعلوم العربية فضلًا عن الفقه، وكذلك الإمام مالك بن أنس لا يختلف في مسيرته العلمية عن باقي العلماء أصحاب الخبرة والمَلَكة الفقهية.
وأوضح مفتي الجمهورية أنَّه من ثراء التراث العلمي أن يختلف أتباع المذهب مع صاحب المذهب، وهو أمر طبيعي ليس مُبتدَعًا، وهو يدلُّ على سَعة الأفق والاجتهاد والسعي لتحقيق مراد الله من التيسير وليس لغرض التَّشهِّي أو حب الظهور.