بعد واقعة فيديو «حياة».. عقوبة ضرب الزوجات في القانون وحكم الشرع
اعتداء الزوج على زوجته
بين الحين والآخر، تشهد محاكم الأسرة ومواقع التواصل الاجتماعي قضايا تثير الجدل تتعلق باعتداء أحد الأزواج على زوجته، ومؤخرًا انتشرت واقعة الزوجة «حياة» التي استغاثت عبر فيديو تم تداوله على نطاق واسع، لإنقاذها من ضرب زوجها وبطشه حسب ما قالته في البث المباشر آنذاك، على حد قولها.
حكم ضرب الزوج لزوجته
ويعتبر حكم ضرب الزوج لزوجته، من الأسئلة الشائعة والتي تكثر بالتزامن مع أية واقعة جديدة، فهل يحق للرجل ضرب زوجته أم لا؟ وهل ضرب الزوج لزوجته وإهانتها حلال أم حرام شرعًا؟، ومع كثرة الأسئلة في هذا الشأن، جاء رد دار الإفتاء المصرية الذي حسم الأمر.
وقالت دار الإفتاء المصرية: الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
وأضافت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الإجتماعي فيس بوك، أنّ الشرعُ الشريف امر الزوج بإحسان عِشرة زوجته، حتى جعل النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حُسْن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» (رواه الترمذي).وقد حَثَّ الشرعُ على الرِّفْق في التعامل بين الزوج والزوجة، ودعا النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، إلى الرفق في الأمر كله؛ فقال: «إنَّ الرِّفقَ لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنْزَعُ مِن شيء إلا شانَه» (رواه مسلم).
الإفتاء: لم يرد عن النبي أنه أهان أو ضرب أحدًا من زوجاته
وتابعت الإفتاء، أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد أهان أو ضرب أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا، ...» (أخرجه مسلم).
وأكدت دار الإفتاء المصرية أنّ إهانة الزوج لزوجته واعتداءه عليها - سواء كان بالضَّرْب أو بالسب - أمر محرم شرعًا، وفاعل ذلك آثم، ومخالف لتعاليم الدين الحنيف، وبذلك يكون اعتداء الزوج على زوجته، أو ضرب الزوج لزوجته حرام شرعًا.
على جمعة: ضرب الزوجة مباح بفرشاة الأسنان
وفي السياق قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق، إن دعاة جواز الاعتداء على الزوجة والأولاد وتهديدهم وترويعهم لا علاقة له بالشريعة الإسلامية السمحاء، فالإسلام حث على خلاف ذلك، وجعل حسن معاملة الأزواج لزوجاتهم وأهليهم معيارًا للخيرية؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذي، موضحًا أن قوله تعالى عن ضرب النساء: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا﴾ [النساء: 34]، فلا يقصد بالضرب هنا إهانة الزوجة وإيذاؤها، بل هو لبيئة وثقافة معينةٍ تستحسن الضرب وسيلةً لعتاب الزوجة وإظهار عدم الرضا بسلوكها، ويكون تربيتًا باليد أو السواك أو فرشاة الأسنان ونحوها، فالغرض منه التنبيه لا الإيلام.
وتابع: ورد ذكر ضرب النساء في القرآن في موضع واحد في قوله تعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾، موضحًا أنّ النشوز مخالفة اجتماعية وأخلاقية تمتنع فيه المرأة عن أداء واجباتها، وتلك الواجبات هي حقوق الزوج.
تجريم ضرب الزوجة لزوجته: عقوبات تصل إلى الحبس
وشهدت قضية ضرب الزوج لزوجته حراكًا واسعًا تحت قبة البرلمان بعدما تم تقديم أكثر من مشروع قانون لتجريم ضرب الزوجات ومنعه، حيث أعلنت النائبة أمل سلامة، عن تقديم مشروع قانون يتضمن عقوبات مشددة على الزوج حال الاعتداء على زوجته.
وجاءت أبرز المواد في مشروع القانون، أنه تضمن تعديلات على نص المادة 242، من قانون العقوبات، تنص على أنه: "إذا حصل الضرب أو الجرح من الزوج لزوجته كانت العقوبة الحبس الوجوبي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات".
وجاء نص المادة 242، بعد التعديل، كالتالي: "إذا لم يبلغ بالضرب أو الجرح درجة الجسامة المنصوص عليها في المادتين السابقتَين يُعاقب فاعله بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز مائتي جنيه مصري، فإذا كان صادرًا عن سبق إصرار أو ترصد تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز ثلاثمائة جنيه مصري.
عقوبة ضرب الزوجة
وبحسب مشروع القانون، فإذا حصل الضرب أو الجرح باستعمال أية أسلحة أو عصي أو آلات أو أدوات أخري، وإذا حصل الضرب أو الجرح من الزوج لزوجته كانت العقوبة الحبس الوجوبي مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على خمس سنوات.
وتكون العقوبة السجن الذي لا تزيد مدته على خمس سنوات في الجرائم المنصوص عليها في المادة 242 إذا ارتكبت أي منها لتنفيذ غرض إرهابي.
وأدخل مشروع القانون نفس التعديل على المادة 243، من قانون العقوبات بإضافة فقرة: "وتكون العقوبة السجن الذي لا تزيد مدته على ثلاث سنوات إذا كان الضرب أو الجرح من الزوج لزوجته بواسطة استعمال أسلحة أو عصي أو آلات".