«مونت كارلو» الفرنسية: الأوروبيون طحنوا أجساد المومياوات المصرية للعلاج.. وباحث أثري يعلق
المومياوات المصرية متحف الحضارة .. تعبيرية
نشر موقع إذاعة مونت كارلو الفرنسية، تقريرا يستعرض لمحة عما وصفه بـ«أخطر الزوايا المظلمة في تاريخ القارة الأوروبية العجوز»، وتحديدا عن هوس أوروبا بالمواميات المصرية، بداية من القرن الثاني عشر وحتى القرن السابع عشر.
استخدام المومياوات للعلاج
واستعرض التقرير هذا الهوس الذي جعل الأوروبيون يستقدمون المومياوات المصرية المحنطة من مصر إلى أوروبا، والعمل على طحنها واستخدامها كمادة طبية للأثرياء والفقراء في آن واحد، لتصبح وصفة علاجية لمدة 500 عام.
وذكر التقرير الذي نشرته الإذاعة الفرنسية قيام الأطباء في تلك الفترة بوصف الجماجم والعظام واللحم المطحون لعلاج أمراض بداية من الصداع وصولا إلى مرض الطاعون.
وقال التقرير إن المومياوات المصرية الحقيقية لم تكن كافية في تلك الفترة لتلبية الطلب الكبير والمتزايد عليها، الأمر الذي جعل عددا من المصريين يصنعون المومياوات من جثث الفقراء من أجل إرسالها إلى أوروبا وتغطية العجز مقارنة بالطلب المتزايد على المومياوات الفرعونية، بحسب شهادات وثقها المؤرخون في تلك الفترة الزمنية.
طحن المومياوات واستخدامها «نشوق»
وتعليقاً عن هذا التقرير، أكد الدكتور أحمد صالح، الباحث الأثري والمتخصص في علم التحنيط، موضوع استخدام المومياوات المصرية في عدة أشكال من قبل الأووربيون، مشيراً إلى أن أوروبا في تلك الفترة كان تعاني من عصور الظلام وتخلف كبير ولم تكن بالشكل المتقدم والمنفتح الموجود في تلك الفترة.
وقال «صالح» في تصريحات لـ«الوطن»، إن الأوروبيين كانوا يستخدمون المومياوات المصرية بثلاث طرق إما بوضعها في محرقة القطارات كوقود، أو بطحنها وتحويلها إلى «نشوق» من خلال استنشاقها عن طريق الأنف لعلاج بعض الأمراض، أو من خلال طحنها واستخراج اللون البني منها وبيعها إلى الأوروبيين لاستخدامها في تلوين اللوحات الفنية.
حمى الإمبراطورية الفرنسية استخدمه لعلاج النوبات العصبية
وأضاف المتخصص في علم التحنيط، أن أحد أمراء أوروبا وهو والد زوج الإمبراطورية الفرنسية «كاثرين» كانت تصيبه نوبات عصبية وهيسترية كان لا يوقفها سوى ابتلاع مسحوق بودرة المومياوات المصرية.
وتابع «صالح» أن الرحالة والمؤرخ عبداللطيف البغدادي، ذكر في أحد كتبه في القرن الثاني عشر، أن الناس كانوا يبحثون عن المومياوات في المقابر ويغلونها حتى تتساقط جلودها ويجمعون الزيت الذي طفى على السطح المغلي، وكانوا يبيعونه للفرنسيين مقابل 25 قطعة من الذهب.
استخراج اللون البني من المومياوات لتلوين اللوحات الأوروبية
وأوضح «صالح» أن الموضوع لم يتوقف عند هذا الحد، حيث لجأ الفنانون الأوروبيون أيضاً إلى الاستفادة من المومياوات للحصول على المادة البنية التي سميت في ذلك الوقت باسم «كابوت مورتوم» وهي كلمة لاتينة تعني «رأس الميت» حيث كانوا يسحقن جلد الوجه للحصل على اللون البني واستخدامه في لوحاتهم.
وكشف «صالح» أنه من كثرة الطلب على استخدام المومياوات المصرية، فإن عدد المومياوات التي تم إخراجها من مصر إلى أوروبا تخطى المليون مومياء وتحديدا مومياوات القطط.
وأكد المتخصص في علم التحنيط، أن المومياوات المصرية، مرت بعدة مراحل، مرحلة الرعب والخوف من الجسد الميت، ثم مرحل استغلال المومياوات بشكل اقتصادي مثل طحنها وبيعها والحصل على نقود من خلال بيعها لأوروبا، والمرحلة الثالثة التي بدأت في القرنين الـ18 والـ19 وهي قصة لعنة الأجساد أو ما يطلق عليها «لعنة الفراعنة» والتي كانت سبباً في حماية المتبقي من المومياوات.